مجتمع صقر الجديان

التقبيل ممنوع حتى إشعار آخر!

وكالات – صقر الجديان

حظر هنري السادس ملك إنجلترا في 15 يوليو 1439 تبادل القبل. هذا الملك الذي عُرف بالمجنون، لم يفعل ذلك كرها لهذه الطريقة في التعبير عن المودة أو الخضوع والإجلال، بل اتقاء للطاعون.

بإيعاز من الملك، أصدر برلمان البلاد مرسوما منع التقبيل، بما في ذلك تقبيل خاتم الملك كما جرت العادة. الحظر طُبق في ذلك الوقت على جميع الرعايا من دون استثناء.

المرسوم الملكي استهدف بالدرجة الأولى التقبيل العلني بما في ذلك للتحية وفي سياق الطقوس الدينية ومظاهر الولاء الاجتماعي، إلا أنه لم يحظر صراحة الممارسات الشخصية الخاصة مثل تبادل القبلات العائلية.

تفشي الطاعون في موجة قاتلة في أوروبا بين عامي 1348 إلى 1350 وطال بريطانيا لأول مرة ما أسفر عن هلاك ما بين 30 إلى 50 بالمئة من سكان البلاد.

موجة تفشي حادة للوباء عادت بقوة عامي 1438 و1439، وتفاقمت بسبب مجاعة كبرى حثت عام 1438، أضعفت أجهزة المناعة لدى الناس بسبب سوء التغذية وجعلتهم أكثر عرضة لخطر الوباء الفتاك.

كانت إنجلترا علاوة على ذلك تمر بمرحلة عدم استقرار سياسي وضعف نتيجة تورطها في حرب المئة عام مع فرنسا. كانت الموارد شحيحة وكانت قيادة هنري السادس وكان صبيا في سن 17 عاما تتسم بالضعف والاعتماد كليا على المستشارين من رجال الدين.

قرر الملك هنري السادس ومستشاروه تعويض النقص في المعرفة الطبية بالخبرة. كانوا يدركون بشكل جيد أن المرض ينتقل من شخص إلى آخر، ولذلك لجأوا في مقاومة الموت الأسود والوقاية منه إلى التباعد الاجتماعي، الأسلوب الذي عرفه سكان الأرض بشكل واسع أثناء تفشي وباء الفيروس التاجي.

التقبيل في القرن الخامس عشر كان شائعا في أوروبا مثل المصافحة. كان الجميع يقبل الجميع رجالا ونساء. وكان ذلك طريقة مثالية لنشر العدوى.

هنري “المجنون” في مواجهة تلك الكارثة كان ذكيا بما يكفي ليدرك أن أولئك الذين اقتربوا من المصابين سرعان ما انتقل الوباء إليهم.

هنري السادس عُرف بـ”الملك المجنون” بعد أن دخل عام 1453 في حالة من الذهول وعدم الاستقرار النفسي لمدة 18 شهرا. بعض المؤرخين يعتقدون أنه كان يعاني من مرض انفصام الشخصية الحاد.

لم يكن من السهل إجبار سكان إنجلترا على الامتثال لحظر التقبيل أمام الملأ. لم يستطع هنري وضع حراس في كل مدينة لفرض النظام وضمان الالتزام بهذا القرار.

في نفس الوقت لا توجد دلائل على رفض سكان البلاد الامتثال للحظر ولا أنهم اتبعوه بدقة. المؤكد أن القرار طبق بحزم في عائلة الملك وبين حاشيته.

قانون حظر التقبيل سرى تحت طائلة العقوبات شملت دفع غرامات أو التعرض إلى تشهير علني، لكن السلطات بمختلف مستوياتها كانت تفتقر إلى الموارد اللازمة لفرض رقابة قاعلة، لهذا السبب مرت معظم الانتهاكات من دون رادع.

مع ذلك كان الحظر بلا شك مفيدا، وكان السبب في إنقاذ حياة الكثيرين على الرغم من أن البعض لم يدرك ذلك بسبب استيائه العميق لحرمانه من تبادل القُبل.

جرى حظر التقبيل في العلن قبل ذلك في القرن الأول الميلادي في عهد الإمبراطورية الرومانية، حين منع الإمبراطور تيبيريوس رعاياه من تقبيل بعضهم في الفم أثناء تفشي عدوى الهربس. هذه الحادثة تعد أحد أقدم حالات حظر التقبيل لدواع صحية.

أما الأحدث من هذا النوع من الحظر فقد جرى في إيرلندا عام 2020 على خلفية تفشي وباء الفيروس التاجي. تم إيقاف تقبيل “حجر بلارني”، لأول مرة منذ 600 عام. تقبيل هذا الحجر تقليد شائع منذ القرن لخامس عشر ويُعتقد أنه يمنح موهبة البلاغة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى