(حمدوك) يقترح مشاركة سياسية واسعة في اصلاح القطاعين الأمني والعسكري
الخرطوم – صقر الجديان
أقر رئيس الوزراء السوداني بوجود أزمة عميقة تعيشها البلاد حاليا وأعلن الثلاثاء عن مبادرة باسم “الكتلة التاريخية” لإنهاء الأوضاع الخانقة على المستويات السياسية والاقتصادية وتعدد مراكز اتخاذ القرار.
وتحدث عبد الله حمدوك عن وجود تشظي وسط العسكر علاوة على خلافات وسط المكونات السياسية مردفا “نحن أمام أزمة أن يكون السودان أو لا يكون”.
وقال “شهدت الفترة الماضية تصاعد الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية مما يشكل خطراً جدياً لا على الفترة الانتقالية فحسب بل على وجود السودان نفسه”.
ولفت الى بذله مجهودات في التواصل مع الأطراف المختلفة ونزع فتيل الأزمة،قائلا إنها لن تحل إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تشمل توحيد الجبهة المدنية والعسكريين وإيجاد رؤية مشتركة بينهما للتوجه صوب إنجاح المرحلة الانتقالية.
وقال في تنوير صحفي، الثلاثاء، إنه “يطرح مبادرة الكتلة التاريخية العريضة للانتقال إلى الشعب السوداني للتوافق على برنامج وطني يحمي الانتقال ويحقق الديمقراطية المستدامة”.
واشار الى انه على الرغم من انجاز السلام في مرحلته الاولى وفك العزلة وازالة السودان من قائمة الارهاب والاصلاحات القانونية والسياسية والاقتصادية لكن التحديات لا تزال ماثلة وتعترض مسار الانتقال اهمها الوضع الاقتصادي والترتيبات الامنية التي شدد على ضرورة انجازها وكذلك تحقيق العدالة وتضارب الوضع الامني والتوترات الامنية وتعثر ازالة التمكين والقضاء على الفساد.
وأشار إلى أن مبادرته تُعالج أسس التسوية الشاملة عبر توحيد الكتلة الانتقالية وإصلاح القطاع الأمني والعسكري والشروع في بناء جيش مهني قومي وتوحيد مراكز اتخاذ القرار في الدولة من خلال آليات متفق حولها خاصة في السياسة الخارجية.
وجاءت المبادرة بعنوان “الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال -الطريق إلى الأمام”، ينتظر أن تتكون لها آلية مشتركة لمتابعة تنفيذها.
وقال حمدوك، في تنوير صحفي، الثلاثاء؛ إنه “يطرح المبادرة إلى الشعب السوداني للتوافق على برنامج وطني يحمي الانتقال ويحقق الديمقراطية المستدامة”.
وأفاد أنه طرح مبادرته على قادة الدولة العسكرية والمدنية، علاوة على قطاعات واسعة من المجتمع المدني السوداني، موضحا استمرار مشاوراته بغرض التوصل إلى “آلية حماية الانتقال” التي تتابع تنفيذ المبادرة.
واقترح حمدوك في المبادرة مشاركة القوى السياسية والمدنية في عملية إصلاح القطاع الأمني والعسكري، مشيرًا إلى أنه دون تحقيق ذلك “لا يمكن حل قضايا الاقتصاد والعدالة الانتقالية وبناء المدنية”.
وأشار إلى أن هذا الإصلاح يقتضي أن تكون القوات المسلحة هي الجيش الوحيد، الأمر الذي يتطلب إصلاحات هيكلية وعقيدة عسكرية جديدة وتمثيل التنوع في جميع مستوياتها وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق السلام.
وبشأن الدعم السريع، قال حمدوك أنها “قوات ذات طبيعة خاصة ودمجها في القوات المسلحة يتطلب توافق بين قيادة الجيش والدعم السريع والحكومة للوصول لخارطة طريق متفق عليها تخاطب القضية بكل أبعادها”.
ورفض قائد الدعم السريع وعضو مجلس السيادة محمد حمدان “حميدتي”، دمج قواته في الجيش السوداني.
وطالب حمدوك باضطلاع الجهاز التنفيذي بـ “دور أكبر في إدارة جهاز المخابرات العامة وتغيير كافة مدراء الإدارات بآخرين حادبين على نجاح فترة الانتقال، إضافة لإجراء إصلاحات جوهرية وسريعة في هيكله وطرق عمله”.
وأشار حمدوك إلى أن إصلاح القطاع الأمني والعسكري يشمل أيضًا “مراجعة النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية وحصره في الصناعات ذات الطبيعية العسكرية ومراجعة الشركات التي انتقلت لحوزته عقب التغيير ودمج نشاطه الاقتصادي في الاقتصاد الوطني تحت ولاية المالية على المال العام”.
واستولى الجيش على عدد من الشركات الناجحة والتي تعمل في المجال المدني خلال فترة عزل الرئيس عمر البشير وتكوين مؤسسات الحكومة الانتقالية، وهي الفترة من أبريل إلى أغسطس 2029.
ويمتلك القطاع العسكري عشرات الشركات يعمل العديد منها في مجالات حيوية مثل طحن القمح والأدوات الكهربائية والطرق والجسور وتصدير المحاصيل الزراعية واللحوم.
ودعا حمدوك إلى “ابتعاد القوى السياسة عن العمل داخل الجيش وعدم استقطاب عناصره”، ووضع قضية مستقبل الجيش وتنظيم الحياة السياسية الديمقراطية في قضايا المؤتمر الدستوري المزمع عقده في نهاية فترة الانتقال.
وقال حمدوك إنه “يجب تطوير صيغة مجلس الأمن والدفاع إلى مجلس الأمن القومي يمثل فيه المدنيون والعسكريون بصورة متوازنة ويختص بوضع استراتيجية الأمن القومي ومتابعة تنفيذها”.
وحول ملف العدالة قال إنها تتطلب تكوين لجنة وطنية للعدالة الانتقالية تتولي مهمة الاتفاق على “القانون والمفوضية وتصميم عملية شاملة بمشاركة ذوي الضحايا تضمن كشف الحقائق والمصالحة الشاملة والإصلاح المؤسسي الذي يضمن عدم تكرار جرائم الماضي مجددا”.
وتشمل العدالة أيضًا، وفقًا لرئيس الوزراء، الفراغ من “تحقيقات فض الاعتصام وتحديد المسؤولين جنائيا عنها والإعلان عن إجراءات عملية بشأنها تنصف الضحايا”.
وجرت مجزرة فض الاعتصام حين فضت قوات عسكرية اعتصاما أمام مقر قيادة الجيش في 3 يونيو 2019، أودى بحياة 200 شخص وفقًا للجنة طبية.
أزمة الاقتصاد
وقال المسؤول التنفيذي الأول إن الموارد المنتجة محليًا تكفي لحل الضائقة الاقتصادية خاصة الذهب والثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية، لكن أشار إلى أن “الخطل الحقيقي في إدارتها وتحكم أجهزة الدولة في عائد صادرها”.
واقترح حمدوك تكوين آلية مشتركة من الجهاز التنفيذي والعسكريين لضمان معالجة هذا الخلل بمراقبة الجهاز التشريعي.
ونادي بضرورة تقوية التوجه الحكومي لعلاج المشكلات الاقتصادية.
وتُنفذ حكومة الانتقال إجراءات اقتصادية قاسية تتمثل في تحرير أسعار الوقود والكهرباء والأدوية والخبز وتخفيض قيمة العملة المحلية.
وقال رئيس الوزراء إن المبادرة تشمل تفكيك نظام الـ 30 يونيو 1989 لصالح الدولة، ومعالجة مراكز اتخاذ القرار في العلاقات الخارجية.
وأضاف: “التجربة أكدت عدم تجانس الجهات التي تعمل في ملفات السياسية الخارجية، مما هدد السيادة الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وهذا يستدعي تشكيل آلية واحدة بين أطراف الحكم الانتقالي للإشراف على ملفات العلاقات الخارجية”.
والزم حمدوك الأطراف المكونة لفترة الانتقال تكوين المجلس التشريعي في غضون شهر، على أن يشارك فيه الجميع عدا المؤتمر الوطني -المحلول ومن “أجرم وأفسد في حق البلاد”.