تحذيرات من التسليح العشوائي للقبائل في السودان
الخرطوم – صقر الجديان
حذر محللون وسياسيون سودانيون من خطورة وعواقب تصاعد القتال في السودان الذي بلغ ذروته الأيام الماضية، وسط انتقادات شديدة لدعوات تسليح القبائل بصورة عشوائية، واستبعدوا تحقيق الحسم العسكري الذي يأمل فيه طرفا الأزمة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار»، لـ «الاتحاد»، إن الصراع الدائر في السودان ستكون تداعياته كارثية، حيث يتمدد في الداخل السوداني، وتصل تداعياته الخطيرة إلى دول أخرى.
وتتركز المعارك التي اندلعت في منتصف أبريل، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم وضواحيها، وفي إقليم دارفور بغرب البلاد، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليوناً.
وحذر ميرغني من أن الدعوات لتسليح المواطنين والقبائل بشكل عشوائي أمر خطير، مؤكداً أن الحسم العسكري الذي يأمل فيه طرفا الصراع لا يمكن أن يتحقق لأي منهما، بل هو غير وارد على الإطلاق في ظل المعطيات الراهنة.
وأسفرت المعارك عن مقتل 3900 شخص على الأقلّ، بحسب منظمة «أكليد» غير الحكومية، وتهجير أكثر من ثلاثة ملايين شخص، سواء داخل البلاد أو خارجها.
من جهته، قال الصحفي السوداني السماني عوض الله لـ«الاتحاد»، إن الأوضاع في السودان تتأزم بشدة رغم كل المبادرات المطروحة، والتي تواجهها تعقيدات وصعوبات كثيرة، وتعجز عن وقف المعارك التي شهدت تصعيداً كبيراً.
وأبرم طرفا النزاع هدنات عدة لكنها لم تصمد. كما يحاول كل من الاتحاد الأفريقي ومنظمة «إيغاد» للتنمية بشرق أفريقيا، التوسط لحل الأزمة في السودان.
وأكد عوض الله، أن المعادلة الصفرية التي يسعى إليها البعض لن تفضي إلى شيء، وأن الجميع يجب أن يتنازلوا من أجل الوطن، سواء طرفي الصراع أو القوى المدنية، لأن الوطن أصبح في مهب الريح، ونسيجه الاجتماعي وحياة مواطنيه أصبحا في خطر.
وقال الدكتور عثمان البشرى المهدي، القيادي بحزب الأمة، لـ «الاتحاد» إن الصراع الدائر يفجر الأوضاع في السودان، ويثير النعرات والفتن القبلية، وإن لم يتم وأدها ستفتح أبواب الصراع الإثني والقبلي والمناطقي، وهو الأمر الذي يشكل تهديداً لوحدة السودان، وانتقال الصراع لدول الجوار، وهو ما يوجب الضغط على طرفي الصراع من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار.
يأتي ذلك فيما قُتل 16 شخصاً في نيالا عاصمة جنوب دارفور، إثر سقوط قذائف على منازلهم أثناء المعارك، حسبما أفادت هيئة محامي دارفور المستقلة أمس.
وقالت هيئة محامي دارفور في بيان: «شهدت مدينة نيالا وعلى نطاق واسع سقوط دانات في قصف متبادل، بمناطق عدة، منها الوحدة وكرري».
وتابعت: «نجم عن الإطلاق للدانات سقوط 16 شخصاً، وذلك بحسب الإحصائيات الأولية»
وحذرت الهيئة من أنه إذا استمرت الأمور على هذا النحو «ستدخل ولاية جنوب دارفور ونيالا في حالة فوضى شاملة قد لا تستقر بعدها على المدى القريب».
وفي دارفور تركز القتال مؤخراً حول نيالا، بعد معارك ضارية في الجنينة.
ومن ثم، فتح المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تحقيقاً بشأن أحداث العنف التي وقعت في دارفور بعد دعوات من منظمات حقوقية للتحقيق في تقارير عن حالات نهب واحتدام الصراعات العرقية.
ومع استمرار القتال، وعلى بعد 55 كيلومتراً جنوب الخرطوم، شهد مجمع جياد الصناعي بالجزء الشمالي لولاية الجزيرة قصفاً لأول مرة منذ اندلاع المعارك، حسب ما أفاد سكان «فرانس برس». وقال أحد السكان إن القصف «كان قرب قرية المسعودية».
وتعد ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني، من أكثر الولايات التي استقبلت الآلاف من النازحين من مناطق القتال، خصوصاً من العاصمة التي فرّ منها أكثر من 1.7 مليون شخص.