أسرار وخبايا.. لماذا تكره الحكومات تطبيق تيك توك؟
لا تزال الدعوات إلى حذف تطبيق الفيديوهات القصيرة “تيك توك” أو حظره مستمرة من حكومات الدول حول العالم، بسبب مخاوف من أن شركة “ByteDance” المطورة للتطبيق قد تسمح للحكومة الصينية باستخدامه كوسيلة لجمع بيانات المستخدمين ومعالجتها، وهو ما سيشكل تهديداً للأمن القومي في هذه البلاد.
فقد حظرت الحكومة الهندية الأسبوع الماضي التطبيق مع 58 تطبيقا صينيا آخر، فيما تدرس الولايات المتحدة أيضا حظر التطبيق إلى جانب تطبيقات التواصل الاجتماعي الصينية الأخرى، كما تجري الحكومة الأسترالية تحقيقا عن التطبيق ووجهت أفراد وزارة الدفاع بعدم استخدام التطبيق في هواتفهم.
فما هي الأسباب التي تدعو هذه الحكومات إلى حذف تطبيق تيك توك وحظره؟
في البداية، لا يقدم التطبيق نوع البيانات التي يجمعها، ومن المفترض أن يجمع تيك توك البيانات نفسها التي تقوم تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى بجمعها، إلا أن المشكلة تتعلق بآلية جمع البيانات على التطبيق، وذلك وفق العديد من خبراء الأمن الرقمي، والتي تكمن بأن الكثير من هذه البيانات تُجمع بطريقة غير واضحة.
بدوره، كشف ماثيو وارن، أستاذ الأمن السيبراني بجامعة RMIT، أن ما يحدث عندما تقوم بتثبيت تطبيق مثل تيك توك، هو أنك تمنحه إذن الوصول إلى الميكروفون والكاميرا وجهات الاتصال الخاصة بك وهو ضروري لعمل التطبيق، ولكن هذا أيضاً هو المكان الذي تصبح فيه الأمور أكثر ضبابية، حيث يكمن الشك في أن التطبيق يمكنه أيضاً جمع بيانات موقعك ويحتمل أن يقوم التطبيق بجمع معلومات عن التطبيقات الأخرى في هاتفك المحمول.
“يستغل البيانات”
فيما أوضح مستخدم في موقع Reddit إنه قام بتحليل آلية عمل تطبيق تيك توك ووجد أنه يجمع بيانات أكثر بكثير من التطبيقات الأخرى، حيث قال: “تيك توك يعتبر خدمة لجمع البيانات تظهر كموقع تواصل اجتماعي، وإذا وجدت ثغرة في واجهة برمجة أي تطبيق تسمح له بجمع معلومات عنك أو عن جهات اتصالك فإن هذا التطبيق يستغل هذه البيانات”.
واحتوت المشاركة المنشورة أيضاً على شرح تقني لنوع البيانات المخزنة في تيك توك والطرق التي منع بها التطبيق المستخدمين من رفض جمع بياناتهم عبر التطبيق، كما أبرزت المشاركة أن التطبيق يحاول منعك من معرفة مقدار البيانات التي يجمعها عنك.
صيني المنشأ
وفقًا لمحلل معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي (Fergus Ryan)، فإن الشيء الرئيسي الذي يميز تطبيق تيك توك عن باقي التطبيقات الأخرى هو حقيقة أنه مملوك لشركة صينية، ويضيف قائلًا: “الكثير من التطبيقات التي يستخدمها الأشخاص، ومن ضمنها تطبيقات التواصل الاجتماعي تجمع كمية هائلة من البيانات عن مستخدميهم، وغالبًا ما تكون الأذونات التي تطلبها كثيرة للغاية، ولكن الشيء الذي يجعل تطبيق تيك توك مختلفًا، هو أنه من الصين، وهذا يضعه في نطاق سلطة قانونية معينة، مما يعني أنه بسبب مجموعة من قوانين الأمن القومي المختلفة في الصين، لا يوجد قانون محدد يمنع السلطات الصينية من استخدام بيانات المستخدمين التي تحتفظ بها الشركة المطورة للتطبيق”.
وأضاف: “هذا يعني أنه عندما ترغب وكالات الاستخبارات الصينية، على سبيل المثال: في إلقاء نظرة على هذه البيانات، لا يوجد قانون يقف في طريقها، بعكس الشركات الموجودة في الولايات المتحدة، التي يمكنها رفض أي تعليمات حكومية تنتهك خصوصية مستخدميها، وهذا ببساطة لا يمكن أن يحدث في الصين”.
حرب الذكاء الاصطناعي
من جهة أخرى، تعمل الشركة الصينية (ByteDance) المطورة لتطبيق تيك توك في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي، وتستخدم مثل هذه التطبيقات لجمع البيانات وتحليلها لتعزيز عملها، ومن أجل ذلك فإنها تقوم بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات فالأمر بالنسبة لها يعتبر أولوية قصوى.
ومن ثم نجد أن تطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل: تيك توك وفيسبوك، كثيراً ما تتجاوز الحدود عندما يتعلق الأمر بجمع بيانات المستخدمين وانتهاك خصوصية المستخدمين، ولكن يبدو أن تطبيق تيك توك يفعل ذلك بشكل متعمد من خلال التركيز على جمع أكبر قدر ممكن من البيانات بتعليمات من الحكومة الصينية لتحقيق هدفها في التفوق على الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
يشار إلى أن “حرب التطبيقات” أضحت مؤخراً سبباً جديداً لإزكاء نار الحرب بين الولايات المتحدة والصين المستمرة منذ أشهر، والتي بدأت بالخلافات التجارية، ثم جائحة كورونا، مرورا بهجمات الهاكرز الصينية على بعض مراكز الأبحاث المتعلقة بالمستجد، وصولاً إلى منع رحلات الطيران أو خفضها من قبل الإدارة الأميركية، والتشدد في منح التأشيرات للطلاب الصينيين، وملف هونغ كونغ وتايوان الذي راكم حدة الخلاف بين القوتين.