الانقلابيون يقتفون أثر حكومة الثورة وينفذون (مجزرة) في التعليم
الخرطوم – صقر الجديان
واجهت الحكومة الانقلابية في السودان الإصلاحات التي بدأتها حكومة الثورة في مجال التعليم العام والعالي، بحملات إعفاء وإقالة. وأطلق معلمون وصف “المجزرة” على الإجراءات التي نفذتها وزارة التربية والتعليم الاتحادية في أعقاب اقالة 14 مسؤولا من ادارات التعليم بالعاصمة والولايات.
والحق قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان مدراء الجامعات ونوابهم بقوائم المفصولين من التعليم العام وقام بإعفاء 30 من مدراء الجامعات الحكومية مساء الثلاثاء الماضي في خطوة يقول نشطاء في نقابات التعليم المناهضة للعسكريين أنها تستهدف الكوادر المستقلة لتمكين عناصر النظام البائد.
عودة الحرس القديم
وأغلب المسؤولين في إدارات التعليم بمرحلتي الأساس والثانوية ومدراء الجامعات جرى تعيينهم في عهد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك لكن الأزمة في قطاع التعليم العام بدأت منذ عامين حينما ضغط الإسلاميين على قادة الجيش للإطاحة بمدير المناهج بوزارة التربية والتعليم عمر القراي وعقب اتفاق السلام مع الحركات المسلحة عطل رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تعيين وزير التربية والتعليم بسبب أزمة المحاصصة بين قادة الحركات وقوى الحرية والتغيير لكن البرهان بعد الانقلاب العسكري عين وزير موال له طبقا للجنة المعلمين.
وتقول عضو لجنة المعلمين جيهان كمال، لـ(عاين)، إن وزارة التربية والتعليم الاتحادية والولائية نفذت “مجزرة في ادارة التعليم ” إلى جانب اقالة العشرات من مدراء المدارس لتفكيك مركز الإضراب الذي يشل المدارس الحكومية.
ودخل الآلاف من المعلمين في إضراب عن العمل احتجاجا على تدني الأجور الشهرية حيث يبلغ متوسط الراتب الشهر للمعلم 30 ألف جنيه اي ما يعادل 50 دولارا أمريكيا وفي ظل ارتفاع التضخم يقول المعلمون إن الرواتب لا تكفي الوضع المعيشي.
وتقول جيهان كمال، إن مدراء بعض المدارس أرسلوا رسائل تهديد للمعلمين الذين ينفذون الإضراب بالفصل من العمل حال استمرار الاحتجاجات على الأجور.
وأضافت: “في تطبيق التراسل الفوري واتس آب تلقينا رسائل تهديد من مدراء بعض المدارس بفك الاضراب او الايقاف عن العمل”.
وترى هذه المعلمة، إن ما يحدث في قطاع التعليم عودة لهيمنة عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول بالاتفاق مع العسكريين لشل الإضراب والاحتجاجات التي تقودها النقابات المناوئة للانقلاب العسكري.
انتهاكات بحق المعلمين
وتفاقمت أزمة المعلمين على خلفية وضع وزارة المالية الاتحادية الهيكل الراتبي الجديد بتحديد مبلغ 12 ألف للحد الأدنى للأجور فيما يطالب المعلمون برفعه إلى 24 ألف جنيه.
وطبقا للجدول المعلن بواسطة لجنة المعلمين ينتهي الاضراب اليوم الخميس، على أن تعلن خطوات لاحقة وتقول اللجنة إن الاضراب نجح بنسبة 100% في بعض الولايات.
وذكر عضو لجنة المعلمين والمسؤول السابق بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم عمار يوسف لـ(عاين)، أن الإضراب نجح في بعض الولايات بنسبة 100% موضحا أن “الدولة البوليسية” اتفقت مع عناصر حزب المؤتمر الوطني لإعادتهم إلى الخدمة المدنية وشملت إدارات التعليم بالوزارات والمدارس.
وأشار يوسف إلى أن “المجلس العسكري” يشن حملة اعتقالات واسعة بحق المعلمين لتجفيف مركز الاحتجاجات والإضرابات. وقال إنه أحد أُقيل من منصبه بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم لغرض تمكين عناصر المؤتمر الوطني.
ويقول نشطاء في قطاع النقابات إن “مجزرة العسكريين” لم تقتصر على التعليم العام بل امتدت إلى التعليم العالي باقالة 30 مديرا جامعيا وجل مجلس أمناء الجامعات.
وذكر عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير “الإئتلاف الحاكم سابقا” شهاب الطيب في حديث لـ(عاين)، أن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان تعمد اتخاذ هذه القرارات ضمن خطة ينفذها العسكريون للوصول إلى اتفاق مع بعض الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة يقودها مدنيون موالون للجيش.
ويرى الطيب، إن الجيش يبحث عن حاضنة سياسية تدير الخدمة المدنية ولا حل أمامه سوى اعادة عناصر المؤتمر الوطني وسابقا كان هذا الإجراء يتم على استحياء لكن اليوم اصبح الأمر واضحا ولم يتبق سوى القليل من الإجراءات لعودة حزب المؤتمر الوطني إلى المؤسسات العامة.
أزمة الجيش والجامعات
ونشبت أزمة بين الجامعات الحكومية ومجلس السيادة الانتقالي بسبب اقالة 30 مسؤولا جامعيا عينهم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك فالأزمة في قطاع التعليم العالي والعام الحكومي مركبة ما بين تدني الأجور والنقابات المناوئة للانقلاب العسكري.
ويقول عضو الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم عبد الله الرضي، لـ(عاين)، إن قرارات البرهان بإقالة 30 مديرا جامعيا باطلة وفقا لنص الوثيقة الدستورية المادة 62.
ويؤكد الرضي، إن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك حينما عين مدراء الجامعات طلب منهم الشروع في إعداد قانون يتيح انتخاب مدراء الجامعات بدلا عن التعيين.
واليوم الخميس، أجاز مجلس أساتذة جامعة الخرطوم-احد اكبر الجامعات السودانية- مشروع قانون جامعة الخرطوم لسنة 2021م، وشدد القانون على استقلالية الجامعة (علمياً – إدارياً – مالياً). وأكد على انتخاب مدير الجامعة، نائب المدير وعمداء الكليات-دون الإشارة إلى قرار إعفاء مدراء الجامعات الصادر عن رئيس المجلس السيادي.
وأضاف الرضي : “وضعية مدراء الجامعات كانت استثنائية إلى حين تشريع قانون يتيح الانتخاب من مجلس الأساتذة بالجامعات واختيار مدير للجامعة بكل استقلالية”.
ومنذ يناير الماضي يستمر إضراب أساتذة جامعة الخرطوم احتجاجا على رفض وزارة المالية تنفيذ الهيكل الراتبي الجديد الذي أقره رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك والذي يقضي بمساواة أساتذة الجامعات مع المسؤولين في الدولة والقضاة ووكلاء النيابات ونواب البرلمان من حيث الأجور والامتيازات الأخرى.
وتقول وزارة المالية الاتحادية إنها غير ملزمة بتطبيق الهيكل الراتبي الخاص بأساتذة الجامعات في ظل أزمة مالية طاحنة تواجه السودان هذا العام.