السودان يدعو مجلس الأمن للعمل على ملء وتشغيل سد النهضة عبر اتفاق ومصر تقول إنها ستدافع عن الحق في البقاء
نيويورك – صقر الجديان
دعا السودان مجلس الأمن الدولي للضغط في اتجاه ملء وتشغيل سد النهضة عبر اتفاق قانوني مُلزم، فيما قالت مصر إنها ستدافع عن حق شعبها في البقاء حال أصرت إثيوبيا على موقفها.
وعقد مجلس الأمن الدولي، ليل الخميس، جلسة طارئة بحث فيها تطورات فشل عملية التفاوض الخاصة بالتوصل وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادقلاتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الضخم.
وقال وزيرة خارجية السودان، مريم الصادق، في خطابها لأعضاء مجلس الأمن؛ إن “المطلوب منكم دعم مسار التفاوض المتعثر بأن يتم ملء وتشغيل النهضة بناءًا على اتفاق قانوني مُلزم”.
وأشارت إلى أن صمت مجلس الأمن عن الملء الثاني الآحادي المضر بمصلحة السودان يُرسل خاطئة بأنه “أمر مقبول وستكون له مآلات وخيمة”.
وأخطرت أديس أبابا في 5 يوليو الجاري عن قرارها بإجراء الملء الثاني لخزان سد النهضة في موسم الأمطار الحالي، وهو ملء يُقدر بـ 13.5 مليار متر مكعب من المياه.
وقالت مريم أن ملء وتشغيل سد النهضة دون توقيع اتفاق يُحول فوائده المتمثلة في الوقاية من الفيضانات وانسياب جريان المياه بصورة منتظمة طوال السنة؛ إلى “مخاطر حقيقية على نصف سُّكان السودان”.
وأفادت بأن السد الضخم يمكن أن أداة تعاوني إقليمي بين الدول الثلاث، فالسودان يملك أراضي زراعية وإثيوبيا تُوفر الكهرباء ومصر لديها إمكانيات صناعة تحويلية.
ويتمسك السودان بإلزامية اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة فيما تصر إثيوبيا على التوصل لـ”قواعد إرشادية”.
وقالت مريم الصادق إن السودان يتمسك باتفاق قانوني مُلزم لحماية الأمن البشري والأمن الاستراتيجي والسدود.
وأضافت: “وجود سد ضخم مثل سد النهضة بسعة 74 مليار متر مكعب على بُعد بضعة كيلومترات من الحدود السودانية، ومن غير تنسيق في إجراءات السلامة مع مجتمعات أدنى السد يُشكل خطوة مباشرة عليهم”.
وأشارت إلى أن سد النهضة سيغير طرق معيشة ملايين السودانيين الذين يعتمدون بصورة أساسية على الزراعة الفيضية على ضفاف نهر النيل وروافده، حيث أنه سيقلل مساحة هذه الزراعة بنسبة 50%.
وتابعت: “لا يمكننا قبول أن تستخدم طريقة ملء وتشغيل سد النهضة في ترويع حياة ملايين المواطنين والحط من كرامتهم وإهدار كرامتهم”.
وأكدت الوزيرة على إثيوبيا قررت في نوفمبر الفائت ققل سد تكزي على نهر ستيت الذي ينبع من إثيوبيا، مما “جفف كثير من الأراضي أسفل النهر”، وهي أراضي زراعية تقع داخل السودان.
وفي يوليو 2020، أجرت إثيوييا عملية الملء الأول لبحيرة سد النهضة، بصورة أحادية، مما تسبب في انخفاض مناسيب النيل الأزرق وخروج محطات مياه الشرب عن الخدمة في العاصمة الخرطوم أكثر من ثلاث أيام.
وقالت وزيرة الخارجية إن إثيوييا “عرضت لنا بوضوح كيف تتصرف إزاء المواطنين السودانيين في حال عدم وجود اتفاق قانوني ملزم، حيث أنها تستعمل قدرتها المنفردة في إدارة السدود المقامة على أراضيها في تهديد أمن وسلامة المواطن السوداني”.
وأشارت مريم إلى أن سد الرصيدص القريب جدًا من سد النهضة يروي 70% من مشاريع السودان الزراعية المروية، وهو مع السدود الأخرى، يقوم بتوليد 40% من كهرباء البلاد.
وأضافت: “إذا لم تتوفر المعلومات بصورة منتظمة عن كيفية ملء وتشغيل سد النهضة، فإن سلامة سد الرصيدص تكون في خطر كبير، كما أن قدرته على توليد الكهرباء وتوفير المياه للمشاريع الزراعية المروية تكون عرضة للضياع والفشل”.
ووصلت جولات تفاوض استمرت لنحو 10 سنوات إلى طريق مسدود في توصل الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا إلى اتفاق قانوني مُلزم لملء وتشغيل سد النهضة العملاق.
وأبدت مريم الصادق أملها في قيام مجلس الأمن الدولي بتعزير مسار التفاوض الذي يرعاه الاتحاد الأفريقي، مع اضطلاع المراقبين بدور الوساطة.
وترفض إثيوبيا منح الاتحاد الأفريقي دور الوساطة في عملية التفاوض بين الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا، فيما يطالب السودان قيامه بوساطة معززة بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا.
بدوره، طالب وزير خارجية مصر سامح شكري، أعضاء مجلس الأمن الدولي بتنبي مشروع قرار سنته تونس وهي عضو غير دائم في المجلس.
وينص مشروع القرار على منع إثيوبيا من القيام بالملء الثاني لخزان سد النهضة بصورة آحادية، ودعوة الأطراف لاستئناف التفاوض للتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم في غضون 6 أشهر.
وقال الوزير المصري إنه في “حال أصرت إثيوبيا على موقفها فليس أمامنا سوى الدفاع عن حق شعبنا في البقاء بكل السبل المتاحة”.
وتختلف الدول الثلاث في قضايا قانونية تتمثل في إلزامية الاتفاق وآلية فض النزاع وتقاسم المياه، إضافة لقضايا فنية تتعلق بسنوات الملء في مواسم الجفاف والجفاف الممتد.
وفي ذات السياق، بعث وزير الري السوداني ياسر عباس رسالة إلى نظيره الإثيوبي بيكيلي سيليشي، قال فيها أن قرار الملء الثاني لخزان سد النهضة في موسم الأمطار الحالي يُشكل تهديدًا لبلاده.
وقال ياسر عباس إن “المعلومات التي قدمتها إثيوبيا بشأن الملء الثاني ليست ذات قيمة تذكر بالنسبة للسودان”.
وأفاد بأن التدابير التي اتخذها للسودان للحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية المتوقعة للملء الثاني الآحادي لسد النهضة “لن تخفف إلا القليل من التداعيات السالبة على التشغيل الآمن لسدودنا الوطنية”.
ويتوقع أن تحتجز إثيوبيا 13.5 مليار متر مكعب من مياه الأمطار للتعبئة الثانية لبحيرة السد العملاق القريب جدًا من سد الرصيدص السوداني.
وقال الوزير السوداني إن التدابير التي اتخذتها بلاده بسبب عدم تعاون إثيوبيا “ذات كلفة اقتصادية واجتماعية فادحة، علاوة على أن ملء وتشغيل سد النهضة دون إجراء دراسات أساسية وضرورية لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي يُعد انتهاكا مباشر للأعراف الدولية”.
واشتكت الخرطوم من رفض أديس أبابا مدها بوثائق سلامة السد الضخم.