أخبار السياسة المحلية

إريتريا: طريق إمداد جديد لقوات البرهان

وكالات – صقر الجديان

ظهرت إريتريا مؤخرًا كبوابة جديدة لتهريب الأسلحة إلى القوات الحكومية المتمركزة في بورتسودان، بحسب تقارير إعلامية كشفت عن وصول شحنة دعم عسكري تشمل أنظمة مضادة للطائرات، وبراميل متفجرة، وقطع غيار.

وجاء ذلك في أعقاب تقارير تحدثت عن زيارة رئيس الاستخبارات السودانية الأسبق، صلاح قوش، إلى إريتريا في 16 مايو، ولقائه بالرئيس الإريتري أسياس أفورقي. ووفقًا للمصادر، اتفق الطرفان على استخدام العاصمة أسمرا كواجهة لشراء الأسلحة لصالح قوات بورتسودان والميليشيات المتحالفة معها، من خلال استغلال الموانئ الإريترية لنقل تلك الأسلحة.

ويُعرف صلاح قوش بدوره البارز في صفقات السلاح والتهريب، وغالبًا ما يُشار إليه بلقب “الرجل القوي في السودان” بفضل تاريخه الطويل في خدمة نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. ومنذ سقوط النظام في 2019، تنامت نفوذه من جديد، بدعم من تحالفه مع قوات عبد الفتاح البرهان ودوره كوسيط في شبكات تهريب السلاح.

وتشير المعلومات إلى أن طائرات مسيّرة تركية وإيرانية يجري إيصالها إلى بورتسودان عبر مطار أسمرا في إريتريا، حيث أظهرت التقارير زيادة في الدعم التركي والإيراني لقوات البرهان، بما في ذلك طائرات “بيرقدار TB2” التركية وطائرات “مهاجر-6” الإيرانية القادرة على حمل قنابل موجهة بدقة.

وقد وصلت بالفعل شحنة عسكرية من إريتريا إلى بورتسودان، تشمل أسلحة مضادة للطيران وبراميل متفجرة وقطع غيار، في خرق واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر تزويد أي طرف في النزاع السوداني بالأسلحة.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، تحولت إريتريا إلى مسار إمداد حيوي لدرجة أن التجار لم يعودوا قادرين على تلبية الطلب المتزايد، بحسب تقرير سابق لوكالة “فرانس برس”. وبينما كانت هذه العمليات تُدار في البداية بشكل غير رسمي بين قوات بورتسودان والمهربين، فقد انتقلت خلال العامين الماضيين إلى مستوى أكثر رسمية.

ولا يقتصر التعاون المتنامي بين السلطات الإريترية والحكومة الفعلية في السودان على نقل الأسلحة واستخدام الموانئ، بل يشمل تطورات سياسية وعسكرية متسارعة. إذ كشفت تقارير إعلامية عن أن قوات البرهان نقلت طائرات حربية إلى أسمرا كإجراء احترازي بعد سلسلة من الهجمات بالطائرات المسيّرة على مواقع عسكرية ومدنية في بورتسودان منذ 4 مايو.

وجاء قرار البرهان بنقل الطائرات عقب قصف جوي مكثف، ما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير لحماية الأصول العسكرية وسط مخاوف من تصعيد محتمل، لا سيما بعد التقدم الميداني الكبير الذي حققته قوات الدعم السريع مؤخرًا.

وتعكس هذه التطورات الدعم المتزايد من جانب إريتريا لقوات البرهان، بما في ذلك نشر سفن حربية على الساحل السوداني واستضافة مقاتلات سودانية في المطارات الإريترية. كما أفادت تقارير بأن إريتريا تقوم بتدريب آلاف المقاتلين من الحركات المسلحة الدارفورية، والذين انضموا لاحقًا إلى ما يعرف بـ”القوة المشتركة” التي تقاتل إلى جانب قوات بورتسودان في كردفان ودارفور.

ومن المتوقع أن تؤدي هذه التطورات إلى زيادة التوتر بين إريتريا وإثيوبيا، حيث تصر أديس أبابا على “حقها المشروع” في الوصول إلى البحر الأحمر، وخاصة عبر ميناء عصب الإريتري، وهو ما تعتبره أسمرا “رمزًا للسيادة الوطنية” وترفض التفاوض بشأنه.

وكان تصعيد مماثل قد وقع في يوليو 2024، عندما نشرت إريتريا سفنًا بحرية على الساحل السوداني، وهو ما اعتبرته إثيوبيا استفزازًا خطيرًا أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية.

وقد تعززت العلاقات بين أسمرا وحكومة بورتسودان بشكل ملحوظ خلال عامي النزاع، إذ زار البرهان إريتريا عدة مرات، كانت آخرها زيارة غير معلنة في أبريل الماضي.

ويرى مراقبون أن وجود القوات البحرية الإريترية في بورتسودان في هذا التوقيت الحرج يشير على الأقل إلى دعم رمزي للجيش السوداني في معركته ضد قوات الدعم السريع.

وفي الوقت ذاته، تواصل قوات بورتسودان تخزين الأسلحة بكميات ضخمة. وكانت تقارير سابقة قد كشفت أن جيش البرهان يسعى بنشاط للعثور على مواقع “آمنة” لتخزين الكميات الكبيرة من الأسلحة التي جمعها في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك دبابات وطائرات مسيّرة وصواريخ، كثير منها تم توفيره عبر الحرس الثوري الإيراني.

وتؤكد عدة تقارير أن قوات بورتسودان قامت ببناء أنفاق داخل قواعد عسكرية عدة، لحماية الأسلحة الاستراتيجية والطائرات المسيّرة التي تم الحصول عليها مؤخرًا، وتشمل أنظمة دفاع متطورة ومعدات مراقبة وتقنيات رادار جلبها البرهان لمواجهة هجمات الدعم السريع بالطائرات المسيّرة.

وتهدف الأنفاق الجديدة إلى تأمين الترسانة الاستراتيجية للجيش لعقود، وتوفير تخزين منهجي محكم، وتعزيز الأمن، خصوصًا بعد أن تكبّد الجيش خسائر كبيرة في مستودعاته العسكرية إثر اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى