أخبار السياسة المحلية

اختطاف، اغتصاب، استعباد.. تقرير لـ «صيحة» يوثق جرائم مروعة ضد النساء في السودان

الخرطوم – صقر الجديان

كشفت الشبكة الإقليمية لنساء القرن الإفريقي “صيحة” عن تسجيل 236 حالة اختفاء لنساء وفتيات منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وشهدت عدة مناطق في ولايات السودان انتهاكات جسيمة ضد النساء والفتيات من قبل قوات الدعم السريع، شملت القتل، والاختطاف، والاختفاء القسري، والاعتقال، والاغتصاب.

وفي مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، قالت مآب عبد الله، عضو شبكة “صيحة”، إن عدد المفقودات بلغ 236 حالة، حيث سجلت ولاية الخرطوم 96 حالة، فيما بلغ عدد الحالات في ولاية الجزيرة 79حالة، مع ارتفاع الحالات في الجزيرة عقب الهجوم الانتقامي الذي شنته الدعم السريع في أكتوبر 2024، نتج عنه تسجيل 45 حالة إضافية.

وأضافت أن 89% من إجمالي الحالات المبلغ عنها، أي 209 امرأة وفتاة، ما زلن في عداد المفقودات، بينما تم العثور على 27 فقط (11%) منهن.

وأوضحت أن هذه الأرقام لا تعكس العدد الفعلي لحالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات، حيث إن العديد من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من الانتقام، الوصمة الاجتماعية، ونقص آليات التبليغ.

غياب المعلومات

وفقًا لبيانات شبكة “صيحة”، يتم توثيق حالات الإخفاء القسري بناءً على اللحظة التي تدخل فيها قوات الدعم السريع إلى منطقة جديدة، مقارنة بالحالات التي يتم رصدها بعد إحكام سيطرتها على المنطقة.

وقالت مآب إن “صيحة” رصدت تحديات كبيرة في توثيق الحالات، أبرزها عدم القدرة على الوصول إلى أرقام الهواتف الخاصة بالمفقودات، وخوف العائلات من مشاركة المعلومات خشية الانتقام، خاصة للعائلات التي تعيش في مناطق خاضعة لسيطرة الدعم السريع، بالإضافة إلى حذف منشورات النساء المفقودات من مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الوصمة الاجتماعية.

وأشارت إلى أن معظم البلاغات تأتي من المناطق الحضرية، إذ إن معدلات الإبلاغ من المدن أعلى بكثير من القرى والأرياف.

حالات موثقة للاختفاء

رصدت شبكة “صيحة” تسجيل حالات اختفاء في الخرطوم بين أبريل ومايو 2023، حيث تم العثور، في 28 مايو 2023، على جثة هالة أحمد إسحاق، شابة من منطقة الحاج يوسف، داخل سيارة منهوبة بواسطة قوات الدعم السريع، وكانت السيارة مخترقة بطلقات نارية، فيما أصيبت هالة بطلقة في الرأس.

وفي الشهر ذاته، عُثر على جثة إنصاف سرور فضل الله بالقرب من محطة وقود في منطقة الجريف بالخرطوم، حيث دُفنت الجثة في البداية تحت الرقم 3487 دون التعرف على هويتها، ولم تتمكن أسرتها من تحديد مكان قبرها إلا بعد نشر صورتها على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يشير إلى أنها كانت مفقودة منذ فترة.

احتجاز النساء والفتيات

أكد شهود عيان لشبكة “صيحة” أن منطقة الرياض في الخرطوم شهدت احتجاز نساء وفتيات في مواقع تسيطر عليها الدعم السريع منذ 24 أبريل 2023.

كما أفادت تقارير حصلت عليها “صيحة” في مايو 2023، برصد نساء وفتيات داخل مركبات تتبع لقوات الدعم السريع في دارفور، حيث شوهدت الفتيات وهن مكبلات في الصندوق الخلفي للمركبات، مما أثار مخاوف بشأن مصيرهن.

ارتفاع حالات الاختفاء

شهد نوفمبر 2023 ارتفاعًا في حالات الاختفاء، خاصة في جبل أولياء، حيث تم توثيق 14 حالة اختفاء خلال يومين فقط. كما تم تسجيل 1,000 حالة فقدان في ولاية سنار في يونيو 2024 عند اقتحام قوات الدعم السريع للولاية، وفقًا لتجمع شباب سنار، بما في ذلك عائلات بأكملها، إلى جانب14 حالة اختفاء إضافية لنساء وفتيات خلال الشهر نفسه.

قصص من عائلات المفقودات

حصلت شبكة “صيحة” على معلومات من عائلة جهاد فضل الله سليمان ناصر، وهي أم تبلغ من العمر 30 عامًا، حيث اختفت في يوليو 2023 أثناء خروجها لشراء دواء لطفلها.

وشوهدت آخر مرة برفقة صديقتها على متن سيارة لأحد أفراد قوات الدعم السريع، وعند محاولة العائلة الاتصال به، ادعى أنه أنزلهما من السيارة، محذرًا من التواصل معه مجددًا.

لاحقًا، أبلغت العائلة بوقوع اشتباكات أدت إلى مقتل فتاتين، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات.

اختطاف أمام العائلات

وثّقت الشبكة حالات اختطاف لنساء وفتيات أمام أسرهن، حيث تم اختطاف شقيقتين تبلغان من العمر 15 و13 عامًا تحت تهديد السلاح في الكلاكلة بالخرطوم، وأكدت الشبكة حصولها على معلومات تفيد بإطلاق سراح فتاة بعد دفع فدية، حيث كانت محتجزة مع 19 فتاة تعرضن للعنف الجنسي، وعُثر عليهن جثثًا متحللة، فيما وصفت الناجية المكان الذي احتُجزت فيه بأنه “مكتظ بجثث الفتيات المتحللة”.

الاستعباد القسري للنساء

أكدت شبكة “صيحة” تلقيها تقارير موثوقة عن استعباد النساء من قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على مناطق في الخرطوم، حيث يتم احتجاز النساء في منازلهن وإجبارهن على الطهي والتنظيف وأداء خدمات أخرى للجنود، مما يجعلهن بمثابة أسيرات في ظروف قاسية.

كما وردت تقارير مماثلة من ود مدني في ولاية الجزيرة تفيد بتعرض النساء للاستعباد القسري والانتهاكات الجسيمة.

ودعت مآب عبد الله إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية النساء والفتيات المفقودات، والضغط من أجل اتخاذ خطوات ملموسة لتحديد أماكنهن، ووضع تدابير للحد من حالات الاختفاء القسري، وضمان العودة الفورية والآمنة لجميع المفقودين، خاصة النساء والفتيات المختفيات قسريًا أو المختطفات أو المعتقلات.

أم تبحث عن ابنتها

شاركت سهام إسحاق حسن، خلال المؤتمر، قصة اختفاء ابنتها رقية إبراهيم، التي غادرت المنزل صباح 26 يونيو 2023 لإحضار بعض الثلج خلال انقطاع الكهرباء في منطقة الجخيس بأم درمان، لكنها لم تعد.

وبعد ساعات من القلق، بدأت العائلة في البحث عنها في المساجد والمستشفيات والمشارح والأسواق، لكن دون جدوى.

تقول سهام: “ظننا أنها أصيبت برصاصة طائشة، لكننا لم نجد أي خبر عنها.

لجأت إلى الدعم السريع والجيش، ولكن بلا نتيجة. مرت الشهور، ولم أفقد الأمل.

أخيرًا، تواصلت مع شبكة صيحة، على أمل توسيع نطاق البحث. منذ ذلك اليوم لم أذق طعم النوم أو الطعام أو الشراب.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى