الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم.. مسيرة بناء وعطاء لنصف قرن
دبي – صقر الجديان
تولى حقيبة المالية بدولة الإمارات على مدار 50 عاما، وتقلد العديد من المناصب المهمة التي وشحت مسيرته بالعطاء والبناء والنجاح.
الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ووزير المالية الإماراتي الذي وافته المنية ليرحل تاركا إرثا شكل علامة فارقة في تاريخ الدولة، وهو الذي كان من أعمدتها منذ تشكيل أول حكوماتها عقب إعلان الاتحاد العام 1971.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وفاة أخيه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي ووزير المالية الإماراتي.
وكتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تغريدة عبر تويتر: “إنا لله وإنا إليه راجعون.. رحمك الله يا أخي وسندي ورفيق دربي.. وأحسن مثواك.. وضعت رحالك عند رب كريم رحيم عظيم”.
مسيرة حافلة
إضافة إلى منصب وزير المالية الذي قضى فيه نصف قرن من الزمن، شغل الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، شقيق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي، العديد من المناصب المهمة في الإمارات، منها نائب حاكم دبي ورئيس بلديتها.
مهام جسيمة رسمت الخطوط العريضة لمسيرته الثرية، وجعلت اسمه يلمع في سماء دولة وضعت بمقدمة أولوياتها البناء والنماء.
وُلد الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، في 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1945 بدبي التي درس فيها المرحلة الابتدائية والثانوية والثانوية.
ووفق موقع بلدية دبي، انتقل إلى بريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية وعلوم البلديات في جامعة كامبريدج.
تخرج منتصف ستينيات القرن الماضي، وتسلم رئاسة بلدية دبي؛ المنصب الذي ظل فيه حتى بعد تكليفه بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة.
والمنصب الأخير يعتبر فارقة في حياة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ودولة الإمارات، إذ يعتبر من المهام الموكولة إليه في أول حكومة اتحادية، وتحديدا بعد 7 أيام من إعلان الاتحاد.
تقلد أيضا مهاما على رأس عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية الرفيعة، واستطاع بفضل حكمته وكفاءته أن يرفع من دورها الحيوي في دعم الاقتصاد وسوق العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام وفي إمارة دبي خصوصا.
ومن بين الهيئات والمؤسسات التي ترأس مجالس إدارتها؛ الهيئة العامّة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، وهيئة كهرباء ومياه دبي – ديوا، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري وغيرها.
شخصيا، عرف عنه ولعه بالأعمال الإنسانية، وشـغفه بالثقافة والآداب والتطورات العلمية، في توليفة شكلت الجانب الآخر من رجل المالية والاقتصاد، وكشفت مزايا رجل مفعم بالإنسانية ومولع بالأدب.
حريص أيضا على تحقيق التنمية البشرية المستدامة في بيئة عالمية مستقرة ترتكز على الحوار والشراكة، ومؤمن بأن النماء بذرة تزرع في أرض خالية من الفوضى.
الرياضة
لم يقتصر دور الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم على الحياة السياسية والاقتصادية فحسب، بل كانت له أياد بيضاء على الرياضة الإماراتية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص.
وبخلاف رئاسته لنادي النصر، عميد الأندية الإماراتية، كان رياضيا من الطراز الرفيع، وله العديد من الإسهامات في تطوير الرياضة الإماراتية.
ففي ستينيات القرن الماضي، تولى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رئاسة نادي النصر، ليصبح على رأس قائمة الشخصيات التي صنعت أمجاد النادي.
المؤرخ الرياضي محمد الجوكر، يقول في سلسة نشرت بصحيفة “البيان” الإماراتية عام 2016، إن الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم قدم، خلال فترة رئاسته للنادي، دعما غير محدود، وساهم في النهضة الشاملة فيه حتى صار منبع الأبطال بمختلف الرياضات، وأصبح واحداً من أكثر الأندية احتضاناً للألعاب الرياضية.
وفي عام 1978، افتتح الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ستاد آل مكتوم الذي يعد أحد الملاعب المتميزة في قلب لؤلؤة الخليج، حيث استضاف العديد من البطولات الدولية والعربية، وأيضاً أهم وأبرز الأحداث الرياضية الكبرى.
وأهدى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم كرة القدم الإماراتية المقر الجميل لأكبر الاتحادات الرياضية والكائن بمنطقة الخوانيج، والذي أصبح بمثابة مدينة كروية رياضية مصغرة، بسبب وفرة الإمكانيات التي قدمتها الحكومة لدعم مسيرة الكرة الإماراتية.
وفي عالم الخيول أيضا، كان للشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم حضور عبر الحدود ليشع دوليا، إذ يعتبر أحد أهم وأكبر مربّي ومُلّاك الخيول في العالم، وهو معروف بشغفه بتربية الخيول العربية الأصيلة، وقد حصل على جائزة تقديرية من المنظمة الأوروبية للخيول العربية «الإيكاهو» باعتباره أهم مالك للخيول العربية الأصيلة في العالم.
كما تُوّج كأفضل مالك للخيول المهجنة والعربية الأصيلة عالميًّا ومحليًّا لمواسم عديدة، وحصد إنجازات تاريخية في السباقات العالمية، منها سباقات إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وسباق كأس دبي العالمي الأغلى في العالم.
أطلق جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للخيول العربية الأصيلة في نيوبري ببريطانيا، والتي احتفلت باليوبيل الفضي لإطلاقها في العام 2009، كما تشمل رعايته سباقات في ألمانيا والبرازيل وشيلي وإيطاليا وأستراليا واليابان والأورغواي والأرجنتين وبيرو.
إنجازات وجوائز
بحسب موقع بلدية دبي، تظهر إنجازات الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الإنسانية والثقافية جليّة في دول عديدة، مثل المكسيك، أستراليا، أفريقيا، إيرلندا، أوروبا، باكستان، الهند والعديد من البلدان.
ويبقى دعم قطاع التعليم والصحة النشاط المحبّب إلى قلبه، حيث ساهم في دعم هذين القطاعين بشكل مستمر، سواء في وطنه دولة الإمارات العربية المتحدة أو في دول العالم، فضلًا عن تأسيسه العديد من المراكز العلاجية مثل: مركز الشلل الدماغي في الأردن، مستشفى دار الشفاء في لبنان ومركز القلب في جنين.
أطلق العديد من الجوائز المحلية والعالمية، أبرزها: جائزة عالمية في مجال العلوم الطبية، وجائزة التعدّدية الثقافية في اسكتلندا بهدف تقدير إسهامات الأفراد والهيئات العاملة بمجال دعم التعدّدية الثقافية والتي تساهم في تعزيز التنوّع الديني والعرقي والثقافي وتنمية الحوار الحضاري، إضافة إلى جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية، وغيرها.
وللشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم سِجل حافل بالألقاب والشهادات التكريمية والجوائز المحلية والعالمية والأممية، أبرزها: جائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية للعام 2000؛ نظرًا لدعمه العديد من المشاريع الخيرية، مثل بناء ملاجئ الأيتام والمدارس والمستشفيات في العديد من البلدان النامية، علمًا أنّ الشيخ حمدان يقصد غالبًا دول أفريقيا وأوروبا لاهتمامه بالمحتاجين في مختلف أنحاء العالم.
نال أيضا جائزة “عرب تكنولوجيا” للإنجاز الحياتي تقديرًا لجهوده كرئيس مجلس إدارة مركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظّمة لمعرض “جيتكس” الذي احتفل في العام 2005 بدورته السنوية الـ 25 من الريادة في أسواق تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط.
تم اختياره أفضل شخصية عالمية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة في العام 2005 من قبل الاتحاد الدولي للمستشفيات، وذلك تقديرًا لجهوده، وشخصية العام 2007 من قبل جائزة الشارقة للعمل التطوّعي، تقديرًا لدوره في دعم العمل التطوّعي.