مع نهاية 2020.. إليك ما نجهله إلى الآن عن “كوفيد-19”
عندما أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن حالات الإصابة بفيروس كورونا لأول مرة في 31 ديسمبر 2019، تم وصفها بأنها سلالة جديدة غامضة من الالتهاب الرئوي.
وفي غضون أسبوعين، حدد العلماء الصينيون تسلسل جينوم الفيروس، الشيفرة الجينية التي يتكون منها الفيروس. ثم بعد ثلاثة أسابيع، تم إنشاء مجموعات الاختبار الأولى ومشاركتها من قبل منظمة الصحة العالمية. وبعد 11 شهرا بقليل عن إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن الفيروس، بدأ تطعيم المتطوعين الأوائل باللقاحات المضادة لـ”كوفيد-19″، ما جعلها أسرع لقاحات يقع تطويرها على الإطلاق.
والسرعة التي تعلمنا بها عن فيروس كورونا غير مسبوقة، ويقول العلماء إننا نعرف بالفعل قدرا كبيرا من المعلومات حول هذا الوباء العالمي. ولكن، بعد مرور عام على ظهور الفيروس، ما يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عنه.
وتتراوح هذه المعلومات المجهولة ما بين الأساسيات، مثل كيف بدأ الفيروس، إلى الأسئلة الأكثر تعقيدا، بما في ذلك كيف سينتهي؟
– أين نشأ الفيروس؟
بينما تتسابق الحكومات لإيجاد لقاح للفيروس، يستمر الغموض بشأن مسقط رأس الفيروس؟
وأحدث مصدر الفيروس ارتباكا حول العالم وأثار نظريات المؤامرة. وفي البداية، بدا الفيروس وكأنه مرتبط بسوق ووهان الذي يبيع حيوانات حية، لكن دراسة نشرت في يناير على موقع ” لانسيت ” وجدت أن ثلث المرضى الأوائل ليس لديهم صلة مباشرة بهذا السوق.
وتساءل البعض، بمن فيهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عما إذا كان الفيروس قد تم إطلاقه بعد دراسته أو إنشائه في مختبر ووهان، إلا أن العلماء يقولون إن هناك أدلة دامغة على أن الفيروس نشأ في البرية، ويقولون إن أقرب الأقارب المعروفين لفيروس كورونا يختلفون جينيا عن “كوفيد-19” لدرجة أنه تم تسريبه وتسبب في تفشي المرض لاحقا.
وعلى الرغم من كثرة نظريات المؤامرة، هناك بعض الأشياء التي يتفق عليها معظم العلماء، بينها أن “كوفيد-19” ينتمي إلى فيروسات كورونا، وهو نوع من الفيروسات المسؤول عن أمراض من نزلات البرد إلى السارس. وهو حيواني المصدر، ما يعني أنه جاء أصلا من حيوان.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الخفافيش هي النواقل المحتملة والمعروفة بأنها تحمل فيروسات كورونا. وما يزال معظم العلماء يعتقدون أن الفيروس انتقل إلى البشر في الصين، حيث تم تحديد الحالات الأولى.
لكننا ما زلنا لا نعرف من أين انتقل الفيروس لأول مرة إلى البشر، وما إذا كان قد انتقل من خلال وسيط حيواني، قبل إصابة البشر. وهذه أسئلة قد لا نجيب عنها أبدا، بالنظر إلى أنه في أكثر من 40 عاما منذ اكتشاف إيبولا، لم يتمكن العلماء من تحديد الحيوان الذي جاء منه بشكل قاطع.
– لماذا يؤثر المرض على بعض الناس أكثر من غيرهم؟
عندما تم التعرف على “كوفيد-19” لأول مرة، كان يُنظر إليه على أنه مرض تنفسي. ولكن مع مرور أشهر، ظهرت مجموعة من الأعراض والمضاعفات للمرض.
ويفقد الكثير من الناس حاسة الشم لديهم. ويعاني البعض من الإسهال أو تلون أصابع أيديهم أو أقدامهم. حتى أن البعض يعاني من ضعف الإدراك أو تلف في الدماغ.
ونعلم الآن أنه حتى أولئك الذين يتعافون من “كوفيد-19” يمكن أن يتعرضوا لتأثيرات طويلة الأمد، بما في ذلك القلق وتلف الدماغ والتعب المزمن.
ووجدت دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية في أغسطس أن حوالي 10% من المرضى يعانون من مرض طويل الأمد من “كوفيد-19” يستمر لأكثر من 12 أسبوعا.
لكن العلماء لا يعرفون إلى متى تستمر هذه التأثيرات من COVID-19، ولا يمكنهم حقا تفسير سبب معاناة بعض الأشخاص أكثر من غيرهم.
ووصفت رسالة نُشرت في مجلة Annals of Internal Medicine في نوفمبر حالة إصابة شقيقين توأمين متطابقين يبلغان من العمر 60 عاما بفيروس “كوفيد-19” ولكن كانت لهما نتائج مختلفة تماما. وخرج أحدهما من المستشفى بعد أسبوعين دون أي مضاعفات، ونُقل الآخر إلى العناية المركزة ويحتاج إلى جهاز التنفس الاصطناعي.
وأظهرت الحالة ما كان الباحثون يلاحظونه منذ أشهر: يبدو أن هناك شبه عشوائية في مدى تأثير فيروس كورونا على الأشخاص المختلفين، على الرغم من وجود بعض الأشخاص الذين لديهم مخاطر أعلى للإصابة بمرض شديد بسبب الأمراض المزمنة الحالية أو الشيخوخة، من بين عوامل أخرى.
ولاحظ العلماء اتجاهات تظهر أن كبار السن والرجال يميلون إلى أن يكونوا أكثر عرضة للخطر. ويعرف العلماء شيئا عن سبب ميل الأطفال للإصابة بعدوى أقل خطورة من فيروس كورونا، وذلك لأن لديهم عدد أقل من مستقبلات ACE2 في أنوفهم، والتي تسهل دخول الفيروس التاجي إلى خلايانا. لكنهم لا يستطيعون حقا تفسير سبب ارتفاع معدل الوفيات من فيروس كورونا لكبار السن.
– كيف ينتشر فيروس كورونا؟
في يناير الماضي، أكدت الصين أن الفيروس يمكن أن ينتشر من إنسان إلى آخر. لكن بعد مرور عام كامل، ما يزال هناك جدل حول كيفية حدوث ذلك بالضبط.
ويقول العلماء إن الطريقة الرئيسية لانتشار الفيروس هي الرذاذ الذي يتم إرساله في الهواء عندما يسعل شخص ما أو يعطس. وتسقط هذه القطرات على الأرض بعد متر أو مترين، ويمكن للأقنعة أن تساعد في منع انتشارها.
لكن بعض العلماء يجادلون بأن الفيروس ينتشر أيضا عن طريق الهباء الجوي، وهي جزيئات أصغر بكثير يمكن أن تبقى معلقة في الهواء لساعات وتنتقل لمسافات طويلة.
ووجدت دراسة حديثة كورية جنوبية أن قطرات الفيروس يمكن أن تصيب الأشخاص على بعد أكثر من مترين بسبب تدفق الهواء من وحدة تكييف الهواء.
وهناك أسئلة أخرى أيضا، بينها: ما هي جرعة الفيروس التاجي التي يحتاجها شخص ما للإصابة؟، وأيضا مدى مشاركة الأطفال في نشر الفيروس.
وكل هذه الأسئلة مهمة لأن لها آثارا على نهج السياسات التي تتبعها الحكومات.
– ما هي مدة المناعة؟
في أغسطس، قال باحثون من جامعة هونغ كونغ إن رجلا يبلغ من العمر 33 عاما أصيب مرة أخرى بـ”كوفيد-19″، بعد 4.5 أشهر من إصابته لأول مرة.
ويبدو أن هذا يؤكد ما كان يخافه بعض الناس، بأنه من الممكن أن يصابوا مرتين بالعدوى.
والنبأ السار، وفقا للخبراء، هو أنه بينما يمكن أن يصاب بعض الأشخاص بالعدوى مرتين، إلا أنه يعد أمرا نادرا، خاصة وأنه لدى غالبية الناجين من “كوفيد-19” لا يبدو أنه يمكنهم الإصابه به للمرة الثانية لمدة 6 أشهر على الأقل بعد الإصابة الأولى.
ولذلك يطرح بشدة السؤال حول ما هي مدة استمرار المناعة الطبيعية من الفيروس.
ولا يمكن للعلماء الإجابة عن ذلك حتى الآن لأن الفيروس لم يكن معنا لفترة كافية، وينطبق الشيء نفسه على اللقاحات، حيث أنه من غير المعروف إلى متى تدوم المناعة التي يمنحها أيضا.
ورغم ذلك، فإن العلماء متفائلون بشأن اللقاحات ويعتقدون أن فرصة حدوث آثار جانبية طويلة الأمد غير مرجحة. ولا يعرف في الواقع، ما إذا كان الفيروس سيتحول بطريقة تجعل اللقاحات غير فعالة.
– متى سينتهي الوباء؟
يعلق الكثيرون حول العالم آمالهم على اللقاحات، لكن حتى هذا ليس حلا سريعا. ومن المحتمل أن يستغرق تطعيم غالبية سكان العالم سنوات، وهو أمر سيكون ضروريا لوقف الانتشار. وتظهر استطلاعات الرأي أن بعض الأشخاص قد لا يكونون على استعداد للتلقيح. وحتى لو فعلوا ذلك، فإن اللقاح ليس حلا سحريا.
ومن المحتمل أنه حتى بعد انتشار التطعيم، فقد نضطر إلى التعايش مع الفيروس، بالنظر إلى أنه تم الإعلان عن القضاء على فيروس واحد فقط في تاريخ البشرية بواسطة لقاح، وهو الجدري.
وهناك قضايا أخرى يمكن أن تؤثر على مدة بقاء الفيروس التاجي معنا، مثل ما إذا كان الفيروس يتحور أو يطور سلالة جديدة. ومن المحتمل أن يصبح الفيروس أقل فتكا أو أقل عدوى، ولكن من الممكن أيضا أن يصبح الفيروس أكثر ضراوة.
وتم تسليط الضوء على هذا الاحتمال من خلال إعلان المملكة المتحدة الأخير أنها حددت سلالة جديدة من فيروس كورونا يبدو أنها أكثر عدوى بنسبة 70% من السلالة القديمة.
وفي غضون ذلك، سنحتاج إلى الاعتماد على مجموعة من التدابير الأخرى. وهذا قد يعني على الأرجح أخذ مجموعة من وسائل الحماية المختلفة مجتمعة.
وهنا يأتي دور جميع الأسئلة حول كيفية انتشار الفيروس وكيف يتأثر الأشخاص المختلفون. والإجابة عنها مهمة ليس فقط للتعامل مع التفشي الحالي، ولكن لتفشي المرض في المستقبل.