أخبار السياسة المحلية

أطباء السودان.. مهمات إنسانية تحت أزيز الرصاص (تقرير)

يعيش أطباء السودان معاناة مضاعفة بين ويلات الاشتباكات المسلحة ونداء الضمير الذي يحتّم عليهم مواصلة أداء دورهم دون انقطاع لإنقاذ الضحايا والمصابين، في بيئة عمل تفتقد الأمان ووسط ظروف متردية ناتجة عن تدهور النظام الصحي.

الخرطوم – صقر الجديان

في ظل استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ أبريل/ نيسان الماضي، يعمل الأطباء في ظروف بالغة التعقيد، مع توقف الرواتب الشهرية، إضافة إلى انهيار القطاع الصحي بأكمله.

لكن رغم هذه التحديات، يستمر الأطباء السودانيون في تأدية واجبهم في رعاية المرضى، ومصابي الاشتباكات المسلحة.

وبحسب نقابة أطباء السودان (غير حكومية)، توقفت نحو 60 مستشفى عن العمل من أصل 88 كانت تعمل في مناطق الاشتباكات.

وبينما أكدت النقابة أن 28 مستشفى تعمل الآن بشكل كامل أو جزئي وبعضها يقدم خدمات إسعافية، إلا أنها حذرت في المقابل من أنها مهددة أيضا بالإغلاق نتيجة نقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والإمدادات المائية والكهرباء.

ووفقا للنقابة، تعرضت 17 مستشفى للقصف، بينما أخليت 20 مستشفى قسرا، دون تحديد الجهة التي أخلت المستشفى.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح أي هدنة في إيقافها، ما خلف 5 آلاف أغلبهم مدنيون وأكثر من 12 ألف جريح، بحسب الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي -المستقيل-، فولكر بيرتس، أمام مجلس الأمن الدولي في 13 سبتمبر/أيلول الجاري.

فيما أكدت الأمم المتحدة في بيانات سابقة أن هناك أكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.

ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

**العمل بكفاءة رغم الكارثة

وبرصد الأوضاع في مستشفيات السودان، تحظى مستشفيات جنوب العاصمة الخرطوم، بوضع أفضل مقارنة بنظيراتها في أماكن أخرى بالبلاد، لكنها لا تزال تعمل بإمكانيات أقل، وأبرزها “المستشفى التركي” بضاحية الكلاكلة، ومستشفيات “الفؤاد الخاص” و”بشائر الحكومي” و”الرازي”.

وأفادت مصادر طبية، في تصريحات للأناضول، بأن المستشفى التركي “يعمل بكفاءة عالية رغم ظروف الحرب، ويقدم خدماته للمصابين جراء الاشتباكات المتواصلة”.

وأضافت أن الأطباء “يعملون بهمة عالية، من أجل تقديم أفضل خدمة لمرضى الحالات الباردة (بينها نزلات البرد والنزلات المعوية)، ومصابي الاشتباكات المسلحة”.

وفي أواخر أغسطس/ آب الماضي، أدى تجدد الصراع العنيف بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” بمدينة الأبيض، بولاية شمال كردفان (جنوب) إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.

وكانت نقابة أطباء السودان أكدت أن اندلاع المعارك في الأبيض، أدى إلى سقوط قذيفة بالمستشفى الكويتي للأطفال، والاعتداء على المستشفى وسرقة سيارات المستشفى وخزينة المالية وترويع المرضى والمرافقين، ما أدى الى خروجه عن العمل بسبب تلك المواجهات المسلحة، آنذاك.

ورغم هذه الأوضاع المتردية، قالت مصادر طبية من داخل مستشفى الأبيض، للأناضول، إن “الأطباء يعملون دون تذمر لتلبية احتياجات المرضى، رغم التحديات التي تواجههم والمتمثلة في العمل لساعات طويلة دون رواتب”.

** تكدس الإصابات

وفي السياق، أصبح النظام الصحي في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، يترنح وآيل للسقوط في أي وقت، جراء نقص الكوادر الطبية والإمداد الدوائي، والضغط المتزايد الناتج عن تكدس الإصابات إثر الاشتباكات المسلحة.

وفي 8 يونيو/ حزيران الماضي، ذكرت نقابة أطباء السودان أن الهجمات المسلحة بمدينة الجنينة تأتي في ظل “وضع إنساني وأمني كارثي”.

وقالت النقابة في بيان، آنذاك، إن الخدمات الطبية في المدينة التي يقطنها نحو مليون شخص “انهارت منذ مايو/ أيار الماضي، وإن أسباب الحياة انقطعت” مع عدم توافر الغذاء والدواء والماء والاتصالات.

ومن جهته، قال عامر مصطفى، وهو طبيب بمستشفى الجنينة إن الأخيرة “تعاني نقصا حادا في الكوادر الطبية والأدوية، بسبب تكدس المرضى”.

وأضاف في حديثه للأناضول: “الوضع الصحي داخل المستشفى في تدهور مستمر، جراء الإصابات الناتجة عن الحرب”.

وأوضح أن الأطباء يعملون في ظروف “بالغة التعقيد، ورغم عدم توفر البيئة المناسبة لمواصلة العمل، لكنهم يؤدون واجبهم دون كلل أو ملل”.

وعلى هذا النحو، تعاني مستشفيات مدينة الفولة بولاية غرب كردفان، ومستشفى نيالا بولاية جنوب دارفور، حيث تعيش المستشفيات أوضاعا كارثية، جراء نقص الطواقم الطبية والدواء، فاقمت من الأوضاع الإنسانية.

وفي حديث للأناضول، أكدت هدى مصطفى، وهي كادر طبي بمستشفى نيالا إن النظام الصحي بالمستشفى “على وشك الانهيار جراء نقص الكوادر الطبية وانعدام الأدوية”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى