حرب السودان تهدد بفقدان المنشآت النفطية
الخرطوم – صقر الجديان
تواجه حقول النفط والمنشآت الرئيسية في السودان إلى جانب أنابيب النقل تأثيرات الحرب بين الجيش والدعم السريع عقب اقتحام الأخيرة حقول “بليلة” المهمة غربي البلاد وسيطرتها على مصفاة رئيسية في العاصمة ومحطة رئيسية شمال شرق الخرطوم.
وقال مصدر من شركة نفطية لـ(عاين)، إن “حقول النفط في منطقة بليلة بولاية غرب كردفان من المواقع الاستراتيجية لأنها مرتبطة مباشرة بمصفاة الجيلي شمال العاصمة السودانية وتوفر هذه الحقول عبر الخط الأنابيب القادم من هناك (720) كيلومترا لتشغيل المصفاة وإنتاج البنزين والجازولين وغاز الطهي”.
وأضاف: “جزء كبير من المشتقات النفطية من احتياجات السودانيين تأتي من حقول بليلة في غرب كردفان”.
خطر التدمير والنهب
وقال المصدر الذي يعمل في شركة نفطية غرب السودان: “يُكلف إنشاء خط أنابيب من حقول النفط غربي البلاد حتى المصفاة في العاصمة السودانية مئات الملايين من الدولارات”.
ولفت إلى أنه لم يتم التعامل مع المنشآت والمواقع اللوجستية للنفط في البلاد بـ”مسؤولية كاملة” بواسطة الطرفين المتحاربين خاصة قوات الدعم السريع التي تستولي على أكثر من ثلاثة مواقع في السودان.
في اليوم الأول لإندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي سيطرت قوات الدعم السريع على مصفاة الخرطوم شمال العاصمة وهي المصفاة التي تزود البلاد بالوقود والغاز بشكل كبير ولم يجد الجيش مفرا من عدم نقل المعارك إلى تخوم المصفاة حتى لا تندلع النيران في مصفى التكرير. بحسب موظفون في المصفاة تحدثوا لـ(عاين).
كما تسيطر قوات الدعم السريع، على محطة قري الحرارية التي تنتج الكهرباء وهي تقع شمال العاصمة السودانية مجاورة لمصفاة الخرطوم وخرجت عن الخدمة منذ خمسة أشهر.
فقدان المنشآت النفطية
بينما يحذر محمد جودة وهو مهندس في مجال النفط في مقابلة مع (عاين) من أن السيطرة العسكرية على الحقول النفطية وتعريضها لخطر الفقدان الدائم وتجمّد الخام داخل الأنابيب بسبب توقف الإنتاج من الحقول التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع.
وأردف: “عندما وقعت الاضطرابات الاجتماعية في مناطق الإنتاج بإيعاز من جهات داخلية خلال فترة حكومة حمدوك كادت المنشآت النفطية أن تتوقف إلى الأبد.. هذه المرة تتكرر الأزمة بشكل أكبر والسودان مهدد بفقدان المنشآت البترولية بشكل دائم”.
وأوضح جودة، أن خروج حقلي بليلة وشارف عن الإنتاج غربي البلاد يؤدي إلى توقف العائدات المالية إلى الخزانة العامة كما أن التوقف يؤثر على الخام القادم من حقول النفط في جنوب السودان والتي تعمل فيها شركة بتكو.
فيما يقول مصدر من القطاع النفطي لـ(عاين)، إن توقف الحقول قد يؤدي أيضا إلى تسرب كوادر سودانية تعمل في قطاع النفط منذ سنوات ولديها خبرة كبيرة وقد تحظى بطلبات التوظيف خارج البلاد بسبب توقف العمل في السودان جراء الحرب.
ويرى المصدر، أن تشغيل حقول النفط المتوقفة منذ استيلاء الدعم السريع عليها تحتاج إلى تنسيق عال ومبادرات كبيرة من المجتمع المحلي و الطرفين المتحاربين في السودان حتى لا تفقد البلاد ثقة الشريك الأجنبي والذي قد يطالب بتعويضه عن الخسائر الناتجة من هذه الأزمة.
تحركات لإعادة التشغيل
“التعامل مع المنشآت النفطية خلال فترة الحرب لم يكن مسؤولا خاصة قوات الدعم السريع التي سيطرت على المواقع الرئيسية مثل مصفاة الخرطوم وحقول بليلة ومحطة مركزية للأنابيب في منطقة العيلفون شمال شرق الخرطوم”.
بيقول شرف الدين أحمد الذي يعمل في قطاع النفط بالعاصمة السودانية لـ(عاين).
ويضيف: “ما يحدث كارثة حقيقية.. الدعم السريع لا يعلم حجم تأثيرها وهي قوات تفتقر للحساسية في التعامل مع هذه المواقع الاستراتيجية ولا يمكن الدخول إلى هذه المواقع بتنفيذ الهجمات العسكرية أو إطلاق النار حتى لا تعرضها للتدمير”.
وتابع شرف الدين: “المطلوب في الوقت الراهن ضمان انسياب الخام القادم من جنوب السودان عبر الأراضي السودانية حتى ميناء بشائر شرق البلاد وحماية العاملين في حقول النفط وإعادة تشغيلها فورا بالتواصل مع المجتمعات المحلية والحكومة السودانية وممثلين من قوات الدعم السريع”.
وكان وزير الطاقة والنفط المكلف محمد عبد الله محمود أكد في تصريح صحفي الأربعاء الماضي، أن هناك جهود مستمرة لإعادة تشغيل حقول “دفرة ” و”نيم” و”كنار” الواقعة في منطقة بليلة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
ولفت إلى أن الجهود مستمرة مع الإدارات الأهلية والشركات العاملة لإعادة تشغيل حقول النفط حتى لاتضرر من التوقف لأن هذه المنشآت ملك للشعب السوداني.
وينتج السودان أقل من 40 ألف برميل من النفط يوميا يخصص جزء كبير منه للاستهلاك المحلي وذلك بتكرير النفط في مصفاة الخرطوم شمال العاصمة كما لدى السودان اتفاق مع جنوب السودان لتمرير الخام الى ميناء بشائر في بورتسودان لغرض التصدير ويتقاضى رسوما سنوية قد تصل إلى 150 مليون دولار.