التقشف الحكومي.. هل يمنح اقتصاد السودان “قبلة الحياة”؟
الخرطوم – صقر الجديان
اتجهت وزارة المالية السودانية عقب إجازة ميزانية 2022 نحو سياسات تقشفية، في محاولة لتقليل العجز الكبير الذي أقرته الموازنة.
وأعلنت “المالية” السودانية عن جملة من السياسات، أبرزها إيقاف شراء السيارات والمباني للحكومة، من أجل تخفيف الصرف الحكومي بجانب سد الفجوة داخل الميزانية، التي تشكو العجز الكبير في تفاصيلها.
ليبقى التحدي ماثلا أمام الحكومة السودانية للمضي قدماً في تنفيذ خفض الصرف الحكومي.
ترتيب الأولويات
قال الخبير الاقتصادي السوداني د. هيثم محمد فتحي إن الإجراءات في الموازنة الجديدة تتسق مع الإطار العام لسياسة السودان على المسارين الاقتصادي والاجتماعي، بما يعكس تطلعات السودانيين، خصوصاً في ظل أزمة كورونا وما تفرضه من إعادة ترتيب لأولويات الإنفاق وتطوير أسلوب تنفيذ الموازنة، على النحو الذي يسهم فيما تم من عمليات الإصلاح الاقتصادي، والمسار الآمن.
وأوضح فتحي أنه لابد من صمود الوضع المالي والاقتصادي للدولة وقدرتها على التعامل مع التحديات الاقتصادية الحالية، بالرغم من انخفاض بعض إيرادات الدولة وزيادة بعض النفقات المرتبطة بالتعامل مع عدم الاستقرارالسياسي والأمنى في البلاد.
تداعيات الأزمة
وأضاف أنه في حال استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية لفترات ممتدة، هل سيتم اللجوء إلى إجراءات تقشفية من خلال مراجعة أو تجميد بعض بنود المصروفات، لضمان القدرة المالية العامة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها.
وأشار إلى أن أفضل وأنسب حالة للاقتصاد السوداني وما يمر به هو اتباع نهج ترشيد الإنفاق العام، وهو أشمل وأعم ولكن على المدى الطويل، أما على المدى القصير فإن إجراءات التقشف تبقى احترازية وضرورية لما تضمنه من عدم ارتفاع الدين العام إلى مستويات قياسية.
محاربة الفساد
استبعد الخبير الاقتصادى د. محمد الطيب مكي أن تسهم الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها وزارة المالية من تقشف في الصرف الحكومي بتوقيف شراء السيارات أو المباني الجديدة، في تحسين الاقتصاد السوداني.
وقال مكي إن الاقتصاد السوداني في أسوأ حالاته وأن الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة ليس لها أثر إيجابي على الموازنة.
وأضاف أنه على الحكومة الإتجاه إلى إيجاد حلول أخرى، لأن ما سبق أن نفذته الحكومات السابقة، كان الاقتصاد أقوى من الاقتصاد حاليا بعشرات المرات.
وبين أن الحلول العملية والعلمية معروفة بأن تتجه الحكومة إلى الإنتاج وزيادة الصادر بجانب محاربة الفساد المالي والإداري، حينها سوف يتحسن الاقتصاد بصورة مثالية.
وأشار الخبير إلى أن تحسن الاقتصاد يسبقه تحسن في محراب السياسة التي تشهد حالة من التوهان لم يسبقه منذ استقلال السودان، فكل نواحي الحياة لم تعد كما كانت في السابق.
وتوقع مكي أن القادم سيكون سيئ للغاية اقتصاديا، ولا يمكن إنقاذ الاقتصاد إلا بالمنح والمساعدات من الدول الصديقة، وهذه المنح والدعم لن يتوفر في حالة الغليان السياسي الذي تشهده البلاد.
وفقد الاقتصاد السوداني نحو 50% من إيراداته خلال الأشهر الثلاث الماضية، وأصاب الشلل معظم الأسواق والمنشآت الإنتاجية والخدمية، متأثرا بتوقف المساعدات الخارجية.
وعلقت الولايات المتحدة الأمريكية مساعدات بقيمة 700 مليون دولار؛ كما أوقف البنك الدولي مساعداته التي تشمل خطوط ائتمان بأكثر من 3 مليارات دولار، وأعلنت فرنسا وقف إجراءات إعفاء نحو 5 مليارات دولار من ديونها على السودان.
وفي نهاية عام 2020؛ نجحت حكومة رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك في رفع العقوبات التي طوقت اقتصاد البلاد 27 عاما وأفقدته نحو 700 مليار دولار بسبب تصرفات نظام المخلوع عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاما قبل أن تطيح به ثورة شعبية في أبريل/نيسان 2019.