الأمم المتحدة: خطة للاستجابة والوقاية من المجاعة في السودان بمشاركة أطراف النزاع
الخرطوم – صقر الجديان
كشف مسؤول أممي، الإثنين، عن صياغة الأمم المتحدة وشركائها لخطة استجابة ووقاية من المجاعة بالسودان، تم مشاركتها مع أطراف النزاع. واتهم الجيش والدعم السريع بالتورط في عرقلة وصول المساعدات.
وتقول منظمات دولية وإقليمية إن أطراف النزاع في السودان تضع قيود على قوافل المساعدات الإنسانية ومنعها في بعض الأحيان، مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي لآلاف المدنيين العالقين في مناطق المواجهات العسكرية.
وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، توبي هاروود، في مقابلة نشرتها “سودان تربيون” إن “شاحنات المساعدات الإنسانية تتعرض في كثير من الأحيان للابتزاز عند نقاط التفتيش التي يحرسها مقاتلون تابعون لقوات الدعم السريع، ويجب أن تتوقف هذه الممارسات”.
وأوضح أنه في بدايات الصراع، كانت عناصر الدعم السريع مسؤولة عن نهب العديد من مرافق الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء السودان، مما أدى إلى فقدان المساعدات الإنسانية لمئات الآلاف من الأشخاص.
وأضاف أن معظم شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية تمكنت في الأشهر الأخيرة من الوصول إلى المستفيدين المستهدفين. ومع ذلك تم نهب عدد قليل من الشاحنات على يد من اسماهم المتفلتين والمجرمين في ولاية وسط دارفور.
وأكد أن جميع الأطراف التي تسيطر على الأراضي مسؤولة عن ضمان وصول العاملين في المجال الإنساني والمقاولين والشاحنات والإمدادات إلى المستفيدين بأمان وسلام.
وتعرضت أغلب مقار المنظمات الدولية في ولايات جنوب ووسط وغرب دارفور والعاصمة الخرطوم للنهب والتخريب من قبل عناصر تابعة لقوات الدعم السريع.
وتلاحق قوات الدعم السريع اتهامات بالاستيلاء على نحو 2500 طن من المواد الغذائية التي كانت مخصصة لمساعدة النازحين، وتكفي لإطعام أكثر من مليون ونصف من المتضررين من الحرب، حيث تم سرقتها من مخازن برنامج الغذاء العالمي بولاية الجزيرة.
وصول غير مقيد
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأمم المتحدة طالبت علنًا على المستويات المحلية والوطنية والعالمية بوصول غير مقيد إلى جميع الأشخاص الأشد ضعفًا، وحثت الأطراف المتحاربة على الالتزام باحترام القانون الإنساني.
وطالب الحكومة السودانية بالالتزام بمسؤولياتها والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وغير مقيد إلى الأشخاص الأشد ضعفًا في مناطق خاضعة لسيطرتها أو تحت سيطرة أطراف النزاع الأخرى وفقًا لما نص عليه إعلان جدة.
كما طالب قوات الدعم السريع بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون قيود، ومنع المقاتلين التابعين لها من القيام بأنشطة تتعارض مع إعلان جدة.
مجاعة مخيم “زمزم”
وبشأن المجاعة التي ضربت معسكر “زمزم” بولاية شمال دارفور، قال المسؤول الأممي إن تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي يعكس خطورة الوضع الإنساني على الأرض.
وأوضح أن الحصار الذي تفرضه الدعم السريع على الفاشر والقتال في المدينة وريفها أثر سلبًا على التجارة والأنشطة الزراعية واستنزف المخزون الغذائي، مما أدى إلى إعلان المجاعة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن المجاعة هي أزمة من صنع الإنسان، ويمكن حلها إذا التزمت جميع الأطراف بالتعهدات التي وردت في إعلان جدة وتصرفت وفقًا للقانون الدولي الإنساني، ونادى الطرفين ببذل كل ما في وسعهما لتسهيل وتسريع وصول المساعدات الإنسانية إلى معسكر “زمزم”.
وكان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة تضم عددًا من الشركاء بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة، قد أعلن في 1 أغسطس الجاري عن مجاعة في مخيم زمزم الذي يأوي قرابة نصف مليون نازح، وفقًا لشبكة أنظمة الإنذار المبكر للمجاعة.
لا تفاهمات
ونفى هاروود وجود تفاهمات بين الأمم المتحدة أو أي اتفاقيات مع قوات الدعم السريع وحركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد نور، وشدد على أن الأمم المتحدة تنفذ أنشطتها وفقًا للقانون الدولي الإنساني وإعلان جدة الصادر في مايو 2023 الذي تم التوقيع عليه من الجيش وقوات الدعم السريع، ويسمح للجهات الفاعلة الإنسانية بالتعامل مع جميع سلطات الأمر الواقع عند تقديم المساعدات إلى المتضررين في المناطق الخاضعة لسيطرتهما.
كما نفى تلقي الأمم المتحدة طلبًا من حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور لإإنشاء مركز للعمليات الإنسانية في منطقة “جبل مرة” في إقليم دارفور، وكشف عن صياغة الأمم المتحدة وشركائها خطة للاستجابة والوقاية من المجاعة، تم مشاركتها مع أطراف النزاع.
وأفاد بأنه وفقًا لهذه الخريطة، سيتم إنشاء مراكز إنسانية تابعة للأمم المتحدة ومراكز فرعية في البلدات الرئيسية والمناطق التي يصعب الوصول إليها، وأضاف “طلبت منا جميع السلطات الفعلية المتواجدة على الأرض خلال زيارتنا أن يتم إنشاء مراكز إنسانية من قبل الأمم المتحدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومع ذلك ستتخذ الأمم المتحدة هذه القرارات وفقًا للوضع على الأرض والتقارب الجغرافي من الأشخاص الأشد ضعفًا”.
وشدد على التزام الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بالاستجابة إلى أقصى حد ممكن يسمح به التمويل المتاح وإمكانية التنقل الآمن لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وكشف عن مواصلة العديد من المنظمات غير الحكومية تقديم الأنشطة المنقذة للحياة على الأرض، بالرغم من القيود والمخاطر التي تهدد حياتهم.
وأضاف “من المؤسف أننا لا نملك الموارد الكافية والتمويل اللازم والطرق الآمنة والسالكة للاستجابة لحجم الوضع الإنساني الحالي”.
تحديات لوجستية
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الحكومة السودانية قيدت العبور من تشاد إلى معبر واحد وفي منطقة بعيدة مما يمثل تحديًا لوجستيًا.
وتحدث كذلك عن منع السلطات السودانية الشاحنات من السفر من بورتسودان العاصمة الإدارية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، كما أفاد بأن الاخيرة تقوم في بعض الأحيان بتقييد الوصول ويقوم بعض المقاتلين بنهب وابتزاز الأموال من شاحنات المساعدات الإنسانية.
وتطالب وكالات الأمم المتحدة السلطات السودانية بفتح معبر أدري الحدودي مع تشاد لتمكين شاحنات المساعدات من الوصول إلى دارفور في ظل صعوبات التحرك عبر منفذ الطينة في شمال دارفور بسبب الأمطار الغزيرة، ولكن الحكومة ترفض التجاوب مع هذا المطلب تحت ذريعة إمكانية استغلال الحدود مع تشاد لإمداد الدعم السريع بالسلاح.
ضعف التمويل
وشكا المسؤول الأممي من عدم التزام المجتمع الدولي بتقديم التمويل الكافي اللازم لتوفير الموارد اللازمة للاستجابة الإنسانية البالغة نحو 2.7 مليار دولار، مشيرًا إلى أنه لم يتم الحصول إلا على تمويل بنسبة 34.4%.
وأضاف “نحن بحاجة ماسة إلى قيام المجتمع الدولي بمنح الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني الموارد الكافية وضمان أطراف النزاع إمكانية الوصول للسماح لنا بتوسيع نطاق استجابتنا”.
أوضاع جبل مرة
وكشف هاروود عن أوضاع إنسانية وصفها بالبائسة يعيشها آلاف النازحين في مناطق “زالنجي، نرتتي، قولو، روكرو” بولاية وسط دارفور، علاوة على معسكرات “دبا نايرة، سابنجا”، بينهم نازحون وصلوا حديثًا من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وتحدث عن إدخال نحو 77 طفلاً إلى مستشفى “روكرو” بوسط دارفور، الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود، يعانون من سوء التغذية المصحوب بمضاعفات طبية.
وأعلن عن تزايد المرضى الوافدين إلى المستشفى بينما لا يصل آخرون إلى المرفق الطبي وسط تقارير تتحدث عن تزايد أعداد الوفيات بين الأطفال وغيرهم من الأشخاص الأكثر ضعفًا.
وأوضح أن قادة في معسكرات زالنجي أبلغوه بأن بعض النازحين يأكلون أوراق الأشجار وقشور الحبوب وبقايا الفول السوداني – وهو ما يعرف محليًا بـ”الأمباز”، وهو طعام يقدم كأعلاف للحيوانات.
وأشار إلى تكدس نحو 2000 شخص في صف مدرسي في منطقة “نيرتتي” بولاية وسط دارفور، بينما يعيش آخرون في غرف مبنية بالمواد المحلية غمرتها مياه الأمطار.
وأكد أن النازحين يناشدون بضرورة حصولهم على مواد الإيواء الأساسية بالإضافة إلى الغذاء والإمدادات الطبية.
وقال إن الاتفاق الذي أبرمته قوات الدعم السريع وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد نور وقادة المليشيات العربية المستقلة أدى إلى زيادة مستويات الأمن على طول خط الإمداد الحيوي بين “زالنجي، ونيرتتي”.
وأوضح أنه أبلغ المجتمعات المحلية والنازحين في المناطق التي زارها في وسط دارفور أن مناطقهم آمنة ومأمونة بدرجة كافية لزراعة المحاصيل الزراعية.
وأضاف “شهدنا نشاط المزارعين عندما عدنا الأسبوع الماضي، وإذا استمرت الأمطار، سنأمل في موسم حصاد ناجح، والذي سيؤدي – كما توقعه جدول التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي المعتمد (IPC)، الى التقليل من أعداد الأشخاص الذين يعيشون تحت المرحلة 4 والمرحلة 5 من هذا التصنيف ، وهي أعلى مستويات الإنعدام الحاد للأمن الغذائي”.
وأنهى نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توبي هارود الاسبوع المنصرم زيارة إلى مناطق في ولايات وسط وغرب دارفور تفقد خلالها أوضاع النازحين الذي يعيشون في أوضاع إنسانية بالغة التعقيد لإنعدام المعونات الإنسان