السودان : الحرب ترفع وفيات الأمهات ومصير غامض لآلاف الحوامل
الخرطوم – صقر الجديان
رجح مختصون ان تصل نسبة وفيات الامهات في ولادات ما بعد الحرب الى 15% بسبب انهيار النظام الصحي، ونتيجة حتمية لتوقف أكثر من 80%من المستشفيات والمراكز الصحية والرجوع الى الولادة عن طريق القابلات في المنازل.
ولفت تعليق الناشطة سمية موسى الانتباه الى المخاطر التي تحيط بالحوامل خلال الحرب حين دعت في تغريدة على” اكس” رجال الدين لإصدار فتوى تبيح الاجهاض في مناطق الحرب حفاظا على حياة الامهات حيث لا توجد مستشفيات ولا أطباء لمساعدة اللائي يحتجن الى العمليات القيصرية.
وسردت الناشطة قصة شقيقتها سميرة التي توفيت اثناء الولادة في نيالا وكان يفترض ان تجري عملية ولادة قيصرية في أحدى المستشفيات بالمدينة لكنها توفيت مع جنينها بسبب انعدام الكادر الطبي و توقف المستشفيات.
واكدت سمية حدوث وفيات حوامل ايضا بسبب السلاح والطيران وان معدلات الوفيات للولادات الحديثة آخذة في التصاعد بشكل كبير غير ان التوثيق للعدد الحقيقي ينعدم بسبب قطع الاتصالات وخدمة الانترنت.
ورصدت صحيفة سودان تربيون حالات وفيات مماثلة بذات المدينة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع حيث حرم الانفلات الامني سعدية -شابة عشرينية- من رؤية مولودها الاول ولم تكتمل فرحتها بالصغير بعد ان قصدت مركز صحي في منطقة عطاش واضطر المركز لتحويلها الى المستشفى التركي ولصعوبة التنقل في الوضع الامني غير المستقر وصلت في حالة متأخرة وتوفيت هي وجنينها.
ولاقت امرأة ثالثة حتفها بذات الطريقة وكانت هذه المرة محولة من منطقة ام جناح الى المستشفى الام في نيالا وتمكن الاطباء من انقاذ طفلها الذي حرمته النزاعات من حضن والدته.
وقبل الحرب سجل السودان اعلى معدل وفيات في العالم حيث اكدت اخر احصائية، وفاة ما بين 100 الى 150 سيدة في كل 10.000 حالة ولادة حيث وضعت وزارة الصحة الاتحادية آنذاك ثلاث استراتيجيات لخفض اسباب الوفيات تضمنت تفعيل طوارئ الحمل والولادة وتحسين وتأهيل خدمات القبالة رفع معدل استخدام وسائل تنظيم الاسرة
وقالت د نازك ابو زيد عضو اطباء السودان لحقوق الانسان لسودان تربيون ان 15% هي نسبة وفيات الامهات في الولادات التي حدثت بعد الحرب موكده انها نسبة تقريبية بسبب عدم التوثيق والرصد ومشاكل التواصل مع الاطراف المعنية بسبب الوضع الامني التي تعيشه مناطق النزاع.
وافادت ان ولاية الجزيرة ضمت اكثر من 170 الف حالة حمل، اقترب الان موعد ولادتهم ومصيرهم مجهول، مؤكدة ان مدينة مدني وما جاورها من قرى كانت قبل اجتياحها من الدعم السريع ملاذا امنا للنازحين من جميع المناطق لتوفر الخدمات الصحية والمستشفيات المتخصصة.
واضافت “بعد ان سيطرت قوات الدعم السريع على الجزيرة نزح الحوامل الى مناطق لم تكن مستعدة للتعامل مع هذه الحالات ما ادى الى حالات وفيات كثيرة وسطهن وبعضهن سطر لهن النجاة من الموت”.
وروت سماح لسودان تربيون قصة نجاتها وقالت حجزت للولادة القيصرية بمستشفي الحاج عبد الله بسنار وبعد هجوم قوات الدعم السريع بدأنا رحلة البحث عن مستشفى امن بمعية اسرتي وبعد جهد مضني ولدت في مستشفى يمنطقة شبونة ريفي سنار مكثت فيها ثلاث ايام وفي طريق العودة اعترضت طريقنا مجموعة من الدعم واستولوا على العربة ووفروا لنا عربة “كارو” تقلنا الى وجهتنا قالت سماح عشت قمة الالم بسبب جرح العملية والمسافات الطويلة التي قطعتها بجانب الخوف من ما واجهته.
وارجعت تزايد حالات الوفيات اثناء الولادة الى انهيار المؤسسات الصحية واغلاق المستشفيات التي تقدم خدمات الولادة والعمليات القيصرية ومتابعة الحوامل على يد اطباء متخصصين في امراض النساء والتوليد
واكدت نازك ابوزيد نزوح الاطباء الى مناطق امنة ما دفع الحوامل الى اللجوء للقابلات والعودة الى الولادة في المنزل مضيفة والمعروف ان مثل هذه الولادات بها خطورة على الام والمولود.
وافادت ان غياب المتابعة الشهرية والوضع الامن وسوء التغذية يؤدي للإصابة الملاريا والكوليرا وفقر الدم وقد تؤدي تلك الاصابات الى النزيف ما يسبب الولادة المبكرة او وفاة الام والجنين معا
ووصفت مسؤولة الصحة الانجابية جنوب دارفور د صهيبه مبارك وضع الحوامل بالكارثي ما ادى الى ارتفاع الوفيات بالمنطقة نسبة لصعوبة الوصول للمستشفيات لعدم توفر الوسيلة الحركية وايضا سرقة كل عربات الاسعاف بالولاية
واكدت لسودان تربيون من الاسباب ايضا انعدام وشح الادوية المنقذة للحياة ونزوح الكادر الطبي الى مناطق امنه والنساء الحوامل الى اماكن لا تتوفر فيها رعاية صحية مؤكدة وجود مراكز صحية بكل انحاء الولاية وان المشكلة تكمن في تحويل الحالات الحرجة الى المشفى المرجعي بنيالا حيث يحدث تأخير في التحويل بجانب الولادة على يد قابلة غير مدربة
وقالت إن عدد كبير من الوفيات تم نتيجة نزيف بعد الولادة بالمنزل ويصعب اسعاف الحالة لصعوبة وصولها الى المستشفى وعندما تصل تكون في وضع حرج.
ودافعت القابلة هناء محمد السيد عن رفيقاتها مؤكدة انهن يزاولن مهنتهن بكل نزاهة وامانة وأنها كرست نفسها لاي ولادة حديثها وسط النازحات في بورتسودان لمن لا يملكن المال.
واكدت هناء لسودان تربيون انها تتعاون مع احدى المنظمات التي وفرت لها اجهزة التوليد موكده انها تجتهد لتوفير الفوط المعقمة لضمان سلامة الام والمولود
وقالت “لضيق ذات اليد نضطر ان نجري ولادة داخل معسكرات الايواء وتتم الولادة بسهولة ولكن احيانا تحصل تعقيدات تتطلب تدخل جراحي او تتحول الولادة المستعصية الى عملية قيصرية نضطر بعدها الى نقل الام الى المستشفى لعدم توفر الوسيلة تحصل مضاعفات يكون ضحيتها الام مضيفة وهذه الظروف فرضتها علينا الحرب والوضع الطبيعي اننا نولد النساء في المستشفيات تحت اشراف طبي”.
وربطت شبكة نساء القرن الافريقي (صيحة) في بيان لها يوم 19 فبراير وفيات الامهات بانقطاع الاتصال في السودان وقالت ان الاف الحوامل في السودان يعشن ظروف انسانية وصحية حرجة مع خروج معظم المرافق الصحية من الخدمة وأصبحن يعتمدن على القابلات في المنازل
وتوقعت صيحة ان تصبح عمليات الولادة أكثر صعوبة وتزداد معدلات الوفيات وسط الامهات بسبب انقطاع الاتصالات في السودان وصعوبة الوصول للكوادر الصحية عبر الهاتف بالإضافة لصعوبة الحركة في مناطق حظر التجوال في الفترة المسائية.