تجاهل القوة المشتركة واتهامات بـ”فتح الصندوق” تهدد وحدة الجبهة المناهضة
تغييب ممنهج وتضليل إعلامي بعد معركة كازقيل
تقرير | صقر الجديان
في الوقت الذي تتواصل فيه المعارك الطاحنة في إقليم كردفان، انفجرت أزمة جديدة داخل معسكر القوى المتحالفة ضد قوات الدعم السريع، بعد معركة كازقيل التي باتت تمثل نقطة تحول خطيرة، ليس فقط عسكريًا، بل على مستوى التماسك الداخلي للجبهة.
فقد تفجرت موجة من الاتهامات والتشكيك، طالت بشكل مباشر “القوة المشتركة” المكونة من فصائل الكفاح المسلح، واتُّهمت زوراً بالتسبب في الكارثة العسكرية الأخيرة، في ظل غياب واضح لأي اعتراف بدورها في العمليات. وهو ما فُسر على نطاق واسع بأنه محاولة متعمدة لتهميشها وإقصائها، وربما التحضير لسيناريو فصل سياسي وأمني قادم.
تغييب ممنهج وتضليل إعلامي بعد معركة كازقيل
مع اندلاع معركة كازقيل، شاركت القوة المشتركة إلى جانب الجيش السوداني وكتائب “البراء بن مالك” في تنفيذ العملية التي وصفتها مصادر ميدانية بأنها “الأعنف منذ شهور”. لكن رغم هذه المشاركة الفاعلة، عمدت الوسائط الإعلامية المرتبطة بالجيش والتيار الإسلامي إلى تغييب اسم القوة المشتركة، والاحتفاء فقط بـ”بطولات الجيش والكتائب الإسلامية”، في مشهد لا يخلو من الإقصاء والتعمد.
وما إن ظهرت تسجيلات الفيديو التي كشفت عن وقوع القوات في كمين محكم وخسائر فادحة، حتى تغيّر الخطاب جذرياً، ليتحول إلى حملة شعواء تتهم القوة المشتركة بـ”فتح الصندوق” – وهي العبارة التي تحولت إلى كود سياسي يُستخدم عند كل انتكاسة ميدانية لتحميل جهة ما المسؤولية بشكل خفي.
هذا السلوك الإعلامي يعيد إلى الواجهة سلوكاً مكرراً استخدم سابقاً ضد كل مكوّن لا يخضع للرؤية الإسلامية العسكرية الكاملة، ما يفتح باب الشكوك حول وجود أجندة داخلية لتصفية الحسابات، حتى ولو كان الثمن وحدة الصف العسكري.
بيان حازم من القوة المشتركة… وتحذير مبطن يُنذر بانفجار داخلي
لم تصمت القوة المشتركة على هذا الهجوم، بل ردت ببيان رسمي حاد اللهجة وقعه العقيد أحمد حسين مصطفى، وصف فيه الاتهامات بأنها “مزاعم كاذبة ومفبركة” تهدف لبث الفتنة. وأكد البيان أن القوة المشتركة لا تزال مرابطة في مواقعها، وتنفذ مهامها بالتنسيق مع القيادة العامة.
هذا التحذير لم يُقرأ فقط كرسالة دفاع عن النفس، بل كتهديد مبطّن يكشف هشاشة الترتيبات داخل معسكر القوى المناهضة للدعم السريع، ويؤكد أن الاتهامات المتكررة تُغذّي شروخاً يصعب ترميمها لاحقًا.
خلفيات الصراع… التهديد القادم من الداخل
• تشير مصادر سياسية إلى أن أطرافًا داخل الجيش وكتائب “البراء” باتت تنظر إلى القوة المشتركة كـ”خطر سياسي مستقبلي”، وليست مجرد حليف ميداني مؤقت.
• التصعيد الإعلامي الأخير يُفهم كمقدمة لعزل القوة المشتركة من التفاهمات المستقبلية، سواء في التسوية السياسية أو في ترتيبات ما بعد الحرب.
• إذا استمر تهميش القوة المشتركة، فإن التحالف العسكري نفسه مهدد بالانهيار، وقد تتحول المعركة من مواجهة “الدعم السريع” إلى صراع داخلي مدمر لا يستثني أحدًا.
معركة كازقيل لم تكن مجرد كبوة ميدانية عابرة، بل كشفت عمق التوترات الكامنة داخل المعسكر المعادي لقوات الدعم السريع. وإذا استمرت سياسة الإقصاء وشيطنة الشركاء، فإن “فتح الصندوق” لن تبقى مجرد عبارة في بيان غاضب، بل قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه الجميع.
التحذير واضح… وتجاهله سيكون مكلفاً.