أخبار السياسة المحلية

أزمة السودان.. هل تطفئ زيارة آبي أحمد لهيب الحرب؟

بورتسودان – صقر الجديان

بعدما وصلت الحرب في السودان إلى مستويات غير مسبوقة من العنف والدمار، وقتلت الآلاف وشردت الملايين، كان لزاما أن تبدأ تحركات إقليمية ودولية لوقف النزيف المستمر.

وفي زيارة تعتبر الأولى منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023، وصل رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الثلاثاء، إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، في زيارة رسمية، لتقييم الأوضاع وكيفية الوصول إلى حل سلمي ينهي الأزمة الممتدة.

وعلى الفور انخرط رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في جلسة مباحثات مشتركة بالقصر الرئاسي، تناولت الروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين.

وقال البرهان، وفق بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة السوداني، اطلعت عليه “العين الإخبارية”، إن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي “تأتي للدلالة على عمق العلاقات بين شعبي البلدين، وامتداد صدق القيادة الإثيوبية وحسن نواياها تجاه السودان”.

وقدَّم البرهان شرحا لرئيس الوزراء الإثيوبي حول الوضع في السودان على خلفية الحرب التي تقودها قوات “الدعم السريع”، ضد الدولة ومؤسساتها.

واتهم قوات “الدعم السريع”، بارتكاب جرائم وفظائع ضد الشعب السوداني ودمرت البنية التحتية للدولة واستهدفت المؤسسات القومية.

وأكد البرهان، حرص السودان على تطوير مجالات التعاون مع إثيوبيا وذلك لخدمة المصالح المشتركة لشعبي البلدين.

الأصدقاء وقت الشدة

من جانبه قال رئيس الوزراء الإثيوبي، وفقا للبيان الرسمي، إن زيارته للسودان تأتي للتضامن مع الشعب السوداني، وأن الأصدقاء الحقيقيون يظهرون وقت الشدة.

وأوضح أن الزيارة جاءت لتأكيد وقوف إثيوبيا حكومة وشعبا مع السودان، وبمثابة رسالة تضامن مع شعب السودان في محنته.

وأضاف قائلا: “هذه الحرب ستنتهي وستبقى العلاقات بين البلدين راسخة ووطيدة”.

كما أشار إلى أهمية السلام باعتباره أساس التنمية، وأكد أن مشكلات الدول يجب أن تحل داخليا دون تدخل خارجي.

وسبق وأن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/ أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.

وأفلح منبر جدة إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/ كانون الأول 2023.

مناقشة ملفات أخرى

وأبلغت مصادر دبلوماسية “العين الإخبارية”، أن البرهان وآبي أحمد، ناقشا ملف توتر الأوضاع على الحدود المشتركة، وتوغل عصابات إلى أراضي منطقة “الفشقة” الحدودية.

وتبلغ مساحة الفشقة نحو مليوني فدان، وتمتد لمسافة 168 كلم مع الحدود الإثيوبية من مجمل المسافة الحدودية لولاية القضارف مع إثيوبيا، البالغة حوالي 265 كلم.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020 فرض الجيش السوداني سيطرته على أراضي الفشقة بعد أن كانت تستولي عليها ما قالت الخرطوم إنها “عصابات إثيوبية”، بينما تتهم أديس أبابا السودان بالسيطرة على أراضٍ إثيوبية، وهو ما ينفيه السودان.

ويطالب السودان بوضع العلامات الحدودية مع إثيوبيا بناء على اتفاقية 15 مايو/أيار 1902 التي وقعت في أديس أبابا بين إثيوبيا وبريطانيا (نيابة عن السودان)، وتوضح مادتها الأولى الحدود الدولية بين البلدين.

اجتماعات الاتحاد الأفريقي

وحسب المصادر الدبلوماسية فإن المباحثات المشتركة، ناقشت بالتفصيل إمكانية نجاح الاجتماع الذي يعقده الاتحاد الأفريقي مع القوى السياسية والمدنية يومي (10 -11) يوليو/تموز الجاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

كما ناقش الاجتماع المشترك، قمة الاتحاد الأفريقي حول السودان في 15 يوليو/تموز الجاري، وإمكانية فك تجميد عضوية السودان .

وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمر الاتحاد الأفريقي، بتعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته “بأثر فوري”، على خلفية “استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية.”

وأشارت المصادر الدبلوماسية، أن المباحثات تطرقت بالتفصيل إلى ضرورة وقف الحرب، والعودة إلى التفاوض في منبر جدة، وعقد اللقاء المشترك بين رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات “الدعم السريع”، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بناء على دعوة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في اجتماعه (1218) الذي عقد في يونيو/حزيران الماضي على مستوى رؤساء الدول والحكومات.

حجم الكارثة الإنسانية

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.

وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.

وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان. وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.

ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى