“كارثة اجتماعية”.. لماذا ترتفع معدلات الطلاق في السودان؟
الخرطوم – صقر الجديان
شهدت معدلات الطلاق في السودان ارتفاعا خلال الفترة القليلة الماضية بصورة أثارت القلق على مستقبل اللحمة الاجتماعية بالبلاد.
وتشير بعض الإحصاءات إلى حدوث 7 حالات طلاق في كل ساعة بالسودان، لأسباب مختلفة، بينها تدهور الوضع الاقتصادي.
وأكدت السلطة القضائية بالسودان في إحصائية صادمة وقوع أكثر من 271 ألف حالة طلاق في البلاد خلال 4 سنوات، بين عامي 2016 إلى 2020.
وتكشف الحصيلة ذاتها أن عام 2021 شهد 64 ألف حالة طلاق بالسودان، وأن العاصمة الخرطوم سجلت أعلى معدل بـ19 حالة طلاق خلال السنة الماضية.
ويرى مهتمون أن هذه الحصيلة تنذر بكارثة اجتماعية إذ تقود لتفكك العائلات وتشريد الأطفال مما يفاقم هذه الظاهرة المنتشرة أصلاً في هذا البلد.
ورغم التراجع المريع في الوضع الاقتصادي بالسودان خلال العقد الماضي، إلا أن خبراء يرون أن تدهور الوضع المعيشي لم يكن سبباً في ازدياد معدلات الطلاق بالبلاد، والتي كانت نتيجة لتعقيدات اجتماعية عدة حسب اعتقادهم.
الزواج المبكر
وتعتقد الإخصائية النفسية صفاء الأصم أن التأسيس الخاطئ للحياة الزوجية كان سبباً رئيسياً في الارتفاع المضطرد في معدلات الطلاق بالسودان.
وتقول الأصم في حديثها لـ”العين الإخبارية” إن “السودانيين عادوا مجددا إلى التقليد السيئ وتزويج الفتيات وهن صغيرات وقاصرات، حيث تكون البنت في سن صغيرة ولا تتحلى بالمسؤولية الكافية التي تجعلها قادرة على التكييف مع الواقع الجديد وقد تبدر منها تصرفات خاطئة، وينطبق ذلك على الأولاد أيضاً”.
وإلى جانب الزواج المبكر، ترى صفاء أن من أسباب ارتفاع الطلاق بالبلاد، انتشار المخدرات والإدمان وتأثر كثير من الشباب بالعولمة، وتصاعد السلوك الإباحي حيث يتعاملون مع الزواج لإشباع الرغبات الجنسية فقط بخلاف القيم الأخرى كالمودة والرحمة وغيرها.
وشددت على أن الوضع الاقتصادي السيئ تسبب في زيادة الضغط النفسي للعائلات السودانية والذي تنتج عنه حالات طلاق في كثير من الأحيان.
وقالت: “الوعي المجتمعي بسيط للغاية، بجانب الخلافات والنزاعات الدينية وانعدام السقف الأخلاقي للتعامل مع الحياة الزوجية كقيمة، كل ذلك قاد لإنتاج أسر مفككة”.
سلوك جديد
ويشير المحامي حذيفة عابدين إلى أنه يتلقى 3 قضايا طلاق على الأقل كل شهر، وينطبق الحال على بقية زملائه بالمجال القانوني، وهو ما يعكس تزايد معدل الطلاق بالبلاد.
وشدد عابدين في حديثه لـ”العين الإخبارية” على أن الطلبات التي تصلهم في غالبها تتعلق بالكلفة والنفقة للأبناء، ودعاوى أخرى تتصل بطلب الطلاق “الخلع”، مشيرا إلى أن هذا سلوك جديد على المجتمع السوداني.
وقال: “نحن نتعامل بمهنية وما يقتضيه قانون الأحوال الشخصية في الدعاوى المتعلقة بالطلاق، ونكمل إجراءات القضية لكن إذا شعرنا بأن الطرفين يمكن أن يحلا المشكلة وديا نسعى للصلح”.
تدهور الوضع المعيشي
وفي هذا الجانب، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن تدهور الوضع المعيشي أهم أسباب تزايد معدلات الطلاق في السودان.
وقال الناير في حديثه لـ”العين الإخبارية” إن ارتفاع معدل الصرف الناتج عن الغلاء وتصاعد نسب التضخم وضعف القوى الشرائية للجنيه السوداني أدى لعجز بعض أرباب المنازل عن الوفاء بالحد الأدنى للمعيشة.
وأضاف: “انعكست هذه الأوضاع على معدلات الطلاق وكذلك ستلحق بالتعليم الذي أصبح يشكل عبئا كبيرا جدا على رب الأسرة. ولم تتجل هذه الأزمة بصورة واضحة، لكن ستظهر في الأيام الققبلة”، على حد قوله.
إقرأ المزيد