أخبار السياسة المحلية

مقتل أنس فيصل كرتي في أم سيالا: ضربة موجعة لكتائب البراء وتراجع ميداني للحركة الإسلامية

كردفان – صقر الجديان

في تطور جديد يعكس تصاعد خسائر التيار الإسلامي في السودان، قُتل القيادي البارز في كتائب البراء بن مالك، أنس فيصل كرتي، خلال المعارك المشتعلة في منطقة أم سيالا بولاية شمال كردفان، ما يشكّل نكسة حقيقية للحركة الإسلامية التي تواجه تحديات متزايدة على المستويين السياسي والعسكري.

ينتمي أنس فيصل إلى واحدة من أكثر العائلات نفوذًا داخل الحركة الإسلامية، فهو ابن شقيق علي كرتي، الزعيم الفعلي للإخوان المسلمين في السودان، والمطلوب دوليًا ضمن قائمة العقوبات.

وكان أنس يمثل الجيل الجديد من القيادات الشبابية التي حاولت تجديد المشروع الإسلامي عبر بوابة الحرب والمشاركة العسكرية إلى جانب الجيش.

أنس فيصل: قائد شاب من صقور التيار الإسلامي

برز أنس منذ سنوات في أوساط التيار الإسلامي كأحد الوجوه الدعوية والعقائدية المتشددة، حيث نشط في المراكز الطلابية والكتائب التربوية التابعة للحركة، قبل أن يلتحق لاحقًا بالجناح العسكري للحركة تحت راية كتائب البراء بن مالك.

وقد سطع نجمه داخل هذه الكتائب نتيجة خطابه المتشدد ومهاراته التنظيمية، ما أهّله لتولي مناصب قيادية ميدانية متقدمة.

وبحسب مصادر مطلعة، لعب أنس دورًا محوريًا في تجنيد المقاتلين الإسلاميين الشباب من ولايات كردفان ودارفور، وتحريضهم على خوض معارك “الجهاد” ضد قوات الدعم السريع، باعتبارها “قوة مرتدة خارجة عن المشروع الإسلامي”، بحسب وصفه في أحد التسجيلات الصوتية التي نُسبت إليه.

وقد عُرف أنس داخل التيار الإسلامي بولائه المطلق لخط علي كرتي، وبتمسكه برؤية تقوم على توظيف الحرب كأداة لاستعادة السلطة الإسلامية، متجاوزًا حتى الخطاب التقليدي لبعض الشيوخ الذين دعوا إلى التهدئة أو الانخراط في العملية السياسية.

خسائر متتالية تضعف الكتائب الإسلامية

يأتي مقتل أنس ضمن سلسلة من الخسائر البشرية التي تكبدتها الحركة الإسلامية في ساحات القتال، إذ تشير التقارير إلى مقتل عدد من القادة الميدانيين التابعين لكتائب البراء وظل الدولة خلال الأشهر الماضية، خصوصًا في جبهات بحري، ونيالا، والفاشر، والخرطوم بحري.

ويرى مراقبون أن هذه الخسائر المتزايدة تؤشر إلى تآكل القوة البشرية المؤدلجة التي كانت تعوّل عليها الحركة في فرض نفوذها داخل مؤسسات الدولة بعد الحرب.

كما أن مقتل أنس، وهو أحد أبرز الوجوه الشابة، يُفقد التيار الإسلامي فرصة ثمينة في مشروع “التجديد العقائدي والميداني” الذي كانت بعض قياداته تخطط له داخل الجيش والمنظومة الأمنية.

وفي السياق نفسه، أكد مصدر مقرب من قيادة الحركة الإسلامية أن أنس كان يُعد من “الكوادر النوعية” التي تم إعدادها بعناية منذ سنوات، ليكون جسرًا بين الجيل المؤسس والتيار الشبابي، مشيرًا إلى أن غيابه سيترك فراغًا يصعب تعويضه في المدى القريب.

مأزق وجودي للحركة الإسلامية في السودان

مع استمرار الحرب وتبدل موازين القوى، تواجه الحركة الإسلامية في السودان واحدة من أصعب لحظاتها منذ سقوط نظام عمر البشير في 2019. فبينما تسعى لاستعادة نفوذها عبر التحالف مع الجيش، تصطدم بحقيقة تراجع شعبيتها وتناقص كوادرها القتالية، في ظل استنزاف ميداني وقصف إعلامي داخلي وخارجي.

مقتل أنس فيصل في هذا السياق ليس مجرد خبر ميداني، بل هو مؤشر على تراجع نفوذ المشروع الإخواني في السودان، وعجزه حتى اللحظة عن إنتاج قيادة ميدانية قادرة على الصمود والمناورة في واقع معقّد تتنازعه الولاءات، وتتهدده التدخلات الإقليمية والدولية.

يبقى السؤال المطروح: هل ستعيد الحركة الإسلامية مراجعة خياراتها بعد هذه الخسائر، أم تمضي في مشروعها التصادمي حتى النهاية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى