استقالة حمدوك تربك المشهد السوداني.. وتباين بالشارع
الخرطوم – صقر الجديان
حالة من الارتباك تسود المشهد السوداني في أعقاب استقالة رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، من منصبه، وسط مخاوف من مستقبل قاتم للبلاد.
ومع إجماع مراقبين على سيناريوهات غير مبشرة ستترتب على استقالة رئيس الوزراء، فإن آراء الشارع السوداني شهدت نوعاً من التباين إزاء مغادرة حمدوك لمنصبه.
ففي الوقت الذي أبدى فيه البعض تخوفهم من ارتدادات سالبة ستخلفها الاستقالة على الأمن والاستقرار بالسودان، يرى آخرون أنها لن تغير واقع الحال في شيء كون الرجل فقد رصيده الشعبي منذ توقيعه على اتفاق سياسي مع رئيس مجلس السيادة والذي استهدفته الاحتجاجات الأخيرة بالأساس.
ووسط هذا التباين الواسع، ثمة من يرى ضرورة التعاطي بحكمة مع المرحلة القادمة ووقف التصعيد لتجنيب البلاد مآلات الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وقدم حمدوك استقالته بعد شهرين من توتر سياسي وسط توقعات بأن تزيد تلك الخطوة الأوضاع في السودان تعقيداً وأن البلاد صارت في مفترق طرق، مع غياب التفاؤل بوفاق قريب يخرج البلاد من أزمتها.
وعبر خطاب مطول للسودانيين، قدم حمدوك استقالته، شارحا خلاله تداعيات الأزمة والأسباب التي دفعته لمغادرة المنصب والتي من بينها عدم قدرته على التوصل لتوافق سياسي لتكملة الفترة الانتقالية.
وعاد حمدوك إلى منصبه بموجب اتفاق وقعه مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني بعد عزله ضمن قرارات الجيش الصادرة في 25 أكتوبر/تشرين الأول، وكان يأمل في توسعة الإعلان السياسي ليشمل كل القوى السياسية لكنه قوبل بالرفض.
صمام أمان
وأبدت سامية صديق، وهي معلمة سودانية، خوفها الشديد على مستقبل بلادها بعد استقالة الدكتور عبدالله حمدوك من رئاسة الوزراء، فهو كان بمثابة صمام أمام لعدم انزلاق الوطن إلى الفوضى، حسب وصفها.
وقالت صديق في حديثها لـ”العين الإخبارية”: “نشعر بقلق شديد بعد استقالة حمدوك، فبلادنا صارت في خطر خاصة في ظل تباعد المواقف بين المكونات، فنحن نخشى من المواجهات في حقيقة الأمر”.
وأضافت :”مغادرة حمدوك لرئاسة الوزراء تعني أن الصراع السياسي سوف يستمر وهو ما يعني تفاقم الأوضاع المعيشية مما يزيد معاناتنا”.
وعلى النقيض، يرى أحمد إبراهيم وهو شاب سوداني في العقد الثالث، أن شعب بلاده ليس لديه ما لا يخسره فقد قدم الكثير من التضحيات في سبيل إكمال مهام الثورة والانتقال لحكم مدني ديمقراطي تسوده العدالة والحرية والسلام.
ويقول إبراهيم في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “لن نعود من منتصف الطريق وسنمضي في مسار المقاومة السلمية حتى نصل لهذا الهدف، فاستقالة حمدوك من عدمها لا تعنينا في شيء”.
وأضاف: “نحن لا نحاكم النوايا ولكن حمدوك بدل وقفتنا ومساندتنا له باتفاق قاصر مع قائد الجيش، فلا نعلم نواياه وتقديراته، لكن مغادرته للمنصب تمثل انتصارا لإرادتنا القوية”.
خطوات محتملة
ويرجح الأمين العام لحزب الأمة القومي بالسودان، الواثق البرير، أن تتبع استقالة حمدوك تداعيات سياسية ودستورية كبيرة خلال الساعات القادمة رغم إشارته لحالة الارتباك السائدة في المشهد.
ويقول البرير في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “خطوة حمدوك سوف تعيد السودان إلى الحكم العسكري مؤقتاً لكن مع استمرار الضغط الشعبي المحتمل ربما تسارع القيادة الحالية في تعيين رئيس وزراء مدني، فالساعات القادمة حبلى بالمواقف السياسية”.
ونوه إلى أن الأحزاب السياسية ولجان المقاومة الثورية التي تقود حركة الاحتجاجات منذ قرارات الجيش الصادرة في 25 أكتوبر/تشرين الأول، سوف يكون لها موقف مشترك مما يجري غضون الساعات القادمة.
وفي ذات المنحى، يرى المتحدث الرسمي لحزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، أن الأزمة السياسية في السودان كان بسبب إجراءات قائد الجيش ولولاها لما دخلت البلاد في هذا النفق المظلم.
وقال بابكر في حديثه لـ”العين الإخبارية” إن “عودة حمدوك إلى منصبه بعد اتفاق مع رئيس مجلس السيادة لم تغير في المشهد شيئا فاستمرت المظاهرات والحراك المناهض، وسوف يحدث نفس الشيء بعد استقالته”.
وأشار إلى أن استقالة حمدوك سوف تزيد من الحماس لاستكمال مهام الثورة “ففي تقديري أن الجبهة المدنية بعد مغادرة رئيس الوزراء أصبحت موحدة من أي وقت مضى”.