السودان.. استغاثات عاجلة من دارفور لمساعدة نازحي الحرب (تقرير)
رئيس الإدارة الأهلية بإقليم دارفور للأناضول: شيوخ وأطفال وأرامل ليس لديهم القدرة على شراء الغذاء والدواء ويحتاجون لمساعدات عاجلة.
الخرطوم – صقر الجديان
يواجه آلاف السكان في مختلف مدن إقليم دارفور غربي السودان أوضاعا إنسانية واقتصادية بالغة الصعوبة بسبب المواجهات المسلحة الدائرة في الإقليم بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أجبر الكثير منهم إلى الفرار من منازلهم والنزوح أو اللجوء إلى مناطق أكثر أمنا.
ودفعت المواجهات الدامية، بين الجيش، وقوات الدعم السريع، في مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، نحو 600 شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، للفرار من منازلهم في الأحياء الشرقية والشمالية من المدينة، واستقروا في بعض المدارس والمرافق الصحية بالأحياء الجنوبية.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، يدور قتال عنيف بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في العاصمة الخرطوم، وامتد إلى عدة ولايات في البلاد، وبالأخص إقليم دارفور بولايته الخمسة، قتل خلاله المئات ونزح مئات الآلاف من الناس داخليا، ولجأ عشرات الآلاف منهم إلى دول الجوار.
ـ فرار تحت وابل الرصاص
آدم جمعة، أحد الفارين من المواجهات في الفاشر، كبرى مدن الإقليم، يقول للأناضول، “في البدء ظننا أن القتال لن يقترب من الحي الذي نقطنه، لكن بعد مرور الوقت تساقط علينا وابل من الرصاص والقنابل”.
وأشار جمعة، إلى أنه في خضم تلك الاشتباكات “أحاط بنا الجنود على متن سيارات دفع رباعي، ما أجبرنا على الفرار من منازلنا إلى مناطق سكنية أخرى”.
وذكر أن “الصراع في المدينة شرد ما لا يقل عن 600 شخص، أغلبهم يواجهون صعوبة في تأمين السكن، حيث لا تتوفر لديهم مدخرات، وهم منتشرون في المدارس والمرافق الصحية في الفاشر، أقدم مدن إقليم دارفور تاريخيا”.
وكانت الفاشر، آخر عاصمة لسلطنة الفور، قبل سقوطها بيد الاحتلال الانجليزي عام 1916، خلال الحرب العالمية الأولى، ومازال قصر علي دينار، آخر سلاطين الفور (1856-1916) شاهدا على تلك الحقبة، حيث تكفلت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) بترميمه منذ 2016، وسلمته لهيئة المتاحف والآثار السودانية في صائفة 2021.
ـ استغاثات عاجلة
رئيس الإدارة الأهلية بإقليم دارفور صلاح الدين محمد الفضل، ناشد الهيئات الإنسانية المحلية والدولية بإرسال مساعدات عاجلة للنازحين الجدد في دارفور.
وقال فضل، في حديث مع الأناضول، إن “هؤلاء الفارين في حاجة لمساعدات عاجلة من المنظمات الوطنية والهيئات الدولية، (والدول) التي أجلت رعاياها إلى خارج البلاد مع بداية اندلاع الأزمة”.
وأشار إلى أن من بين النازحين “كبار في السن وأيتام ونساء وأرامل ليس لديهم القدرة على شراء الاحتياجات الضرورية من غذاء ودواء، ويتطلب ذلك تقديم مساعدات عاجلة لهم”.
وفي ولاية وسط دارفور وعاصمتها زالنجي، يقول منسق مخيمات النازحين “آدم رجال”، للأناضول، إن “المنطقة ما زالت تشهد انقطاعا تاما للاتصالات والتيار الكهربائي منذ أكثر من عشرة أيام”.
“رجال”، لفت إلى أن السكان يواجهون صعوبات في الحصول على الغذاء الأدوية المنقذة للحياة”.
وأوضح أن “لا أحد يستطيع الخروج أو مغادرة زالنجي، التي باتت شبه معزولة تماما عن العالم الخارجي بسبب الاشتباكات المسلحة بين الطرفين”.
وقال منسق مخيمات النازحين، إن “الحياة تعطلت تماما في ظل غياب كامل للمساعدات الإنسانية من المنظمات الوطنية والهيئات الدولية”.
ـ شهران بلا مرتبات
من جهتها، ترى أميمة آدم أحمد، مستشارة النوع بحكومة ولاية شمال دارفور، أن “الواقع الذي يعيشه سكان إقليم دارفور في غاية الصعوبة”.
وأشارت أميمة، في حديث للأناضول، إلى “ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وتأخر صرف مستحقات الموظفين الحكوميين على مدى شهرين متتاليين، ما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية”.
ولفتت إلى المعاناة التي تواجهها المرأة في دارفور بشكل خاص، وقالت إن “المنطقة ما زالت تعاني من فقر للمجتمعات المحلية، ومشكلات أخرى متعلقة بالصحة والحصول على المياه الصالحة للشرب”.
ولجأ عشرات الآلاف من المدنيين في دارفور إلى تشاد، وبدرجة أقل إلى كل من دولة جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى المجاورة للإقليم من الغرب والجنوب.
وفي 24 مايو/أيار الماضي، قال المفوض السامي لشؤون للاجئين فيلبو غراندي، في تغريدة، إن “أكثر من 300 ألف شخص اضطروا للفرار من السودان إلى البلدان المجاورة، كثير منهم عبروا الحدود إلى تشاد ومصر خلال الأيام القليلة الماضية”.
وفي 17 مايو، ذكرت الأمم المتحدة أن “نحو 25 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان السودان بحاجة للمساعدات الإنسانية”، محذرة من أن “الوضع في السودان يتحوّل إلى أزمة إقليمية بوتيرة سريعة”، متوقعة أن “يبلغ عدد الفارين من السودان مليون لاجئ هذا العام”.
ولمواجهة ذلك، أعلنت الأمم المتحدة “الحاجة إلى 2.56 مليار دولار لتقديم المساعدات للاجئين بسبب الأزمة السودانية”، مشيرة إلى أن “220 ألف سوداني أصبحوا لاجئين في مصر وتشاد وجنوب السودان جراء الاقتتال”.