هل استبعد السودان وإثيوبيا مصر من اتفاق حول قضايا سد النهضة
رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس الوزراء الإثيوبي يعلنان خلال لقاء في الخرطوم الاتفاق على كافة القضايا المتعلقة بسد النهضة، في إعلان يثير علامات استفهام حول مصير المفاوضات مع القاهرة.
الخرطوم – صقر الجديان
أكّد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان في ختام اجتماع في الخرطوم مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أنّ البلدين “متوافقان ومتّفقان حول كافة قضايا سدّ النهضة”، المشروع الكهرمائي الضخم الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل ويثير توتّرات مع كلّ من الخرطوم والقاهرة.
ولم يتضح على وجه الدقة ما إذا كانت الخرطوم انخرطت في اتفاقيات ثنائية بعيدا عن مصر، التي تتقاسم وإياها المخاوف ذاتها من تهديدات سد النهضة لحصتهما المائية.
أمّا الملف الخلافي الآخر بين البلدين فيتمثل في سدّ النهضة المشروع الضخم الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق.
وفي فبراير 2022 اتّهمت الخرطوم والقاهرة أديس أبابا بأنّها قرّرت بشكل منفرد بدء توليد الطاقة الكهربائية من هذا السدّ.
وتعتبر مصر سد النهضة الضخم تهديدا وجوديا، وسط مخاوف من أن يقلص حصص مصر المائية من دولة المصب (إثيوبيا) ويؤثر على منسوب نهر النيل الذي يعتبر شريان حياة للمصريين.
وكانت القاهرة والخرطوم تتحركان على مسار واحد في مواجهة العناد الإثيوبي في هذه القضية، بينما تعثرت المحادثات الثلاثية وسط خلافات حول عدة نقاط. ووصلت المفاوضات حول قواعد تشغيل السد وملئه إلى طريق مسدود في 2022. وواصلت إثيوبيا ملء السد من دون اتفاق مع القاهرة والخرطوم.
واشتكت مصر العام الماضي من التعنت الإثيوبي وطلبت من الولايات المتحدة التدخل في هذه القضية.
وفي أول زيارة له إلى الخرطوم منذ الانقلاب الذي نفّذه البرهان على شركائه المدنيين في السلطة في أكتوبر 2021، عقد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد سلسلة لقاءات في العاصمة السودانية، توّجها بقمّة مع البرهان. وهذه أول زيارة له إلى الخرطوم منذ أغسطس 2020.
ونقل بيان رسمي سوداني عن البرهان قوله خلال القمّة إنّ “السودان وإثيوبيا متوافقان ومتّفقان حول كافة قضايا سدّ النهضة”، بينما أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أنّ “سدّ النهضة لن يسبّب أيّ ضرر على السودان، بل سيعود عليه بالنفع في مجال الكهرباء”.
وأكّد البرهان “ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين السودان وإثيوبيا في القضايا الثنائية إقليميا ودوليا”، وفق البيان.
وفي ما يتعلّق بالخلاف الحدودي بين البلدين، أكّد رئيس مجلس السيادة السوداني أنّ “الوثائق والآليات الفنية والحوار تمثّل المرجعية الأساسية في هذا الشأن”.
وقال آبي أحمد إنّ الغرض من زيارته هذه هو “إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة المهمّة في مسيرته السياسية”، موضحا أن الخلاف الحدودي بين البلدين “قضية قديمة يجب الرجوع إلى الوثائق لحلّها”.
وشهدت العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا توترا في الأعوام الأخيرة بسبب خلاف حدودي، إضافة إلى تدفق لاجئين من إقليم تيغراي الإثيوبي الذي توقّفت فيه الحرب قبل شهرين.
وسبق أن التقى البرهان وأحمد في إثيوبيا في أكتوبر الماضي، لكنّ آخر زيارة لرئيس الوزراء الإثيوبي إلى الخرطوم تعود إلى نوفمبر 2020، إبّان حكومة رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك.
وتصاعد التوتر بين البلدين الجارين إثر اندلاع النزاع في إقليم تيغراي بين الحكومة الإثيوبية المركزية وجبهة تحرير شعب تيغراي. وأجبر النزاع العشرات من الآلاف على عبور الحدود إلى السودان طلبا للجوء.
وفي نوفمبر الماضي، وقّعت حكومة أديس أبابا ومتمردو تيغراي اتفاق سلام أنهى عامين من القتال الذي تسبّب، بحسب واشنطن، في مقتل نحو نصف مليون شخص.
وتأثّرت علاقات البلدين أيضا بقضية منطقة الفشقة الحدودية، وهي أرض زراعية خصبة على الشريط الحدودي يزرعها مزارعون إثيوبيون في ظلّ مطالبة السودان بها. وتطوّر هذا الخلاف أحيانا إلى مواجهات مسلّحة.
وتعمّقت الأزمة السودانية عقب الانقلاب الذي أطاح بالحكومة المدنية، التي تولت السلطة على إثر إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في 2019.
وفي ديسمبر من العام الماضي، وقّع المدنيون والعسكريون السودانيون اتفاق سلام يمهّد لتشكيل حكومة مدنية وإنهاء الأزمة السياسية.
إقرأ المزيد