الخلايا تتقدم في العمر قبل الأوان لدى المصابين بالاكتئاب ما قد يؤدي إلى الوفاة المبكرة
كشفت دراسة جديدة أن الاكتئاب قد يسرّع في الشيخوخة على المستوى الخلوي ويؤدي إلى الوفاة المبكرة.
ووجدت الدراسات السابقة أن اضطراب الاكتئاب الشديد (MDD) عامل خطر للعديد من الأمراض المختلفة المرتبطة بالشيخوخة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض ألزهايمر وهشاشة العظام. كما أنه مرتبط بالوفيات المبكرة. لذا افترض الباحثون أن الاكتئاب قد يحفز عملية بيولوجية داخل الجسم تسرع الشيخوخة، وفقا للدراسة التي نُشرت في 6 أبريل في مجلة Translational Psychiatry.
وقال كبير المؤلفين المشارك في الدراسة، الدكتور أوين وولكويتز، وهو أستاذ في الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو (UCSF) في بيان: “أحد الأشياء اللافتة للنظر حول الاكتئاب هو أن المصابين لديهم معدلات أعلى بشكل غير متوقع من الأمراض الجسدية المرتبطة بالعمر والوفيات المبكرة، حتى بعد أخذ أمور مثل الانتحار وعادات نمط الحياة في الاعتبار. لطالما كان هذا لغزا، وهذا ما دفعنا للبحث عن علامات الشيخوخة على المستوى الخلوي”.
ولمعرفة ذلك، تحولت مجموعة من الباحثين إلى ما يسمى بالساعات الفوق جينية، والتي تقيس تغيرات كيميائية معينة في الحمض النووي للشخص لتقدير عمره البيولوجي أو الخلوي. ومع تقدم الشخص في العمر، تبدأ ذرات معينة في الحمض النووي الخاص بهم في الاستبدال بمجموعات الميثيل (ذرة كربون واحدة مرتبطة بثلاث ذرات هيدروجين)، في عملية طبيعية تعرف باسم المثيلة. وهذه التغيرات الكيميائية تغير وظيفة الجينات في الخلايا.
ومن خلال تتبع هذه التغييرات الكيميائية، يمكن للعلماء أيضا أن يفهموا بشكل أفضل ما إذا كانت حالة، مثل الاكتئاب، مرتبطة بتسريع شيخوخة الخلايا.
وفي الدراسة الجديدة، بحث الباحثون عن أنماط معينة من المثيلة التي تم ربطها سابقا بالوفيات، وهو مقياس يعرف باسم GrimAge، باستخدام عينات دم من 49 شخصا يعانون من اضطراب اكتئابي شديد ولم يقع علاجهم بالأدوية، ومن 60 ضوابط صحية من نفس العمر. وكانوا يسيطرون على الجنس وحالة التدخين ومؤشر كتلة الجسم. وعلى الرغم من أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب الشديد لم تكن لديهم علامات جسدية على تسارع الشيخوخة، إلا أن لديهم نسبة أكبر من GrimAge مقارنة بالعمر الزمني. وبعبارة أخرى، قاموا بتسريع شيخوخة الخلايا بمعدل عامين مقارنة بالضوابط الصحية.
وقالت كاترينا بروتسينكو، طالبة الطب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، في بيان: “هذا يغير طريقة فهمنا للاكتئاب، من مرض عقلي أو نفسي بحت، يقتصر على العمليات في الدماغ، إلى مرض يصيب الجسم بالكامل. وهذا يجب أن يغير بشكل أساسي الطريقة التي نتعامل بها مع الاكتئاب وكيف نفكر فيه، كجزء من الصحة العامة”.
لكن لم يتضح بعد ما إذا كان الاكتئاب يسبب تغيرات في المثيلة لدى بعض الأشخاص، أو ما إذا كان الاكتئاب والميثلة مرتبطين ببعض العوامل الأساسية الأخرى في الجسم، وفقا للبيان. على سبيل المثال، من الممكن أن يكون بعض الأشخاص عرضة لأنماط مثيلة معينة عندما يتعرضون للضغوط.
وكتب الباحثون أن هذه النتائج تحتاج إلى تكرارها في عينة أكبر وأكثر تنوعا، كون حجم العينة في تلك الدراسة كان “متواضعا”.