قطر تغرق في فسادها الرياضي
منذ ما قبل الإغريق حددت الدول والمجتمعات أهدافا واضحة لتنظيم البطولات الرياضية بينها إثارة التنافس الودي الشريف والترويح عن المشاهدين والمشاركين، وتنمية التقارب بين الشباب والشعوب.
ومن الواضح أن واحدا من هذه الأهداف النبيلة لم يخطر للنظام القطري على بال، لم تبق الرشى القطرية شرفا للتنافس، وأثار الفساد القطري التوتر بين الدول.
بينما حولت مشاهد اعتقال المسؤولين الرياضيين الفاسدين، متعة متابعة البطولات إلى مزيج من الإحساس بالشكّ وعدم الاكتراث، بعد أن أزرى الفساد القطري بالقيم الرياضية.
رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي وشبكة قنوات “بي إن سبورت” القطرية ناصر الخليفي، واحدٌ من أدوات الدوحة الذي تلاحقه رسميا 7 قضايا فساد مالي وإداري، في 3 دول هي مصر وفرنسا وسويسرا .
وتتنوع التهم الجنائية التي تلاحق الخليفي من تقديم رشاوي، والتحريض على الفساد، وتزوير الوثائق، والفساد المستتر وسوء الإدارة الجزائية المشددة، إلى جانب مخالفة قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.
كما أن قضايا رشاوي الخليفي التي تم كشفها، والتحقيق بها حتى الآن في فرنسا وسويسرا فقط تبلغ 5 قضايا، من بينها رشوة قدرها 2 مليون يورو لوكيل اللاعب الأرجنتيني خافيير باستوري من أجل تسهيل انتقاله إلى باريس سان جيرمان.
فضلا عن إيداع فوري بقيمة 3.5 مليون دولار لشركة بابا ماساتا دياك، وهو ابن رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، وشراء حقوق البث مقابل تسهيل فوز قطر بتنظيم البطولة، وتقديم فيلا خاصة إلى جيروم فالكه سكرتير عام الـ”فيفا” السابق في جزيرة سردينيا لمدة 18 شهرا، كرشوة قدرتها المحكمة بقيمة 2.3 مليون يورو.
بالإضافة إلى 1.25 مليون يورو لفالكه أيضا، على 3 دفعات مقابل تزوير مستندات ووثائق تسهل حصول قطر على حقوق البث الفضائي لعدد من بطولات كأس العالم وكأس القارات في الفترة ما بين عامي 2018 و2030.
ودفع الخليفي مبالغ متعددة وتقديمات عينية وهدايا بصفة شخصية إلى وكلاء لاعبين وأندية وهو ما يخالف القانون الرياضي.
ومكنت الرشى التي تجاوزت قيمتها 10 ملايين يورو قطر، من سرقة حقوق تنظيم العديد من البطولات الرياضية التي كان آخرها بطولة العالم لألعاب القوى، فضلا عن احتكار حقوق البث الفضائي للبطولات العالمية بين عامي عام 2018 و 2030 .
بالإضافة إلى الأحكام غير الجنائية الصادرة عن القضاء المصري والتي غرمت مجموعة “بي إن سبورت” القطرية بمبلغ 400 مليون جنيه عام 2018، بسبب مخالفتها المادة الثامنة من قانون حماية المنافسة.
هذا ما كشفته التحقيقات حتى اليوم وما خفي أعظم، ولكن هل ينحصر تأثير امبراطورية الفساد والإفساد التي يديرها الخليفي بالرياضة فقط؟دأم أن التحقيقات ستتسع لتشمل ملفات وشخصيات سياسية قطرية؟
ويبدو أن ما كشفته التحقيقات أيضا، أن معظم الرشى المدفوعة جاءت عبر شركة “أوريكس قطر” التي يملكها خالد الخليفي شقيق ناصر، وكانت بدورها تطلب الإذن بصرف مبالغ الرشى وتتلقى التعليمات مباشرة من خالد آل ثاني، وهو مدير مكتب تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر كما تؤكد هذه الوثيقة.
ويمثّل الخليفي رفقة شركاء جرائم الفساد النموذج الذي تقدمه قطر عن الرياضة وقيمها، فالرجل لا يعبر عن نفسه بقدر ما يعبر عن السياسات العامة لقطر.
فهل تستمر قطر باحتكار حقوق البث الفضائي وتنظيم البطولات التي تحصلت عليها بواسطة الرشاوي والفساد وعلى رأسها كأس العالم 2022؟
أم يستجيب الاتحاد الدولي لكرة القدم لمطالب الجماهير ومناشدات العديد من الدول ورؤساء اتحادات اللعبة؟ وينتصف لسمعة الرياضة والرياضيين ولأرواح مئات عمال البناء المنسيين، الذين قضى عليهم استهتار النظام القطري في معرض لهاثه، وراء سرقة البطولات وإفساد الغاية التي تقام من أجلها، وهي المتعة والمنافسة الشريفة والتقارب بين الشعوب.