أخبار خدمية

تعرف على أول سيدة بريطانية مسلمة تذهب للحج .. تنتمي لعائلة أرستقراطية

مكة – صقر الجديان

كانت الليدي آفلين كوبلد المستشرقة البريطانية التي اتخذت من زينب اسمًا لها؛ أول مسلمة بريطانية تقوم بزيارة الأماكن المقدسة في رحلتها إلى الحج، التي وثّقتها لاحقًا  في كتابٍ اسمته ” الحج إلى مكة”.

*الطفولة والبدايات:*
ولدت الليدي كوبولد في مدينة أدنبرة الاسكتلندية عام 1871م، بريطانية من أسرة ارستقراطية، وهي كبرى بنات حاكم دنمور. قضت جزءًا كبيرًا من طفولتها في الجزائر. وعن ذلك تقول: “وإني لأذكر طفولتي، وكيف أني صرفت الشتاء مع والدِيَّ في قصر عربي في الجزائر، مشى واِلدَيَّ اليه ينشدان فيه الشمس والراحة والطمأنينة”.
بعد ذلك، تعلمت اللغة العربية آن طفولتها وانجذبت نحو الإسلام. تقول: “وأذكر كيف أني كنت كثيرة الرغبة -وأنا ما أزال طفلة- في الذهاب إلى المسجد مع بعض الرفاق، استمتع بما يغمره من حياة روحية لطيفة رائعة، لقد كنت مسلمة منذ ذلك العهد، وإن كان هذا لم يدر في خلدي، في تلك الأيام”.
هكذا عاشت الطفلة الاسكتلندية آفلين كوبولد في الجزائر، رفقة الأطفال الجزائريين، متأثرة بالبيئة العربية والإسلامية، دون أن تعي، أو تدرك أنها في طريق التحول إلى “زينب”.

*كيف ومتى أسلمتُ؟*
تقول كوبلد عن نفسها: يسألني كثيرون كيف ومتى أسلمت؟ وإجابتي هي: “أنه يصعب عليّ تعيين الوقت الذي سطعت فيه حقيقة الإسلام أمامي، فارتضيت الإسلام دينًا. أنا أكاد أجزم بأني مسلمة منذ نشأتي الأولى. فالإسلام هو الدين الطبيعي الذي يتقبله المرء فيما لو ترك لنفسه، ولم يفرض عليه أبواه الدين الذي يعتنقاه”.
وبعد مرور فترة طويلة من الزمن وفي زيارة إلى روما سألها مضيفها إن كانت تود أن تلتقي البابا ففرحت لذلك. قابلت البابا في الفاتيكان وسألها فيما لو كانت إنجليزية كاثوليكية فردت عليه دون سابق تفكير: “أنا من المسلمين”.

*الرحلة إلى مكة:*
التقت آفلين في القاهرة بزوجها شريف سفلوك، وعندما بلغت عامها السادس والستين، قررت أن تقوم برحلة الإيمان؛ رحلة  الحج إلى مكة.
قامت بالاتصال بسفير المملكة العربية السعودية في بريطانيا آنذاك، الشيخ حافظ وهبه، وطلبت منه أن يستأذن لها من جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في القدوم إلى المملكة لأداء مناسك الحج وزيارة المسجد النبوي الشريف فوافق جلالته على ذلك. وهكذا بدأت الرحلة.

*إلى الأراضي المقدسة:*
غادرت افلين كوبولد لندن إلى القاهرة عام (  1933م) ومنها انطلقت إلى السويس ثم إلى “بورت سعيد“، حيث استقلت باخرة إيطالية متجهة إلى جدة في الثالث والعشرين من فبراير من نفس العام. حُجِزت لها على متن السفينة غرفة خاصة بها. ومن بورت سعيد أبحرت الباخرة إلى “القصير“، حيث رست هناك عدة ساعات، مما مكن الركاب من زيارة تلك البلدة، وبعد أربعة أيام في البحر رست الباخرة في جدة في يوم 26/2/1933م.
زوجة السيد فيلبي كانت تنتظرها في قارب نُقِشَتْ على رايته كلمة: “لا إله إلا الله محمد رسول الله “ وقالت: شَعَرْتُ حينها أني في البلاد العربية حقًا وأنني تحت راية ابن سعود وتحدثت كوبولد – رحمها الله – عن الجبال التي تحف بجدة، وعن الأصوات المهللة والمسبحة والمكبرة، وعن ظهور الابتهاج على وجوه الحجاج لوصولهم إلى “أطهر بقعة واقدس مقام”.

قضت السيدة كوبولد عدة أيام في جدة وتحدثت عن بعض ما شاهدته في رحلتها إلى خارج جدة قائلة: “لقد خرجت اليوم بالسيارة إلى خارج المدينة، فكنت أشاهد كثيرًا من الحجاج يضربون في الأرض نحو مكة”.
وحدثني بعضهم: “أن هناك اشخاصًا جاؤوا مشيًا إلى الأراضي المقدسة، وأن هناك غيرهم يفضلون المشي على الأقدام نحو البيت الحرام، يغمرهم الخشوع، وتجللهم التوبة، ويدفعهم إلى هذه المشقات حبهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم”
ووصفت ايفلن كوبولد الحياة في جدة بعد أن قضت فيها (  17) يومًا كما رأتها، قائلة: “لقد وجدت الحياة في جدة تختلف عن مثلها في غيرها من البلاد الشرقية، ذلك أنها حياة عربية خالصة”.

*تفاصيل الحكاية:*
ثمة كتابٌ باللغة الانجليزية، وثقت فيه الليدي كوبولد رحلتها إلى الأراضي المقدسة عام 1933م، سَجْلَتْ في ثناياه رحلتها تلك، وقد قام سفير المملكة العربية السعودية الشيخ حافظ وهبة -رحمه الله- بكتابة مقدمته، وقام الشيخ عمر أبو النصر اليافي -رحمه الله- بتحقيقه وترجمته إلى اللغة العربية 1934م.

*وفاتها:*
توفيت الحاجّة زينب -رحمها الله- في دار للرعاية في عام 1963 عن عمر يناهز 95 عامًا، وطلبت في مراسم دفنها أن تنقش آية النور على قبرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى