إخوان السودان والعودة.. قيادي بـ«الحرية والتغيير» يرسم حدود الوهم
الخرطوم – صقر الجديان
يتسللون عبر ثغرات الأحداث ويتسلقون هوامش الأزمات ينشدون مطية تعيدهم لحكم غادروه بفيتو غضب شعبي وضع نقطة نهاية لعقود من التطرف.
وهْم يساور إخوان السودان كما في غيره من الدول التي اختبرت مرارة حكم التنظيم، يقشعه القيادي بقوى “الحرية والتغيير” محمد الفكي سليمان.
وفي مقابلة نشرتها «العين الإخبارية»، أكد الفكي، وهو عضو سابق بمجلس السيادة السوداني، أن فرصة الإخوان «صفر» للعودة للحكم عبر الخيار الديمقراطي.
وأضاف: “لذلك لم ينتظر الإسلاميون (الإخوان) الوصول إلى خاتمة الفترة الانتقالية ودبروا انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول بالتحالف مع الشق العسكري في الحكومة الانتقالية”.
وتابع: “لكن المفاجأة التي ألجمتهم هي المقاومة الباسلة لجموع السودانيين الذين أكدوا أنهم على استعداد للاستمرار في خط المقاومة حتى النهاية من أجل دولة ديمقراطية عادلة”.
ولفت إلى أنه في تلك المرحلة، “بدأ معسكر الانقلاب في التفكك وأصبح الاتفاق الإطاري أمرا واقعا فذهب الإسلاميون مباشرة للخطة الثانية وهي إشعال الحرب التي كانوا يظنون أنها ستكون خاطفة وستنتهي بسحق القوى الديمقراطية، ولكن هذا لم يحدث والنتيجة تدمير مقدرات البلاد في كافة الأصعدة.”
ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، يعاني السودان أزمة حادة جراء إعلان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها “انقلابا عسكريا”.
وردا على اتهامه بتنفيذ “انقلاب عسكري”، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقالي الديمقراطي، وإنه اتخذ هذه الإجراءات “لحماية البلاد من خطر حقيقي”، متهمًا قوى سياسية بـ”التحريض على الفوضى”.
في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقّع المكون العسكري “اتفاقا إطاريا” مع القوى المدنية، بقيادة قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق)، وقوى سياسية أخرى (الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، المؤتمر الشعبي)، ومنظمات مجتمع مدني، بالإضافة إلى حركات مسلحة تنضوي تحت لواء (الجبهة الثورية) لبدء مرحلة انتقالية تستمر لمدة عامين.
والاتفاق الإطاري شاركت في مشاوراته الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”)، والرباعية المكونة من (الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات).”
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في 21 أغسطس/آب 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.
الحل سياسي
في معرض حديثه عن إمكانية نجاح جولة المفاوضات الحالية في مدينة جدة السعودية، أكد الفكي أن وقائع المعارك وطول أمد الحرب وآثارها غير المنظورة للطرفين والخطاب الاستقطابي الحاد الذي أنتجته، أوضحت أن الحل في خاتمة المطاف سيكون سياسيا.
ولفت إلى أن “تأجيله المستمر يزيد التكلفة الإنسانية والاقتصادية والسياسية: 7 ملايين نازح داخلي كأكبر رقم في التاريخ الحديث ودمار كامل للبنية التحتية وعلى رأسها البنية الصناعية”.
وشدد على أن “جدة هي المكان الأنسب للبدء في تسوية هذا الخلاف، وإكماله بعملية سياسية تنهي حروبنا في السودان للأبد”.
وأعلنت السعودية، الأسبوع، استئناف المحادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة.
وقالت الخارجية السعودية في بيان، “المحادثات ستتركز على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة، وإمكانية التوصل لوقف دائم للأعمال العدائية”.
وقبل أشهر، انبثقت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش و”الدعم السريع” في جدة عن أول اتفاق بينهما حمل اسم “إعلان جدة”، وشمل التزامات إنسانية وشروط حاكمة تطبق فورًا.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت السعودية والولايات المتحدة، في بيان مشترك، تعليق محادثات جدة بين أطراف الصراع في السودان، نتيجة “الانتهاكات الجسيمة والمتكررة” لوقف إطلاق النار.
واتهمت الدولتان طرفيّ النزاع بأنهما “يدّعيان تمثيل مصالح الشعب السوداني، لكن أفعالهما زادت من معاناته وعرّضت الوحدة الوطنية والاستقرار الإقليمي للخطر”، وفق البيان آنذاك.
وقف إطلاق النار
بالمقابلة نفسها، قال الفكي: “نعمل بكل أدواتنا المدنية من بينها التواصل مع الأطراف المتقاتلة وحثهم على وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى العمل الدبلوماسي مع محيطنا الإقليمي والدولي وكل جهودنا في اتجاه وقف الحرب واستعادة المسار المدني”.
وأشار إلى أنه “بسبب خطابنا تعرضنا لتخوين منتظم لدفعنا لخيار الانحياز للأطراف المتحاربة لكن بالصبر ووضوح الرؤية بدأ خطاب وقف الحرب على طاولة التفاوض ينتصر وهو الآن الخطاب الراجح”.
وشدد على أن “الحل يجب أن يرتكز على قاعدة سياسية واجتماعية كبيرة وطالما أدركوا خطأ الحل الحربي فإن معسكر السلام يتسع للجميع.”
جولة تفاوض صعبة
بحسب الفكي، فإن “هذه الجولة من التفاوض مختلفة، لن تكون سهلة ولكن كل المعطيات تشير إلى أنها ستكون فارقة في مسار الحرب ومطلوب منا جميعا ليس الجلوس في مقاعد المتفرجين بل العمل على تعزيز خطاب طي صفحة الحرب وتعزيز الحل السياسي واستعادة المسار المدني.”
وأكد أن “المسار السياسي هو الذي سيحدد ذلك وعلينا جميعا تحمل مسؤولية الحل لأنه سيكون باهظا على كل الأطراف، فإذا أردنا أن تكون هذه الحرب آخر الحروب فعلينا واجب سياسي كبير يجب القيام به.”
وقال موضحا الجزئية الأخيرة: “يجب أن نعمل على وقف الحرب مهما كان الثمن لأنها ستفتح البلاد على سيناريوهات أكثر قسوة وتهدد وحدتها وتزيد من التدخل الأجنبي.”
وختم بالقول: “نحن نعمل بأدوات السياسة والعمل المدني المكثف على تلافي الوصول لهذه النقطة لما فيها من تهديد لمستقبل السودان ووحدته”.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وملايين النازحين داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.