احتجاجات واسعة في شرق السودان على حكم قضائي طال زعيم سياسي
كسلا – صقر الجديان
تظاهر المئات من أنصار رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داؤود، الثلاثاء، في عدة مدن بشرق السودان، احتجاجًا على حكم قضائي بالسجن طال الزعيم القبلي لمحاولته التسلل عبر الحدود في ظل الطوارئ الصحية المفروضة على البلاد لمنع تفشي وباء كورونا على نطاق واسع.
ويرتب مؤيدو داؤود تنظيم احتجاجات في الخرطوم يوم الأحد المقبل.
وأصدرت محكمة محلية بمنطقة القضارف في 10 مايو الفائت حُكمًا ضد الأمين داؤود بالسجن لمدة عام، بعد ضبطه متسللا عبر الحدود مع إثيوبيا في 24 أبريل الفائت، وجرى ترحيله في ذات يوم الحكم إلى السجن المركزي (كوبر) في الخرطوم لقضاء مدة العقوبة.
وقال أمين الشئون القانونية في الجبهة الشعبية، عمر محمد أمين، إن داؤود حُوكم بموجب أمر الطوارئ المحلي رقم 24، الذي يخير فيه القاضي بحكم المتهم بالسجن لمدة عام أو دفع غرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه.
وأشار إلى أن الحُكم كان يفترض أن يتم بموجب أمر الطوارئ رقم 3 الصادر من مجلس الوزراء، وهو أمر فرض غرامة مالية قدرها 5 ألاف جنيه فقط على من يتسلل عبر الحدود إلى داخل البلاد.
وأفاد عمر، الذي يقود فريق الدفاع عن الأمين داؤود، إن الدعوى القضائية ضد موكله تشمل اثنين من مرافقيه، حُكم عليهم بدفع الغرامة المالية فيما أوقعت على الأمين عقوبة السجن عام.
وأشار، إلى أن فريق الدفاع عن الأمين داؤود تقدم باستئناف الحُكم الخميس الفائت، وقررت دائرة قضائية شُكلت للبت في الأمر الإفراج المؤقت عن الأمين إلى حين الفصل في الفصل في الاستئناف شريطة دفع كفالة مالية قدرها 100 ألف ووجود ضامن شخصي، لكن الأمر لم يُنفذ – وفقًا لحديث عمر، الذي أفاد بأن فريق الدفاع قدم طلب استعجال للمحكمة للبت في الاستئناف.
وقال عمر إن الجبهة الشعبية تقدمت بخطابات إلى السُلطات المحلية في القضارف والسُلطات المركزية في الخرطوم، للإفراج عن الأمين، خاصة وإن الجبهة موقعة على إعلان مبادئ إجراء بناء الثقة (إعلان جوبا) في 11 سبتمبر 2019، ضمن الجبهة الثورية، حيث تعد الجبهة الشعبية احدى مكوناتها.
وشدد عمر على أن الأمين داؤود دخل السودان بعلم قادة الدولة في مجلس الوزراء ومجلس السيادة، ولم يستبعد أن تكون محاكمته جرت بغرض إحراج قادة الدولة الراغبين في التوصل إلى سلام.
وأضاف: “هناك أيدي ليس لديها مصلحة في إكمال السلام تحاول إبعاد الأمين عن المباحثات لأجل تحقيق هذا الغرض، إضافة إلى رغبتها في إحراج نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو”.
ويقود محمد حمدان (حميدتي) الجانب الحكومي في مفاوضات السلام، المنعقدة بجنوب السودان، ويجد الرجل معارضة قوية من أنصار الرئيس المعزول عمر البشير، لاعتقادهم بأنه وراء تقويض نظام حُكمه.
وتابع: “أيضًا لا استبعد تدخل مناوئين للأمين داؤود في مسار الشرق داخل الجبهة الثورية، لإبعاده عن المحادثات واعتماد تيار خالد شاويش بديلا عنه”.
وتوقع عمر محمد محمود وقوع أعمال عنف في شرق السودان حال لم يُفرج عن الأمين داؤود، لأن هناك من يرغب في حرمان الشرق من تحقيق السلام، و”الحرمان يعني البحث عن وسائل أخرى لاسترداد السلام وهي وسائل غير محمودة العواقب”.
وأضاف: “الآن خيارنا سلمي، وبعد قليل لن نستطيع التحكم في الجماهير، ربما يكون رد فعلها أقسى”.
وبشأن تنظيم تظاهرات من أثنية محددة في ظل الحظر الصحي، قال عمر: “اضطررنا لذلك بعد استنفاد الوسائل السياسية والقانونية، لجأنا لخيار الجماهير لتكون قضية رأي عام. وليس هناك إقحام للقبيلة”.
ويعتقد المحلل السياسي والمهتم بشأن شرق السودان، خالد محمد نور، أن الحُكم الصادر ضد الأمين داؤود فعل سياسي، حيث يبدو من الواضح أن الحكومة قررت التعامل في شأن مسار الشرق في مفاوضات السلام مع تيار خالد شاويش المحسوب على نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وهو من ذات أثنية الأمين داؤود.
وقال نور : “إن الأمر ترضية سياسية لمجموعات البجا الأخرى بإبعاد الأمين، وترضية للبني عامر باعتماد خالد شاويش في مسار الشرق”.
وأشار نور إلى أن هذه التناقضات كان يقوم بها النظام السابق مع إحكام القبضة الأمنية بالسيطرة على الوضع “لكن في ظل الهشاشة الحالية فأن هذا يمكن أن يؤدي إلى اقتتال أهلي”.
ويعتقد على نطاق واسع في شرق السودان، إن مكونات الهدندوة والأمرار والشاريين ترفض أن يمثل الأمين الشرق في الجبهة الثورية، في وقت يحظى بتأييد واسع من البني عامر والحباب.
ويرى خالد أن قيادات الشرق تمتلك نفوذا قبليا وتجد تأييد من أهالي القبيلة غض الطرف عن البرنامج السياسي الذي تتباه هذه القيادات “والجماهير من هذه الشاكلة متعصبة”.
وأدت فعالية سياسية نظمها حزب الأمين داؤود ببورتسودان في 19 نوفمبر 2019، إلى مواجهات قبيلة بين البني عامر والأمرار، أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 27 آخرين.