الحسم في جورجيا.. صراع انتخابي مصيري على مجلس الشيوخ الأميركي
الخامس من يناير، يوم حاسم في مستقبل المنافسة المحتدمة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة. فالأنظار تتجه إلى ولاية جورجيا التي تشهد انتخابات ستحدد من سيسيطر على مجلس الشيوخ في السنوات المقبلة.
وجورجيا ولاية جمهورية الانتماء إجمالا، لكنها صوتت بفارق ضئيل لمصلحة بايدن في الانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي، ويخوض فيها الجمهوريان ديفيد بيرديو وكيلي لوفلر، سباقا محموما مع المرشّحين الديموقراطيين جون أوسوف ورافايل وورنوك.
ويسيطر الجمهوريون حاليا على مجلس الشيوخ، المكون من 100 عضو، بواقع 50 من الجمهوريين مقابل 46 ديمقراطيين وعضوين محسوبان على الديمقراطيين.
وفي حال أراد الجمهوريون تجنب خسارة الأغلبية، فعليهم على الأقل الفوز بمقعد واحد في انتخابات جورجيا كي يتمكنوا من امتلاك القدرة على تعطيل سياسات الرئيس وقراراته خلال السنوات الأربع المقبلة.
وسيستحوذ الديمقراطيون على الأغلبية في حال الفوز بمقعدي جورجيا لتحقيق التعادل، لإن الدستور الأميركي ينص على أن نائبة الرئيس المنتخبة، كامالا هاريس، تمتلك صوتا مرجحا في مجلس الشيوخ في حالة التعادل (50 مقابل 50).
احتدام المنافسة
ولم يحصل أي من المرشحين على الغالبية في الاقتراع الذي جرى في الثالث من نوفمبر، ودعي ناخبو جوروجيا إلى صناديق الاقتراع للجولة الثانية المحددة في الخامس من الشهر المقبل.
ولم يتمكن أي من المرشحين الأربعة الحصول على نسبة 50 في المئة اللازمة للفوز كما تنص قوانين الولاية، لكن في جولة الإعادة لن يتم النظر لهذه النسبة، لأن المرشح لا يحتاج سوى للفوز على منافسه بأية نتيجة كانت.
وبدأ التصويت المبكر في الولاية المحافظة الواقعة في جنوب شرق البلاد في 14 من ديسمبر، وحتى الآن تشير نتائج الاستطلاعات إلى تقدم طفيف (نصف نقطة) للمرشح الجمهوري ديفيد بيرديو على منافسه الديمقراطي جون أوسوف.
بالمقابل لم تتجاوز هذه النسبة 0.02 في المئة لصالح الجمهورية كيلي لوفلر على حساب منافسها الديمقراطي رافايل وورنوك.
ومع ذلك تتحدث نتائج الاستطلاعات المحلية عن تعزيز الديمقراطيين لحظوظهم وتقليصهم الفارق خلال الأيام القليلة الماضية.
تأثير ترامب
خلال الاسابيع القليلة المنصرمة هاجم الرئيس، دونالد ترامب، قيادة الحزب الجمهوري في جورجيا بحجة عدم وقوفهم “بوجه التزوير” الذي ترافق مع الانتخابات الرئاسية.
ومن المقرر أن يزور ترامب الولاية الجنوبية، الاثنين، لخوض حملة دعم للمرشّحين الجمهوريين عشية اليوم الانتخابي.
لكن أوساطا في الحزب الجمهوري عبرت مؤخرا عن قلقها من تأثير هجمات ترامب المستمرة على نزاهة الانتخابات الرئاسية في جورجيا، ورجحوا أن يؤدي ذلك للإضرار بإقبال الناخبين الجمهوريين.
ويشعر بعض الجمهوريين بالقلق من الأضرار الجانبية التي يمكن أن تنتج من كثرة الطعون التي قدمها أنصار ترامب، للاعتراض على نتائج الانتخابات بدون نجاح.
ويقول هؤلاء إن هذه الحملة قد تدفع خصوصا مؤيدي ترامب إلى الامتناع عن التصويت بسبب عدم ثقتهم بالنظام الانتخابي الأميركي.
وما أكد ذلك الهجوم غير المسبوق الذي شنته صحيفة “نيويورك بوست” على الرئيس الحالي “لعدم اكتراثه بانتخابات جورجيا والتفكير فقط بنفسه”.
ففي مقال افتتاحي نشر، الأحد الماضي، دعت الصحيفة القريبة من الحزب الجمهوري، ترامب إلى التركيز على تاريخ الخامس من يناير بدلا من السادس منه.
وأرادت الصحيفة من خلال هذه الدعوة القول لترامب إن انتخابات جوروجيا المقررة في الخامس من يناير، أهم بكثير من يوم السادس من ذات الشهر، الذي سيشهد مصادقة الكونغرس على نتائج الانتخابات الرئاسية، وإعلان فوز جو بايدن بشكل رسمي.
وذكرت الصحيفة أن فوز الجمهوريين ديفيد بيرديو وكيلي لوفلر، سيمنعان بايدن من التراجع عن ما أنجزه ترامب، حيث رأت أنه يمكن لمجلس الشيوخ الجمهوري أن يمنع بايدن من العودة للاتفاق النووي “الفاشل”، كذلك يمكن أن يمنعه من فتح حدود الولايات المتحدة الجنوبية للاجئين غير الشرعيين.
حظوظ الحزبين
ويقول المحلل السياسي، كاظم الوائلي، إن خسارة جورجيا ستكون “مصيرية” بالنسبة للجمهوريين، وستحدد مصير الحزب خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
ويضيف الوائلي، المقيم في العاصمة الأميركية واشنطن، في حديث لـ “موقع الحرة” إن “خسارة مقعدين في مجلس الشيوخ، يعني أن الجمهوريين سيخسرون توازن القوى السياسي في واشنطن وسيعطي للديمقراطيين الغلبة في شقي الحكومة، التنفيذي والتشريعي”.
ويسيطر الديمقراطيون حاليا على مجلس النواب، وفي حال عدم تمكنهم من حسم السباق داخل مجلس الشيوخ، فسيتعين على الرئيس المنتتخب جو بايدن أن يستنزف كل مهاراته في مجالات التواصل والتفاوض للتوصل إلى حلول وسط مع خصومه الجمهوريين.
ولا يمكن إقرار أي قانون في الولايات المتحدة إذا لم يوافق عليه مجلس الشيوخ، كما لا يمكن للرئيس أن يعين أي وزير أو سفير أو قاض إذا لم يصادق على هذا التعيين مجلس الشيوخ.
ويتوقع الوائلي أن “تسفر انتخابات جورجيا عن خسارة الجمهوريين كما حصل في الانتخابات الرئاسية التي شهدت خسارة ترامب”.
ويشير الوائلي إلى “وجود حنق من قبل الجمهوريين على الإدارة في جورجيا المتمثلة بالحاكم، الذي طالب ترامب بإزاحته من منصبه”.
وأوضح أن “تشجيع القادة الجمهوريين للانتخابات في جورجيا لا يزال خجولا جدا، حيث كانت التوقعات تتجه لزعيم الأغلبية، ميتش ماكونيل، للقيام بهذ الدور، على اعتبار أنه أصبح صاحب الصوت الأعلى في الحزب بعد خسارة ترامب، لكنه لم بفعل ذلك لغاية اليوم”.