الانسحاب الكارثي للجيش من الفاشر: حماية المدنيين أم اعتراف بالهزيمة؟
خاص – صقر الجديان
أمر الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، الجيش بالانسحاب من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، بحجة حماية المدنيين والمدينة من الدمار، لكن الواقع على الأرض يكشف مأساة لا تُمحى: آلاف النازحين، مئات القتلى، ومدينة بأكملها تتعرض لسيطرة قوات تأسيس التي ارتكبت انتهاكات وفظائع ضد النساء والأطفال والمدنيين الأبرياء.
تبرير البرهان بانسحاب الجيش لحماية المدنيين يبدو ضعيفًا وغير مقنع، بل يطرح أكثر من سؤال: ماذا نفهم من هذا التبرير بعد أن ارتكب الهجوم على الفاشر قتلًا جماعيًا للمدنيين وتشريد الآلاف وتدمير كل مقومات الحياة؟ لماذا لم يتحرك الجيش منذ البداية إذا كان الهدف حماية السكان بالفعل؟
الحقائق تقول إن الانسحاب لم يكن إلا اعترافًا صريحًا بفشل الجيش في مجابهة قوات تأسيس، التي تمكنت بسهولة من السيطرة على المدينة، وفرضت حصارًا خانقًا وأعمال عنف وانتهاكات لا تُحصى.
سقوط الفاشر بهذه الصورة يترك انطباعًا بأن الجيش فقد زمام المبادرة، وأن الحجة المعلنة لحماية المدنيين كانت مجرد ذرّ للرماد في العيون لتبرير الفشل العسكري.
ما حدث في الفاشر يسلط الضوء على هشاشة القدرة الدفاعية للجيش أمام القوات المتحركة، ويطرح تساؤلات حادة عن الاستراتيجية العسكرية للقيادة العليا، وعن مصداقية القرارات التي تتخذ باسم حماية المدنيين، في وقت تُقصف فيه المدينة يوميًا ويعاني السكان من المجاعة والقتل والتهجير القسري.
إن انسحاب الجيش بهذه الطريقة يجعل الشعب السوداني أمام مأساة مضاعفة: مواجهة وحشية لقوات تأسيس دون حماية، واستمرار النزوح والتشريد، وفشل السلطة العسكرية في الوفاء بالحد الأدنى من واجباتها تجاه المواطنين.
الحقائق تقول إن الجيش لم يحمي أحدًا، وأن تبرير البرهان يُظهر الهزيمة، وليس الحيطة ولا حماية المدنيين.
الفاشر اليوم نموذج صارخ على الثمن الباهظ للقرار العسكري المتسرع، وعلى ضعف الاستراتيجيات، وعلى الفشل في الوقوف أمام مليشيات مسلحة بكل وحشية، بينما يظل المدنيون هم الضحايا الأوائل والأكبر لهذه السياسات الفاشلة.




