البرهان يفتعل خلافا مع الإمارات لاستقطاب الدعم الخارجي
الخرطوم – صقر الجديان
قدم قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان إشارة يأس جديدة تؤكد أنه مازال يريد افتعال الأزمات باعتبارها الباب الخلفي الذي يمكّنه من الهروب إلى الأمام بعد أن فرضت عليه القمة الطارئة لرؤساء الدول الأعضاء في الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) مؤخّرا ضرورة التجاوب مع خارطتها السياسية، وأنه لا مفر من الخضوع لإرادة القوى الإقليمية والدولية.
وتصور الجنرال البرهان أن طلبه الأحد من 15 دبلوماسيّا إماراتيّا مغادرة البلاد عمل سياسي يقربه من دول أخرى في المنطقة يزعم أنها على خلاف مع أبوظبي ويمكن أن تتلقف خطوته وتقدم له دعما طال انتظاره، واعتقد أن هذا التحرك قد يساعده على تبرير هزائمه العسكرية المتتالية أمام قوات الدعم السريع مؤخرا.
ويقول مراقبون إن قائد الجيش السوداني يبحث دائما عن قنوات تبعده عن أي طريق يُلزمه بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، وأثبتت خطوته مع دبلوماسيي الإمارات أن أجندته ملتصقة تماما بحزب المؤتمر الوطني المنحل وقيادات النظام السابق؛ فالإمارات من أكثر دول المنطقة فهما لألاعيب جماعة الإخوان، ويتحمل هذا التنظيم نكبات عديدة في الدول التي ابتليت به، والسودان أبرزها.
قيادات الحركة الإسلامية حشدت العشرات من السودانيين ضد دولة الإمارات مؤخرا، انطلاقا من مساجد في بورتسودان
ويضيف المراقبون أن حيرة البرهان السياسية أربكت توجهاته الداخلية والخارجية، فلم يتمكن من تحقيق ولو انتصار عسكري واحد على قوات الدعم السريع، وأساء إلى المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها عندما أخضعها للحركة الإسلامية، وجعلها مطية لرؤية الفلول التي تتهرب من أي التزام وتسعى لاختلاق الأزمات، حيث كانت القوى المدنية تعتقد أن الثورة أنهت دور الجماعات الأيديولوجية في الحكم والجيش.
وحشدت قيادات الحركة الإسلامية العشرات من السودانيين ضد دولة الإمارات مؤخرا، انطلاقا من مساجد في بورتسودان، وطالبوا بطرد سفيرها من السودان، وذلك بعد مزاعم ساقها عضو مجلس السيادة ومساعد البرهان الفريق ياسر عطا في أواخر نوفمبر الماضي وقال فيها إن “الإمارات تدعم قوات الدعم السريع”.
وتزامنت الخطوة مع زيارة قام بها السفير التركي في السودان إلى ميناء سواكن، ما يوحي بأن لدى البرهان خيارات يمكن أن تؤثر على مصالح بعض الدول المعنيّة بالبحر الأحمر.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم صلاح الدين الدومة أن الأزمة الراهنة سببها التصريحات غير المسؤولة للجنرال ياسر العطا بعد أن تحدث في أمور شائكة باعتباره رجلا عاديا وليس مسؤولا في الدولة السودانية، وهو ما قاد إلى توتر قد يتصاعد مستقبلاً، لافتا إلى أن فلول البشير لا تجيد التعاملات الدبلوماسية السلمية وكان يمكن أن يبعث أي مسؤول بإشارات مفهومة للرأي العام المحلي أو الدولي لكن ما جرى تسبب في أزمة دبلوماسية دون أن يمتلك دليلا على ما ورد في حديثه.
صلاح الدين الدومة: أعضاء مجلس السيادة في السودان يواجهون مشكلة انعدام الحس السياسي
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “أعضاء مجلس السيادة في السودان يواجهون مشكلة انعدام الحس السياسي، وبدلاً من التخفيف من حدة الأزمة أو تطويقها مضوا في طريقهم نحو خلق علاقة صفرية مع دولة بحجم الإمارات. والاتجاه إلى معاداة الدول أو العمل لمصلحة دول أخرى دون إيجاد مسافات وسطى تضمن مصالح السودان يشكل تاريخا لفلول البشير التي لا تمثل الدولة السودانية”.
ولم يقدم البرهان ورفاقه دليلا على مزاعمهم، والتي رأتها دوائر سوادنية وسيلة لتبرير إخفاقات الجيش، وأداة لصرف الأنظار عن حقيقة ما يعتمل داخل المؤسسة العسكرية من سيطرة كبيرة فرضتها فلول النظام السابق على تحركات البرهان السياسية.
وقالت تقارير سودانية إن الخطوة جاءت ردا متسرعا على إعلام الإمارات السبت رسميًّا السفيرَ السوداني في أبوظبي عبدالرحمن شرفي بأن الملحق العسكري العميد أحمد عبدالرحمن البشير ونائبه ومساعده المقدم مدثر عثمان والملحق الثقافي غير مرغوب فيهم وطالبت بمغادرتهم البلاد في غضون يومين.
وكشفت التقارير المحلية أن المطالبة الإماراتية سابقة أولى في علاقات البلدين إذ لم يحدث منذ بدء العلاقات المشتركة بينهما طرد دبلوماسيين أو استدعاؤهم، وتدل على أن الإمارات مستاءة من تصرفات أعضاء البعثة الدبلوماسية السودانية على أراضيها.
وذكرت مصادر سودانية أن أبناء الجالية السودانية في دول الخليج قلقون من تصرفات البرهان ورفاقه ومتخوفون من إمكانية أن تؤثر مواقفهم السياسية على الدول التي يعيشون فيها بسلام، فتصرفات بعض المسؤولين تتضمن إشارات متناقضة ويمكن أن تطال دولا أخرى في المستقبل.