أردوغان يصدر مرسوما بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد بعد حكم قضائي
اسطنبول (صقر الجديان) –
وقع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الجمعة مرسوما بإعادة متحف آيا صوفيا إلى مسجد، حيث ستقام أول صلاة فيه خلال أسبوعين، وذلك بعدما أبطلت محكمة عليا قرارا لمؤسس تركيا الحديثة بتحويل المبنى إلى متحف.
وتحدث أردوغان بعد ساعات قليلة من إعلان قرار المحكمة، متجاهلا تحذيرات دولية من تغيير وضع المعلم الأثري الذي يرجع تاريخه إلى 1500 عام والذي له قيمة كبيرة لدى المسيحيين والمسلمين.
كانت الولايات المتحدة واليونان وزعماء كنائس ضمن من عبروا عن قلقهم من تغيير وضع المبنى، المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، والذي تم تحويله إلى متحف في الأيام الأولى من عمر الدولة التركية العلمانية الحديثة في عهد مصطفى كمال أتاتورك.
ولآيا صوفيا شأن كبير في الإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية وهو أحد أهم المقاصد السياحية في تركيا في الوقت الراهن.
وندد رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس ”بأشد العبارات“ بقرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وقال مكتبه في بيان ”هذا اختيار يسيء إلى كل أولئك الذين يعترفون بهذا المعلم الأثري باعتباره موقع تراث عالميا. وبالطبع لن يؤثر فقط على العلاقات بين تركيا واليونان، وإنما أيضا على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي“.
وقالت منظمة يونسكو إن لجنة التراث العالمي ستراجع موقف آيا صوفيا. وأضافت في بيان ”من المؤسف أن القرار التركي لم يكن محل نقاش ولا حتى إخطار مسبق“.
ولطالما اقترح أردوغان إعادة المبنى إلى مسجد مرة أخرى.
وقال في خطاب للأمة ”بهذا الحكم القضائي، وبالاجراءات التي اتخذناها بما يتفق مع القرار، عاد آيا صوفيا مسجدا مرة أخرى، بعد 86 عاما، على النحو الذي أراده له فاتح اسطنبول“.
وأضاف أن تركيا يمكنها الآن تجاوز ”لعنة الله والأنبياء والملائكة“ التي قال السلطان العثماني محمد الثاني الملقب بالفاتح إنها ستحل على من يحوله من مسجد.
وقال الرئيس التركي الذي وقع في وقت سابق يوم الجمعة قرارا بتسليم إدارة آيا صوفيا إلى هيئة الشؤون الدينية ”مثل كل مساجد تركيا، ستكون أبواب آيا صوفيا مفتوحة للجميع، للمواطنين والأجانب، للمسلمين وغير المسلمين“.
وقال مجلس الدولة الذي يعد أعلى محكمة إدارية في تركيا في حكمه إنه خلص إلى أن ”سند الملكية قد خصصه كمسجد ومن ثم فإن استخدامه في غير هذه الطبيعة غير جائز قانونا“.
وأضاف ”القرار الحكومي الصادر في عام 1934 الذي أوقف استخدامه كمسجد وخصصه كمتحف لم يكن متفقا مع القوانين“، في إشارة إلى مرسوم وقعه أتاتورك.
* تصفيق
قالت الرابطة التي رفعت القضية إلى المحكمة، والتي كانت أحدث خطوة في معركة قانونية استمرت لمدة 16 عاما، إن ملكية آيا صوفيا تعود للقائد العثماني الذي سيطر على المدينة في عام 1453 وحول المبنى الأثري الذي كان بالفعل كنيسة بيزنطية عمرها 900 عام إلى مسجد.
وبنى العثمانيون مآذن في البناء الضخم المقبب وبالداخل أضافوا ألواحا ضخمة مخطوطا عليها أسماء الله والنبي محمد وخلفاء المسلمين. وبعدما جرى تحويل آيا صوفيا إلى متحف، تم الكشف مجددا عن الأيقونات المسيحية والفسيفساء الذهبية التي طمسها العثمانيون.
وألقى أردوغان بثقله وراء حملة تحويل المبنى لمسجد مجددا قبل انتخابات محلية جرت العام الماضي.
وتجمع المئات قرب آيا صوفيا للاحتفال بحكم المحكمة. وقال عثمان وهو معلم ”الذين بنوا هذا بنوه من أجل عبادة الله أيضا“.
وأضاف ”الحمد لله لقد عاد اليوم إلى الغرض الأساسي منه. اليوم سيُعبد الله في هذا المسجد“.
وفي البرلمان التركي في أنقرة وقف أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان وصفقوا بعد قراءة مرسومه بصوت عال.
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء أن الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا عبرت يوم الجمعة عن أسفها لأن القضاء التركي لم يعر مخاوفها اهتماما عندما اتخذ قراره وقالت إن القرار قد يثير انقسامات أكبر.
وفي وقت سابق، قال البطريرك المسكوني بارثولوميو، الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم إن ”تحويل آيا صوفيا إلى مسجد سيثير غضب ملايين المسيحيين حول العالم“ وسيتسبب في ”شرخ“ بين الشرق والغرب. ويتخذ البطريرك بارثولوميو من اسطنبول مقرا له.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها شعرت ”بخيبة أمل“ بسبب قرار تحويل هذا الأثر التاريخي إلى مسجد.
وقالت مورجان أورتاجوس المتحدثة باسم الوزارة في بيان ”نفهم أن الحكومة التركية ما زالت ملتزمة بالحفاظ على إمكانية وصول كل الزائرين لآيا صوفيا ونتطلع للاستماع إلى خططها لمواصلة إدارة آيا صوفيا لضمان إمكانية وصول الجميع إليه دون عائق“.
لكن جماعات تركية نظمت حملات منذ فترة طويلة تدعو لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد وقالت إن ذلك سيعكس بشكل أفضل هوية تركيا كدولة ذات أغلبية ساحقة من المسلمين.