عقبة جديدة تعقّد مهام المبادرة الأممية في السودان
بعثة الاتحاد الأفريقي إلى السودان تنفي انسحابها من الآلية الثلاثية لتيسير الحوار الوطني في السودان.
الخرطوم – صقر الجديان
نفت بعثة الاتحاد الأفريقي إلى السودان الأربعاء انسحابها من الآلية الثلاثية لتيسير الحوار الوطني في السودان، في خطوة زادت الشكوك بشأن فرص نجاح المبادرة الأممية، إذ يأتي النفي بعد يوم تقريبا من إعلان انسحابها.
ويقول مراقبون إن التراجع عن الانسحاب جاء نتيجة ضغوط مورست في الساعات الماضية على البعثة لتعديل موقفها حتى لا ينهار ما تم التوصل إليه إلى حد الآن من تفاهمات بين الفرقاء السودانيين والتي لم تصل بعد إلى تحقيق اختراق نوعي قادر على حل الأزمة السياسية.
وقال ممثل الاتحاد لدى الخرطوم محمد بلعيش، خلال مؤتمر صُحفي مشترك الثلاثاء، عقده مع “قوى الحرية والتغيير – مجموعة التوافق الوطني” إن “الاتحاد الأفريقي لا يمكن أن يشارك في مسار لا تتبعه الشفافية والصدق وعدم الإقصاء”.
وأضاف “لن يشارك الاتحاد في مسار ليس فيه احترام لكل الفاعلين ومعاملتهم باحترام تام وعلى قدم المساواة”.
محمد بلعيش: لن نشارك في اجتماعات المراوغة وعدم الشفافية
وأفاد بأنه “قرر بناءً على توجهات القيادة الأفريقية عدم المشاركة مستقبلاً في اجتماعات التمويه والمراوغة وعدم الشفافية”، في إشارة إلى الحوار السوداني المباشر.
والاثنين قال حزب الأمة السوداني بزعامة مبارك الفاضل، في تصريحات نقلها إعلام محلي، إن الآلية الثلاثية “فشلت في إنهاء الأزمة السياسية في البلاد”.
وأشار الفاضل إلى أن رئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس “يجري مفاوضات خلف الطاولة، من أجل إعادة قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق) إلى السلطة”.
وتتكوّن الآلية الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد.
وفي الثامن من يونيو انطلقت في الخرطوم أولى جولات الحوار المباشر برعايةٍ أممية – أفريقية، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
وفي الثاني عشر من الشهر ذاته أعلنت الآلية الثلاثية تأجيل جولة الحوار الثانية إلى موعد يحدد لاحقا.
ويرى محللون أن الآلية الثلاثية لم تستطع إقناع القوى المؤثرة بوجوب الجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة، ووقفت في منطقة رمادية بين مشاركتها كمسهل لعملية التفاوض وبين رعايتها بشكل رسمي للمباحثات، وابتعدت عن الأسباب الحقيقية التي قادت إلى الانسداد السياسي.
ويشير هؤلاء إلى أنها لم تراع أيضا الأوزان السياسية للقوى الموجودة على الأرض وتعاملت مع جميع الأطراف باعتبارها ذات شعبية متساوية وفسحت المجال أمام مشاركة فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير، ما سهل قرار المقاطعة الذي توافقت عليه غالبية القوى المدنية.
الآلية الثلاثية لم تستطع إقناع القوى المؤثرة بوجوب الجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة، ووقفت في منطقة رمادية
وقالت القيادية بتجمع القوى المدنية ميرفت حمد النيل إن “طريق الآلية الثلاثية لا يمكن أن يُفضي إلى نتائج إيجابية لأنها اختارت تصنيف كافة الفاعلين على الساحة باعتبارهم فرقاء في حين أن هناك قوى محسوبة على النظام السابق وأخرى تحالفت مع الجيش ووقفت في صف الانقلاب، وهو أمر لم يكن ممكنا تجاوزه في ظل الوضعية الثورية التي تعيشها البلاد”.
وأضافت أن “نجاح أي محاولة تفاوضية يتوقف على إبعاد الجيش عن السلطة، وعدم التأسيس لشراكات جديدة مع الجيش بعد أن أثبتت التجربة السابقة أن تلك الصيغة لا تحقق مطالب الشارع، وهو ما يتطلب رؤية واضحة تعبر عن مطالب القوى الرئيسية”.
ومع تعثر الألية الثلاثية تجد الوساطة السعودية – الأميركية تقدما حذرا إذ تمكنت من جمع المدنيين والعسكريين حول طاولة حوار واحد، وهو اختراق يمكن البناء عليه، حسب مراقبين.
وبدأت الوساطة السعودية – الأميركية تمسك بزمام المبادرة في السودان بحذر بعد تراجع دور الآلية الثلاثية التي علقت اجتماعاتها إلى حين إحداث تقارب بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) والمكون العسكري، ما يشير إلى إمكانية حدوث اختراق لإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة في الخرطوم عبر وساطة تلعب فيها الرياض دورا مهما، لأنها اختصرت طريق التفاوض.
إقرأ المزيد