أخبار السياسة المحلية

تطبيع رسمي في السودان مع عودة الإسلاميين إلى الواجهة

محكمة العليا في السودان تلغي أمر حل منظمة الدعوة الإسلامية.

الخرطوم – صقر الجديان

وصفت أوساط سياسية سودانية إلغاء القضاء أمرا بحل منظمة الدعوة الإسلامية التي كان لها دور بارز قبل انتفاضة عام 2019، بأنه خطوة تهدف إلى التطبيع مع أنصار النظام الإسلامي السابق وإعادة دمجهم في الحياة السياسية ومجال الخدمات الاجتماعية واسعة التأثير.

وبحسب وثيقة اطلعت عليها رويترز، ألغت محكمة عليا الثلاثاء قرار حل منظمة الدعوة الإسلامية، وهي ذراع تنظيمية وتمويلية للنظام كانت تساعد في تمويل جماعات إسلامية من بينها حماس، حسبما قال أعضاء من لجنة إزالة وتفكيك نظام الثلاثين من يوليو، التي كانت تتولى تفكيك النظام السابق، لرويترز العام الماضي.

ومنذ انقلاب أكتوبر، يعود الإسلاميون الذين أطيح بهم من السلطة تدريجيا إلى الخدمة المدنية، في الوقت الذي يتم فيه إبطال قرارات مصادرة حسابات مصرفية وغيرها من أصول الإسلاميين.

ويصف محللون ذلك بأنه جزء من محاولة يقوم بها الجيش لبناء قاعدة سياسية، بعد أن رفضت الأطراف، التي كان يتقاسم معها السلطة قبل الانقلاب، المفاوضات.

التيار الإسلامي يستفيد من حاجة المكون العسكري إلى ظهير شعبي يساعده على الصمود في وجه ضغوط التيار المدني

وتعرضت لجنة تفكيك نظام البشير للتدقيق، مع سجن قادة رئيسيين حتى وقت سابق من هذا الأسبوع، وجرى التراجع عن كثير من قراراتها.

وصدر أمر محكمة في وقت سابق بإعادة نشاط جمعية القرآن الكريم، وهي أداة تنظيمية رئيسية أخرى. وأعادت أوامر أخرى العشرات إلى وظائف عامة.

وعبّر مبعوثون غربيون زائرون في بيان عن قلقهم من عودة عناصر من نظام البشير، فضلا عن تدهور الاقتصاد.

وقالوا إنهم “أكدوا على أن الدعم المالي الدولي للحكومة السودانية، بما في ذلك الإعفاء من الديون، لن يأتي إلا بعد تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية”.

وأطاحت مجموعة من كبار الضباط بعمر البشير بعد ثلاثة عقود في السلطة، ودخلت لاحقا في حكومة لتقاسم السلطة مع الجماعات المدنية التي قادت الاحتجاجات على مدى شهور في 2019.

وانتهى هذا الترتيب في الخامس والعشرين من أكتوبر عندما قام نفس القادة العسكريين بانقلاب أدخل البلاد في دوامة اضطرابات اقتصادية وسياسية.

ويستفيد التيار الإسلامي من حاجة المكوّن العسكري إلى وجود ظهير شعبي يساعده على الصمود في وجه إصرار العديد من القوى المدينة على استمرار الاحتجاجات في الشارع، والسعي نحو إزاحة الجيش عن السلطة بعد تمسك قيادته بانقلابها العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.

ووقّعت عشرة أحزاب وحركات إسلامية الاثنين على ميثاق تأسيس ما يسمى بـ”التيار الإسلامي العريض” لتحقيق الاندماج التنظيمي بينها، وتبنت شعارات دينية لعبت على وتر التشبث بالدين لإنقاذ البلاد من التهديدات التي تواجهها.

وأكد بيانها على أن وحدة الصف فريضة شرعية وضرورة واقعية وواجب حتمي تحديدا، وأن البلاد تشهد تهديدا وجوديا يستهدف هويتها وقيمها الفاضلة بالطمس والتجريف.

ووقّع على الميثاق الجديد: جماعة الإخوان المسلمين – التنظيم العالمي، وجماعة الإخوان المسلمين – فرع السودان، ومنبر السلام العادل، والحركة الإسلامية السودانية، وتيار النهضة، وحزب دولة القانون والتنمية، وحركة المستقبل للإصلاح والتنمية، وحركة الإصلاح الآن، وحزب العدالة القومي، ومبادرة وحدة الصف الإسلامي.

ويضم التيار الجديد مجموعات متشددة مثل حزب دولة القانون والتنمية الذي يقوده محمد علي الجزولي، المعروف بولائه لتنظيم داعش الإرهابي وأفرج عنه أخيرا.

منذ انقلاب أكتوبر، يعود الإسلاميون الذين أطيح بهم من السلطة تدريجيا إلى الخدمة المدنية، في الوقت الذي يتم فيه إبطال قرارات مصادرة حسابات مصرفية وغيرها من أصول الإسلاميين

وغاب حزبا المؤتمر الوطني الذي حكم خلال عهد الرئيس السابق عمر البشير وحليفه حزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه غريمه الراحل حسن الترابي، وهي إشارة توحي بعدم وجود علاقة بين التيار العريض وفلول البشير السياسية.

جاءت الخطوة على نحو سريع بعد الإفراج عن 12 من قيادات حزب المؤتمر الوطني الذي وقع حلّه، في مقدمتهم رئيسه المكلف إبراهيم الغندور، وهي إشارة على التحرك نحو لملمة الصفوف وإعادة ترتيب الأوضاع للانخراط في المعادلة السياسية، بما لا يترك المجال أمام القوى الثورية في مواجهة العسكريين المتشبثين بالسلطة، ومحاولة تغيير موازين القوى بالضغط على تحالف الحرية والتغيير ودفعه إلى القبول بتسوية سياسية.

وتؤكد الخطوات التي أقدمت عليها العديد من القوى، المحسوبة على التيار الإسلامي، خلال الفترة الماضية أنها تلقت وعودا بإمكانية مشاركة عناصر تابعة له ولو ضمنيا في حكومة كفاءات مزمع تشكيلها، لأن لقاءات الأيام الماضية بين قوى سياسية والمكون العسكري لم تخل من وجود شخصيات محسوبة على فلول البشير، ولذلك فمحاولات التوصل إلى صيغة جديدة يمكن أن تشمل دمج عناصر من تنظيم الإخوان وأذرعه.

وقال قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان في الرابع عشر من أبريل الماضي إن إعادة بعض المرتبطين بنظام البشير إلى مناصبهم ستكون محل مراجعة وإنه يمكن الإفراج عن قيادات اللجنة التي أمرت بالتفكيك ومصادرة الأصول المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني.

لكن يبدو أن العودة غير الرسمية لحزب المؤتمر الوطني تتسارع وتيرتها. ففي الأشهر القليلة الماضية أعادت محكمة خاصة إلى العمل العشرات من موظفي البنك المركزي والقضاء والنيابة العامة ومكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ووسائل الإعلام الحكومية من بين مؤسسات أخرى.

وتقول مصادر في وزارة الخارجية إنه تم تكليف بعض الدبلوماسيين العائدين بقيادة بعثات في الخارج، في حين تقرر الأسبوع الماضي استبدال رئيس هيئة البث الحكومية المعين مدنيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى