الحرب في السودان… ابحثوا عن النظام السابق
الخرطوم – صقر الجديان
قبل بداية المواجهات الدموية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 15 إبريل/نيسان الماضي، كان البحث عن رمز من رموز النظام السابق، أو قيادي في حزب المؤتمر الوطني، يكون لديه موقف مناهض لاندلاع الحرب التي بانت نذرها في تلك الأيام، وذلك من خلال التحشيد العسكري والحرب الكلامية، أشبه بمهمة مضنية.
اندلعت الحرب، ودخلت في أسبوعها الثالث، والحال لم يتغير رغم ما أظهرته الحصيلة الأولية من أهوال، من قتل للعسكريين والمدنيين والنساء والأطفال، ومن تدمير طاول المنازل والمراكز الصحية ومحطات المياه والكهرباء.
الجميع رأى بأم العين رحلات التشرد والنزوح، وأحس بالجوع وندرة السلع الضرورية، ومعاناة الناس من النهب في المنازل والطرقات والمحال التجارية والشركات الخاصة والعامة، وانهيار الخدمات، خصوصاً الصحية بخروج معظم مشافي الخرطوم من الخدمة.
لكن وسط كل ذلك برز خطاب ينزع عن أي سوداني يتبنى فكرة وقف الحرب، وينادي بأن الأولوية هي لحقن الدماء والذهاب نحو الحلول السلمية، صكوك الوطنية، ويتم وضعه في خانة العمالة والارتزاق وموالاة قوات الدعم السريع، حتى لو كان ذلك الشخص صاحب إيمان عميق بمبدأ حل تلك القوات ووقف ضدها في طور تكوينها بواسطة النظام السابق، وتحت رعايته وإشرافه، الى أن تمددت وانقلبت عليه ليتذوق مرارة مكره.
وهذه الأصوات هي نفسها من خونّت من هتف في ميادين الثورة لأربع سنوات بحل المليشيا ومحاكمة قادتها على ما ارتكبته من جرائم.
الدعاء لله والتضرع له بوقف الحرب وسؤاله لطفه وتخفيفه، هو سلاح السودانيين هذه الأيام، وهم يواجهون آلات الموت والدمار. لكن من النادر جداً أن يفعل مسؤولو النظام السابق ذلك.
السودانيون، عموماً ضد الحرب، ويأسفون لاندلاعها، ويبكون لآثارها الإنسانية، ومقتنعون أن الخاسر فيها هو الشعب وحده، لو استمرت لعلعة الرصاص ودوي المدافع. لكن يلاحظون أيضاً أن هناك من لا يسعى مع بقية السودانيين لإيقافها صوناً للدماء وحفظاً لوحدة السودان وأرضه.
معطيات عدة تدعم الرأي القائل إن النظام السابق هو صاحب المصلحة الوحيدة من قيام الحرب واستمرارها، مهما كانت النتائج، لأنه باختصار يظن أن مرحلة ما بعد الحرب ستعيد له السلطة وفردوسه المفقود على طبق من ذهب، ولو على أشلاء الجثث وأنهر الدماء، ليعود كما كان قبل إبريل/نيسان 2019.