السودان.. الوضع الإنساني من سيء إلى أسوأ (تقرير)
تعد العاصمة الخرطوم ومدينتا الأبيض والجنينة أكثر المناطق تأثرا على المستوى الصحي والإنساني والخدماتي، وسط مخاوف من الانزلاق نحو كارثة إنسانية كبيرة
الخرطوم – صقر الجديان
مع استمرار الاشتباكات منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تزداد معاناة السودانيين في عدة مدن بالبلاد.
وتعد الخرطوم ودارفور(غرب) والأُبيض (جنوب) أكثر المناطق تأثرا على المستوى الصحي والإنساني والنقص الكبير في الخدمات الأساسية، وسط مخاوف من الانزلاق نحو كارثة إنسانية كبيرة وخصوصا مع تزايد عدد الفارين من الحرب داخليا وخارجيا.
ويوما بعد آخر يتناقص عدد سكان الخرطوم التي باتت معظم مساكنها مهجورة، حيث يعاني السكان من نقص في المواد الغذائية الأساسية.
وبحسب وكالة الأناضول، من المحتمل نفاد الخبز والوقود في أي وقت في ظل غياب تدفق المواد الغذائية والخدمات عن المدنية.
وفي وقت سابق من الجمعة، اتفق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد لمدة 24 ساعة، يبدأ السبت.
واتفق الطرفان على “السماح بحرية الحركة للمساعدات الإنسانية ووصولها إلى جميع أنحاء البلاد، وسيكون للالتزام بهذا الاتفاق دور في إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين”، حسبما أعلنته الرياض وواشنطن اللتان ترعيان محادثات مباشرة بينهما في جدة منذ الشهر الماضي، وفق بيان نقلته وزارة الخارجية السعودية.
والخميس، أعلنت وكالة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، أن أكثر من 13.6 مليون طفل في حاجة ماسة للدعم الإنساني المنقذ للحياة في السودان، وهو أعلى رقم مسجل بالبلاد منذ بداية الصراع في 15 أبريل الماضي.
كارثة غذائية وشيكة
وقالت نقابة أطباء السودان، الجمعة، إن مدينة الأبيض، حاضرة شمال كردفان، تعاني من حصار من جميع الجهات بقوات عسكرية (لم تحدد انتماءها لأي من طرفي الصراع)، ما أدى إلى تدهور الوضع المعيشي والصحي لمواطني المدينة.
ومنذ اندلاع الاشتباكات في البلاد، لم يتوقف هجوم قوات الدعم السريع على الأبيض التي يسيطر عليها الجيش السوداني.
وقالت النقابة الطبية (غير حكومية) في بيان، إن “معظم المواد التموينية نفدت من الأسواق”، محذرة من “كارثة غذائية وشيكة إذا لم يتم إيصال المواد الغذائية”.
وأشارت إلى “سرقة مباني منظمة الغذاء العالمي، حيث تم سرقت المخازن وثلاث عربات تابعة للمنظمة وعربة وقود”.
وتناشد المنظمات الدولية باستمرار، وعلى رأسها الصليب الأحمر، طرفي الصراع بفتح ممرات آمنة لإنقاذ الوضع المعيشي والصحي للمدينة المحاصرة، وإيصال المواد الغذائية والمعينات الطبية.
الطبيب عبد العزيز عبد الله، قال للأناضول إن “الوضع الميداني داخل المستشفيات سيئ للغاية مع نقص الكوادر الصحية والإمداد الدوائي”.
وأشار إلى أن “الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي ونقص الماء أثر بصورة سلبية على الأوضاع”.
من جهته، قال آدم جبريل، أحد سكان الأبيض، إن “المدينة تعيش في ظلام دامس وانقطاع للمياه، مع نقص حاد في المواد الغذائية”.
وأوضح للأناضول أن “مستشفى الأبيض يعاني أيضا نقصا مريعا في الكوادر الطبية والإمداد الدوائي”.
مدينة أشباح
وفي ولاية غرب دارفور على الحدود مع تشاد، يظل الوضع الإنساني في مدينة الجنينة هو الأسوأ، خاصة بعد تعرضها لهجمات تسببت في تدمير البنية التحتية.
ويقول المواطن أبو بكر عثمان إن “الوضع الإنساني في المدينة أصبح كارثيا، والخدمات انهارت بشكل كامل”.
وأضاف للأناضول: “كأننا نعيش في مدينة أشباح بسبب انتشار المليشيات المسلحة التي تطلق الرصاص بشكل عشوائي”.
وأشار عثمان أن “الأمم المتحدة تسعى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدينة عبر تشاد”.
والخميس، وصفت نقابة الأطباء السودانية الوضع في الجنينة بأنه “وضع إنساني وأمني كارثي، حيث انهارت الخدمات منذ بداية مايو/ أيار الماضي”.
وقالت في بيان: “لم يعد في المدينة التي يسكنها نحو مليون شخص أي من أسباب الحياة، لا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا حتى اتصالات. فقد الناس كل ما يملكون وتخلى عنهم العالم وحرموا حتى من فرصة الخروج الآمن”.
وفي مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، يعيش السكان “أوضاعا مأساوية” بسبب استمرار الاشتباكات العسكرية.
ووصفت المواطنة آمنة عثمان الوضع في الفاشر بأنه “معقد للغاية، كما أصبحت المدينة طاردة للسكان مع استمرار تردي الخدمات”.
وأشارت في حديثها للأناضول أن “نيران المدفعية الثقيلة قرب السوق المركزية والمناطق الشرقية لم تتوقف، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء والمياه بشكل دائم”.
وأضافت آمنة: “مستشفى الفاشر يعاني نقصا حادا في الكوادر الصحية، والمرضى يفترشون الأرض”.
وتشهد الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 أبريل الماضي اشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إثر خلافات بينهما، خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في أحد أفقر دول العالم.