“أم هارون” مسلسل تلفزيوني يثير جدلا في الشرق الأوسط بسبب شخصياته اليهودية
دبي – صقر الجديان
أثار مسلسل تلفزيوني يتناول التحديات التي واجهتها قابلة (داية) يهودية، تبثه مجموعة قنوات إم.بي.سي السعودية في شهر رمضان، انتقادات وثناء في وقت واحد.
فقد تعرض المسلسل للنقد باعتباره محاولة للترويج ”للتطبيع“ العربي مع إسرائيل، والثناء لتطرقه بشكل نادر للتاريخ الاجتماعي لمنطقة الخليج.
وبدأت يوم الجمعة أولى حلقات مسلسل ”أُم هارون“، وهو مسلسل تلفزيوني خيالي يدور حول مجتمع متعدد الديانات في دولة عربية خليجية لم تُذكر بالاسم من ثلاثينيات وحتى خمسينيات القرن الماضي، ضمن البرامج الترفيهية لمجموعة إم.بي.سي في شهر الصوم الذي عادة ما ترتفع فيه معدلات المشاهدة.
ويتزامن عرض المسلسل مع انفصال العديد من دول الخليج عن ماضيها القريب وتقديمها مبادرات لإسرائيل، التي وجدوا معها أرضية مشتركة لمواجهة إيران.
وأيّد البعض، بما فيهم السعودية، خطة السلام الأمريكية للشرق الأوسط للخروج من حالة صراع يقولون إنه يقيد العالم العربي. ومصر والأردن هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان أبرمتا معاهدتي سلام مع إسرائيل.
وندد باسم نعيم المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمسلسل قبل عرضه وقال لرويترز ”مسلسل أم هارون ليس فنا تطبيعيا، بل هو جريمة تاريخية، عدوان ثقافي وغسيل أفكار“.
وتعارض حماس، والجماعات الفلسطينية الأخرى، بشدة خطة السلام التي صاغتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ونشرت مجموعة منظمات إقليمية تعارض التطبيع مع إسرائيل ملصقا على وسائل التواصل الاجتماعي يحث المشاهدين على مقاطعة المسلسل مضيفا أن ”الدراما الخبيثة تتسلل إلى كل بيت.. قاطعوا مسلسل أم هارون“ الذي أنتجته شركات مقرها في الكويت والإمارات.
وقال كاتبا المسلسل، الأخوان البحرينيان محمد وعلي عبد الحليم شمس لرويترز إن المسلسل لا يحمل أي رسالة سياسية.
وأضاف محمد أن الناس تحدثوا وحكموا قبل أن يشاهدوا، وقال ”الرسالة هي أساسا تتمحور حول تعامل المسلمين وطباعهم اللي ترتكز على المحبة وحسن النوايا والسلام مع غير المسلمين“.
وقالت قناة إم.بي.سي، أكبر محطة خاصة في العالم العربي، إن بياناتها تفيد بأن المسلسل تصدر الدراما الخليجية في السعودية لشهر رمضان ومن بين أفضل خمسة مسلسلات درامية في جميع المجالات.
وقال مازن حايك المتحدث الرسمي باسم مجموعة إم بي سي إن رسالة ”أم هارون“ الرئيسية إنسانية، فهي ممرضة تعالج الناس بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى.
وأوضح حايك أن المسلسل يركز أيضا على التسامح والاعتدال والانفتاح وأن الشرق الأوسط كان يوما منطقة فيها قبول للآخر قبل أن تسود تفسيرات منحرفة وصورا نمطية للمنطقة من جانب المتشددين والمتطرفين على مدى العقود الأخيرة.
واستحوذت السلطات السعودية على حصة مسيطرة في مجموعة إم بي سي عام 2018، حيث صادرت أصولا من محتجزين في حملة لمكافحة الفساد أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وكانت المجموعة، التي تخطط لنقل مقرها من دبي إلى الرياض، قد أثارت جدلا من قبل بتناول مسلسلات، سبق أن بثتها، لقضايا حساسة مثل العنف المنزلي والتشدد الإسلامي.
التاريخ المخفي
قال كاتبا المسلسل إن الشخصية الرئيسية فيه، أم هارون، التي يحمل العمل الدرامي اسمها، مستوحاة بشكل كبير من قابلة يهودية حقيقية تدعى أم جان وصلت إلى البحرين من العراق في ثلاثينيات القرن الماضي.
وأفاد بيان لإخلاء المسؤولية بُث مع الحلقة الأولى للمسلسل أن الشخصيات والأحداث من وحي الخيال.
وهرع البعض في البحرين، التي ما زال فيها جالية يهودية صغيرة، لوسائل التواصل الاجتماعي حيث نشروا صور لأم جان ومقابلة تلفزيونية أُجريت معها عام 1977. ويُنظر لأم جان على نطاق واسع باعتبارها رمزا للخدمة العامة في البحرين.
وفي الكويت، قال عبد العزيز السيف على تويتر إنه لا ينبغي اعتبار المسلسل مؤيدا لإسرائيل.
وأضاف في لقطات مصورة بعد بث الحلقة الأولى من حلقات المسلسل ”طبعا لازم نفرق أيضا بين اليهودية كدين وبين الصهيونية كحركة سياسية متطرفة… وهذا المسلسل ما له علاقة بموضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني، نهائيا ما له علاقة. أصلا يهود الخليج ما كانوا متدينين نفس يهود أوروبا، فما كانوا متحمسين للقضية الصهيونية، كانوا يهود بالاسم يعني. بالنهاية كانوا يعتبرون نفسهم عرب“.
وقالت الممثلة الكويتية المخضرمة حياة الفهد، التي تقوم بدور القابلة في المسلسل، لصحيفة (الأنباء) الكويتية إن الأجيال الشابة يجب أن تعرف ”فئة من البشر كانت ومازالت موجودة في عالمنا، صحيح نحن لسنا معهم لكن يجب علينا أن نتطرق لهم من خلال حقبة زمنية قديمة لأن لدينا جيلا من الشباب ليس لديهم معلومات عنهم“.
وأثارت حياة الفهد جدلا في الآونة الأخيرة بمطالبتها علنا بطرد العمال الأجانب من بلدها وسط جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقالت الفلسطينية نادية علي (48 عاما) لرويترز إنها لم تعد من المغرمين بالممثلة الكويتية لأنها ساهمت في ”تمرير الرواية اليهودية المنحرفة إلى داخل كل بيت عربي“.