“الإخوان” تسمم المشهد السوداني.. كيف تسلل الفلول لمحفل رسمي؟
الخرطوم – صقر الجديان
لأول مرة منذ إبعادهم عن السلطة، تمكنت عناصر إخوانية السبت، من التسلل لقاعة الصداقة بالخرطوم وحضور محفل سياسي تحت لافتة “الثورة”.
وطرح وجود الإخوان في مراسم توقيع ميثاق سياسي لتكوين ائتلاف موازٍ للحرية والتغيير، كثيرا من التساؤلات لدى المهتمين بالشأن السوداني، وسط تشكيك في نوايا وتوجهات التكتل الجديد.
لكن التحالف السياسي الجديد الذي يضم في طياته 16 تنظيماً (حركات مسلحة موقعة على اتفاق السلام وقوى سياسية)، ينفي بشدة أن يكون قدم دعوات للإخوان لحضور الاحتفال.
وشدد على أن التكتل الجديد يهدف لتوسيع مشاركة قوى الثورة واستيعاب الذين تم إقصاؤهم، باستثناء جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها في العهد البائد.
غير أن ادعاءات القائمين على أمر التحالف الجديد تبدو غير مقنعة بالنسبة لكثير من الفاعلين في المشهد السوداني، لطبيعة القيادات الإخوانية التي حضرت احتفال قاعة الصداقة.
وبحسب شهود، فقد حضر احتفال تدشين التحالف الموازي لقوى الحرية والتغيير “الائتلاف الحاكم”، الإخواني عبدالوهاب أحمد سعد وهو الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الذي كان يتزعمه الأب الروحي للجماعة الإرهابية بالسودان الراحل حسن الترابي، والقيادي بحزب المؤتمر الوطني المعزول صديق ودعة، والزعيم القبلي المحسوب على الحركة الإسلامية السياسية موسى هلال، وعدد من الرموز الإخوانية من الصفين الثاني والثالث.
ولم تحتضن الفعالية الإخوان فحسب، بل حلفاء التنظيم الإرهابي في السلطة، وبينهم رئيس السلطة الإقليمية للدارفور سابقاً التجاني السيسي وعبدالله علي مسار وهو وزير وبرلماني سابق، وفضل السيد شعيب أحد أبرز الذين دعموا مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الرئيس السوداني المعزول في آخر سنوات حكمه.
ويقول محمد حسن هارون المسؤول الإعلامي لحركة جيش تحرير السودان قيادة مني أركو مني، أحد أبرز المكونات الموقعة على الميثاق الجدد، لـ”العين الإخبارية”، إنهم لم يقدموا أي دعوات للفلول للمشاركة في تدشين الائتلاف الجديد، وتابع” لم نكن نستهدفهم بتوسعة المشاركة المنشودة”.
وأضاف هارون: “نحن نتبع نهجا ديمقراطياً وكانت قاعة الاحتفال مفتوحة لكافة السودانيين، ولم نتعمد تفحص الذين دخولها عند الأبواب، لكن على أية حال إعلاننا السياسي الجديد لا يشمل الفلول”.
وتابع “نحن نرغب في تصحيح مسار الثورة وإنهاء اختطافها من قبل مجموعة صغيرة بتوسيع المشاركة واستبعاد كافة القوى التي تم إقصاؤها من لجان مقاومة وعائلات شهداء وغيرهم باستثناء الفلول وحلفائهم”.
وشدد هارون على أن “الترويج لمشاركة فلول الإخوان في الإعلان السياسي مجرد (فرفرة) مذبوح من قبل المجموعة التي اختطفت الثورة”.
وأضاف: “نرغب في توسيع ماعون المشاركة من أجل خدمة عملية الانتقال الديمقراطي في بلادنا، ونريد أن تدار البلاد عبر المؤسسات وليس مجرد لجان، كما يحدث بلجنة التفكيك، إنها خطأ كبير”.
ووقع الميثاق 16 كيانا، أبرزها: حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم وحركة تحري كوش برئاسة أسامة دهب، إضافة إلى رئيس التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية علي عسكوري ورئيس البعث السوداني يحيى الحسين، علاوة على نائب رئيس حزب الأمة إبراهيم الأمين الذي غادر حفل التوقيع احتجاجا على حضور عناصر من النظام المعزول، وفق شهود.
ويؤكد أصحاب الميثاق، التمسك بوحدة الحرية والتغيير واستعادة الدولة المدنية الديمقراطية وإعادة هيكلتها وتنفيذ اتفاق السلام، ويشددون على أنه ضامن لاستقرار البلاد.
ووضع الميثاق عددا من الأهداف من بينها العمل على تحقيق نظام فيدرالي والمشاركة في عملية صناعة وبناء الدستور والتأكيد على وحدة وبناء الجيش والاهتمام بقضايا المجموعات المهمشة.
ردة فعل مشوهة
واعتبر المحلل السياسي السوداني عمرو شعبان أن الميثاق الذي جرى توقيعه السبت، يمثل ردة فعل مشوهة لحالة عدم التوافق بين مكونات قوى الحرية والتغيير من هم يدعون للإصلاح والمجموعة الأخرى، لافتاً إلى أن عناصر من النظام المعزول يفضح نوايا التحالف الجديد.
وأوضح شعبان في حديثه لـ”العين الإخبارية” أن الميثاق السبت، جرى توقيعه بين مجموعة منشقة عن اللجنة الفنية التي كانت تقود مجتمعة عملية إصلاح الحرية والتغيير وهي التي كانت تناهض المجلس المركزي الذي يسيطر على قرارات التحالف الحاكم.
وأشار إلى أن القياديين إبراهيم الأمين وعادل المفتي وهما من المؤسسين لمبادرة إصلاح الحرية والتغيير انسحبا من توقيع ميثاق اليوم، احتجاجا على وجود عناصر إخوانية بقاعة الفعالية، وهو ما يشكل خصما على التحالف الجديد.
وتوقع المحلل السياسي السوداني فشل هذا الميثاق في الحصول على التأييد الشعبي نسبة لظهور فلول الإخوان وحلفائهم في فعالية توقيعه، فالشارع السوداني انطباعي ويكره الحركة الإسلامية السياسية حد النخاع.
والقوى السياسية والحركات التي وقعت ميثاق السبت، هي نفسها شاركت في توقيع إعلان الحرية والتغيير عام 2019، مع تجمع المهنيين بالسودان، ولكن بعد عزل نظام الإخوان ضربت خلافات حادة هذا التحالف وتقسم إلى تكتلات.
وتأتي هذه التحركات في أعقاب توترات شابت علاقة شركاء الحكم الانتقالي من الطرفين المدني والعسكري، والتي وصلت إلى مراحل حرجة، قبل أن يعود الهدوء للمشهد السوداني مجدداً.
وشهدت الأيام القليلة الماضية خلافات بين شركاء الحكم العسكريين والمدنيين في السودان، وذلك مع اقتراب انتقال رئاسة مجلس السيادة للمكون المدني، والمقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وفقا للوثيقة الدستورية بالسودان.