خبراء يدعون لاحتكار السودان للصادرات
الخرطوم – صقر الجديان
دعا خبراء اقتصاديون إلى احتكار الدولة لتصدير السلع الاستراتيجية الزراعية والتعدينية والثروة الحيوانية للتحكم في سعر الصرف ورفع قيمة الجنيه السوداني، بجانب زيادة الانتاج وتوجيه الإنفاق للقطاعات الانتاجية.
ودعا الدكتور ابوبكر التجاني الحاج خبير اقتصادي اول بوزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية إلى إتباع عدد من السياسات النقدية والمالية للمحافظة على القيمة الحقيقية للنقود.
وأوضح في رد على سؤال كيف نسترد قيمة الجنيه السوداني، أوضح بالنسبة للسياسة المالية أن يتم توجيه الانفاق الحكومي نحو القطاعات الانتاجية (زراعية، صناعية، خدمية…) لزيادة العرض من السلع والخدمات، مما يسهم في زيادة القيمة الحقيقية للنقود، ووقف الإنفاق على الاحتفالات والمهرجانات، مشيرا أنه يمكن للدولة العمل على جذب تحويلات المغتربين عبر النظام المصرفي وذلك بتقديم الحوافز المجزية وتشجيعهم على انشاء مشروعات تزيد انتاج السلع والخدمات في الاقتصاد مما يسهم في رفع قيمة العملة الوطنية.
وفيما يتعلق بالسياسة النقدية شدد على ضرورة توجيه الائتمان نحو القطاعات الانتاجية، داعيا الدولة إلى احتكار تصدير السلع الاستراتيجية (الذهب، الصمغ العربي، الثروة الحيوانية، الحبوب الزيتية) من اجل زيادة حصيلتها من العملات الاجنبية وبالتالي قدرتها على التحكم في سعر الصرف والقدرة على استيراد السلع الاساسية (مواد بترولية، دقيق، غاز، ادوية، مدخلات انتاج، سكر…. الخ) بكميات مناسبة، وطالب بمحاربة عمليات السوق الأسود التي تسهم في تدهور وعدم استقرار قيمة العملة الوطنية.
وقال دكتور ابوبكر إن ثبات قيمة العملة الوطنية من احد ثلاثة شروط التي تحقق الاستقرار الاقتصادي بحانب كل من معدل تضخم منخفض ونسبة قليلة أو منخفضة لعجز الموازنة على الناتج المحلي الإجمالي. ويؤدي تحقيق الاستقرار الاقتصادي إلى تدفق الاستثمارات الاجنبية وبالتالي زيادة انتاج السلع والخدمات فيها وزيادة قيمة عملتها الوطنية وزيادة معدل نموها الاقتصادي، إلى جانب خفص معدلات البطالة والفقر وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
من جانبه قال الدكتور عمر محجوب حسين باحث اقتصادي إن خفض الجنيه السوداني ارتبط منذ الاستقلال بنمو الناتج المحلى الإجمالي السلبي، وتطبيق سياسات صندوق النقد الدولي.
واستعرض الفترات منذ 1960-1963 و 1965-1969 ، مشيرا إلى أنها ذات نمو سلبي، واستمرار النمو السلبى حتى العام 1989م عدا الفترة (1975-1976)، وذلك لاعتماد السودان على محصول نقدى واحد مما افقد الاقتصاد المرونة وجعله تحت ضغط تأرجح الاسواق العالمية.
وعزا المشكلة إلى ضعف ايرادات السودان من العملات الاجنبية وزيادة النفقات عن الايرادات وعجز ميزان المدفوعات نتيجة لذلك، وعدم القدرة على سداد الديون.
وأبان محجوب أن خفض الجنيه السودانى بدأ منذ 1980 بنسبة 25% لمشاركة صندوق النقد الدولي في وضع سياسات سعر الصرف في السودان، على اعتبار أن خفض قيمة الجنيه سوف يقلل النقص في النقد الاجنبي حيث تزداد الصادرات وتصبح اكثر ربحية بالاضافة إلى عجز السودان عن سداد ديونه احد اسباب اعتماد وصفات صندوق النقد الدولي؛ وتزامن مع خفض قيمة الجنيه طباعة المزيد من الاوراق النقدية وبالتالي زيادة الكتلة النقدية التي ادت إلى زيادة التضخم.
واشار محجوب إلى انه رغم خفض قيمة الجنيه ظل نمو الناتج المحلي الإجمالي سلبياً، وزاد عجز الموازنة حوالى 10%، ومعدل التضخم إلى 35% هذا فقط خلال الفترة 1980-1981. استمر هذا الحال دون ايجاد حلول لزيادة الصادرات وايجاد تنمية في قطاعات الزراعة وتنويعها والصناعة التحويلية
ونوه أنه تم الاعتماد على السياسات النقدية كأنها هي الحل لوقف تدهور قيمة الجنيه. وعزا اسباب انخفاض قيمة الجنيه المستمرة إلى سيطرة القطاع الزراعي بمساهمة في حدود 35 – 40 في المائة وعدم ادارة تدفقات رأس المال الأجنبي إلى القطاع بكفاءة مما أدى إلى فشل للمشاريع وتسبب ذلك في مشكلة الديون الضخمة، بجانب تفاقم الدين الخارجي بصورة كبيرة، وأثر ذلك على ثلاثة متغيرات مهمة الادخار، الاستثمار، والإنتاج.
وأشار محجوب إلى تأثر القدرة الإنتاجية نتيجة للنقص في قطع الغيار وانخفاض الطاقة، وعدم توفر مدخلات الانتاج الأساسية نتيجة لانخفاض العملات الصعبة، بجانب تحول ترتيب أولويات الاستثمار الأجنبي الغربي نحو دول شرق اوروبا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق الذى احدث فجوة اقتصادية.
وارجع الانخفاض الاخير للجنيه السوداني إلى زيادة الكتلة النقدية بصورة كبيرة، وسرعة انخفاض الجنيه السريعة تؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار والعملات الاجنبية الاخرى، ومحاولة ايجاد حل امني لوقف التدهور في قيمة الجنيه، والمبالغ التي دفعت مقدما لشركة الفاخر لشراء الذهب احد الاسباب، ومعاملتها بصورة تفضيلية فيما يتعلق بسعر الدولار مقابل الجنيه، وفشل الحكومة في ايجاد ايرادات لاستيراد القمح والمحروقات.