السودان: المنسقية العامة للنازحين واللاجئين تتهم الحكومة بدعم تمدد مستوطنين أجانب في دارفور
الخرطوم – صقر الجديان
بدا اتهام المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، للحكومة السودانية، بالشروع في تحركات لتعيين قادة جدد على أراضي النازحين واللاجئين ممن وصفتهم بالمستوطنين الجدد، متسقاً مع تقرير لجنة الخبراء في الأمم المتحدة، الذي أكد احتلال أجانب من دول مجاورة للسودان لأراضي المواطنين الأصليين في إقليم دارفور، غربي البلاد.
وأكد المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال لـ«القدس العربي» وجود تحركات من قبل السلطات وبعض الإدارات الأهلية، لاستمرار عمليات الاستيطان في أراضي النازحين واللاجئين.
ونص اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية مع مجموعة من الحركات المسلحة في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2020 على عودة النازحين واللاجئين إلى أراضيهم. لكن الاتفاق واجه تحديات عديدة بخصوص التنفيذ، خاصة بعد الانقلاب العسكري في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ودعم عدد من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا الانقلاب، فيما رفضه بعضها، إلا أنها واصلت الشراكة مع المكون العسكري، مبررة ذلك بالحفاظ على اتفاق السلام وعدم العودة للحرب.
ومنذ الانقلاب، قتل نحو 300 شخص في إقليم دارفور خلال النزاعات التي تجددت هناك.
واندلعت الحرب في إقليم دارفور في العام 2003 وقتل فيها نحو 300 ألف شخص، فضلاً عن أكثر من مليوني نازح ولاجئ، حسب الأمم المتحدة.
وبتوقيع الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة على اتفاق السلام، سرت موجة من الاستقرار في الإقليم، إلا أن عدم تنفيذ بنود الاتفاق على أرض الواقع، أضعف الدعم الشعبي له.
وبعد مرور أكثر من عام على توقيع اتفاق السلام، ما يزال مئات الآلاف من النازحين يعيشون في معسكرات على أطراف المدن الرئيسية، بانتظار العودة إلى أراضيهم، إلا أن الأمر لا يبدو سهلا بعد استيطان آخرين فيها. وأشار رجال، إلى وجود مخططات لإحداث تغييرات ديموغرافية في إقليم دارفور، وتوطين أجانب في مناطق السكان الأصليين.
وأضاف: رصدنا تحركات لتعيين أمراء جدد في أراضي النازحين، بالتعاون بين السلطات وبعض الإدارات الأهلية، مشددا على أن أي محاولة لاستمرار التمدد في مناطق السكان الأصليين، ستزيد خطورة الوضع المتردي أصلا في الإقليم وتهدد بالفتنة المجتمعية وعودة الحرب مرة أخرى.
وأطلق تحذيرات لولاة ولايات إقليم دارفور، من العمل على تحقيق أجندة ما وصفها بالحكومة الانقلابية، لمواصلة محاولات التغيير الديموغرافي، بتعيين أفراد أمراء في أراضي و«حواكير»- مناطق زراعية- لها ملاك في معسكرات النازحين.
ولفت إلى صدور قرارات بموجب قانون الحكم المحلي تمنع أي تعيينات جديدة إلى حين عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم.
واعتبر، تمدد من وصفهم بالمستوطنين الجدد في الإقليم، نتاج ضعف اتفاق السلام الموقع بين الحكومة وبعض الحركات المسلحة، بدون الرجوع للنازحين واللاجئين وتمثيلهم تمثيلا حقيقيا، لافتا إلى أن الاتفاق حتى لو نص على عودة النازحين واللاجئين لأراضيهم لكن على أرض الواقع لم يتم شيء.
وترتبط خطط الاستيطان في أراضي النازحين، حسب رجال، بمخططات لنافذين في الدولة لنهب موارد المنطقة والتنقيب غير المشروع عن الذهب واليورانيوم، مشيرا إلى تورط دول في هذه المخططات قاموا بتحريك المسؤولين في الداخل، بواسطة شركاتهم الناشطة في الإقليم.
وأشار المتحدث باسم النازحين واللاجئين، إلى وجود عسكري في الإقليم، بكثافة مقلقة للسكان المحليين، لجهة تعرضهم لانتهاكات واسعة من قبل المجموعات العسكرية وشبه العسكرية والحركات المسلحة المؤيدة للانقلاب العسكري.
وقالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين، في بيان اطلعت عليه «القدس العربي» إن سلطات الانقلاب تخطط لتعيين أمراء علي أراضي النازحين واللاجئين، باستخدام من أسمتهم «أدوات الحكومة» في الإدارات الأهلية.
وأضاف البيان: هؤلاء الأمراء ليست لديهم (حواكير)-أراضي زراعية – إنما هم مستوطنون جدد، يريدون السيطرة علي أراضي وحواكير النازحين واللاجئين، معتبرا ذلك استمرارا في تحديث الأساليب الجديدة لشرعنة التغيير الديموغرافي في إقليم دارفور بعد تنفيذ مخططات «الإبادة الجماعية» و«التشريد القسري» و«السيطرة على الأراضي بطريقة رسمية عبر الدولة» و«سرقة الموارد الطبيعية بإقليم دارفور».
وأعلنت المنسقية، حسب البيان، رفضها القاطع لما أسمته الإجراءات الاستيطانية، قائلة، إن تصرفات حكومة الانقلاب الغرض منها خلق فتنة بين المكونات الاجتماعية وإشعال الحروب في إقليم دارفور.
وحذرت، كذلك ولاة الولايات والإدارات الأهلية من مغبة تنفيذ القرارات الداعمة لتمدد المستوطنين والتي من شأنها زعزعة الأوضاع بالإقليم، محملة إياهم كافة التبعات المترتبة على ذلك.
وشدد البيان على ضرورة الوصول لسلام شامل يحقق الأمن على الأرض، بالإضافة إلى نزع سلاح الميليشيات وطرد المستوطنين الجدد من أراضي و(حواكير) النازحين واللاجئين.
وكذلك طالبوا بتسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، على رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير. وشدد البيان على ضرورة السماح بعودة المنظمات الإنسانية والحقوقية لإقليم دارفور لجهة تقديم الخدمات الأساسية للمتضررين وتعويض النازحين واللاجئين فردياً وجماعياً ليتمكنوا من العودة إلى مناطقهم الأصلية.
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم أصحاب المصلحة في مفاوضات السلام الصادق محمد مختار، لـ«القدس العربي» أن بنود اتفاق السلام، حال تم تنفيذها كانت ستضمن عودة النازحين واللاجئين إلى أراضيهم فضلا عن حصولهم على تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.
وأشار إلى أن الخطوات الأخيرة التي يقوم بها نافذون في الحكومة، تأتي في إطار مزاعم تنفيذ اتفاق السلام، من قبل تلك المجموعات التي تقوم في الوقت الراهن بصناعة شخصيات جديدة للقيام بهذا الدور.
وأضاف: تعيين أمراء من المستوطنين، يعني بالضرورة منحهم حق اقتسام الأرض مع ملاكها الأصليين، والذي بالضرورة سيقود إلى تجدد الصراع في الإقليم. ولفت إلى أن التحركات الأبرز في الصدد، في ولاية شمال دارفور، حيث تتجمع مجموعات كبيرة من قوات الدعم السريع والحركات الداعمة للانقلاب العسكري، التي تدعم توجهات السلطات في الاستيلاء على أراضي النازحين واللاجئين.
وأوضح مختار، أن الاتفاق نص على قيام مؤتمرات قاعدية في جميع مناطق دارفور، للوصول للآلية المناسبة لتنفيذ بنود عودة النازحين واللاجئين إلى أراضيهم، وإبعاد المستوطنين غير الشرعيين.
وأوضح أن مفوضية الأرض والحواكير التي يزمع بعض القادة تكوينها من دون إشراك أصحاب الأرض والعارفين بتعقيداتها سيؤدي إلى انهيار ما تبقى من اتفاق السلام ونشوب الحرب من جديد في الإقليم.
وأضاف: مع تعيين كل أمير، بالضرورة سيتم توطين قبيلة أو مجموعة من القبائل القادمة من دول مجاورة أو مجموعات تابعة لقبائل حدودية مشتركة، مشيرا إلى أن الأمير سيكون المتحكم في توزيع الأراضي، التي هي في الأصل ملك آخرين، الأمر الذي سيؤدي إلى تعقيدات كبيرة. ورغم الصراع القديم بين الرعاة والمزارعين في دارفور حول الموارد الزراعية والماء والكلاء، يتصاعد صراع آخر حسب مختار، حول موارد أخرى تهم نافذين في الدولة ودولا مثل روسيا والإمارات ودول جوار تكون جزءا من عمليات تهريب تلك الموارد خارج البلاد.
وكانت منسقية النازحين واللاجئين قالت في بيان، مطلع الشهر الجاري، إن هناك اتفاقا اماراتيا روسيا تركيا لاستغلال منطقة جبل مرة وسط دارفور، الغنية بالمعادن والأراضي الزراعية، بدعم من السلطات العسكرية، لأغراض التنقيب عن اليورانيوم والذهب فضلا عن الاستثمار في قطاعي الزراعة والسياحة.
والمجلس المركزي للحرية والتغيير، كذلك، اتهم في بيان مساء الثلاثاء روسيا بدعم قادة الانقلاب، مطالبا إياها بالتوقف عن نهب الموارد السودانية.
وحسب تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي، تقوم مجموعات من دول تشاد وأفريقيا الوسطى ومالي ونيجيريا، باحتلال أراضي النازحين واللاجئين في إقليم دارفور. وأشار التقرير، إلى أن دارفور ما تزال نقطة انطلاق للهجرة الدولية من بلدان غرب ووسط أفريقيا والقرن الأفريقي إلى أوروبا عبر ليبيا والبحر الأبيض المتوسط، رغم تأكيدات السلطات في الخرطوم على سيطرة قواتها على الحدود.
وأضاف: توجد مؤشرات تؤكد أن الحدود مفتوحة، «تتمثل في وجود أنشطة غير قانونية في الحدود مثل تهريب المركبات والمخدرات والذهب، إلى جانب الإتجار بالبشر والسلاح من وإلى جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد وليبيا» .