أخبار السياسة المحلية

السودان: صعوبات تواجه بعثة «يونتاميس» الأممية … وتقاطع بين الجيش والروس حول اختيار رئيسها

الخرطوم – صقر الجديان

 تواجه بعثة الأمم المتحدة السياسية والفنية «يونتاميس» المزمع انتشارها الشهر المقبل في السودان، صعوبات تتعلق بتعيين رئيسها الذي تتنافس عليه عدة شخصيات بينها فرنسي، لم يحظ بقبول المكون العسكري، الذي على ما يبدو ينسّق مع روسيا في اختياراته في هذا الشأن.
ياتي ذلك في وقت وصلت فيه إلى الخرطوم القائمة بأعمال بعثة «يونتاميس» ستيفاني كوري، حيث التقت آخر الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. الأخير أكد استعداد السودان للتعاون الكامل مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في البلاد «يونتاميس» عبر اللجنة الوطنية المنوطة بها مهمة التعامل مع البعثة، والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات السودانية ذات الاختصاص.

مهام البعثة

اللقاء تم بحضور رئيس اللجنة الوطنية للتنسيق مع «يونتاميس» السفير عمر الشيخ، الذي أوضح في تصريح صحافي، أن اللقاء «تناول مهام البعثة التي ستبدأ أعمالها في بداية شهر يناير/ كانون الثاني المقبل».
وبين أن «كوري أكدت خلال اللقاء استعداد الأمم المتحدة لتنفيذ الأهداف الاستراتيجية التي جاءت في قرار مجلس الأمن رقم (2524) والمتعلقة بدعم التحول السياسي، والعمل نحو الحكم الديمقراطي، وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان، والمساعدة الفنيّة في عمليات الانتخابات وصنع الدستور، بالإضافة للمساعدة في تحقيق وبناء السلام الشامل، وحشد الموارد الانمائية والاقتصادية لتنفيذ هذه الأهداف».
كوري أعربت «عن سعادتها بوصولها السودان» وأكدت «جاهزية الأمم المتحدة لدعم السودان في كل مراحل العملية الانتقالية السياسية».

تحفظ عسكري

وكشف مصدر مطلع  عن وجود تحفظ كبير من قبل المكون العسكري في مجلس السيادة، بما يخص البعثة على نقطتين أساسيتين.
وقال، دون كشف هويته، «المكون العسكري لديه شرط واضح أبلغ به مفاوضي الأمم المتحدة وهو ضرورة تنفيذ قرار خروج قوات يوناميد من دارفور حسب القرار الأممي، الذي نص على خروج يوناميد بالتزامن مع دخول بعثة الأمم المتحدة الفنية والسياسية».
وزاد «هم يرون أن هناك تلكوءا في هذا الاتجاه، ونحن عندما وافقنا على البعثة الأممية لأنها ستدخل وفق البند السادس بدون قوات عسكرية، وبشرط إخلاء السودان من القوات الأجنبية، ولكن هم يريدون الالتفاف بالإبقاء على قوات يوناميد. هذا التفاف على قرار مجلس الأمن، غير معلوم المقصد من ذلك»
في الموازاة، كشف السفير البريطاني لدى السودان، عرفان صديقي، عن وجه آخر لتأخر وصول بعثة «يونتاميس» إلى السودان، قائلاً إن «المكون العسكري يرفض المرشح الفرنسي لتولي رئاسة البعثة، كما يريد خروج يوناميد أولاً».
وكانت روسيا أيضا، قد اعترضت في مجلس الأمن على مرشح فرنسي لتولي رئاسة البعثة الأممية.

تراجع روسي

عرفان قال في حوار مع صحيفة محلية : «سمعنا لاحقا عن تراجع الروس عن موقفهم الرافض بعد توصلهم لاتفاق مع الفرنسيين، إلا أن الروس قالوا إن المكون العسكري في الحكومة السودانية يرفض المرشح الفرنسي، ولاحقا علمنا أن الحكومة السودانية قالت أنها لا تريد مناقشة ترشيحات رئاسة البعثة قبل انسحاب يوناميد، ونتيجة لهذا، هناك تأخير في تشكيل البعثة الجديدة».
وتابع «أقول إنه إذا أرادت الحكومة دعما لتنفيذ اتفاق السلام، فإن البعثة الأممية هي الآلية المناسبة، هل سيقومون بمساعدتها أم لا؟ سواء عبر تأخير خروج يوناميد أو تكوين يونتاميس، وبكل صراحة، لن تكون هناك مساعدة للحكومة السودانية إذا ظل موقفها إزاء البعثات الأممية بهذا الشكل».

دعم اتفاق شامل

وأضاف «لا يمكن كما أسلفت أن ندعم اتفاقا ليس شاملا، فمثلا إذا طلبت من حكومتي الصرف على تنفيذ أحد البنود، بعد ستة أشهر قد يحدث به تعديل بعد تعليقات أو مواقف الحلو ونور، لذلك بعد التوصل لاتفاق سلام شامل سندرس كيفية دعمه».
وشدد على أنه «من الصعب تمويل اتفاقية غير شاملة» لكنه أشار إلى أن «هنالك بنودا يمكن أن تنفذ دون الحاجة لصرف أموال كثيرة وتمويل خارجي، مثل المشاركة في الحكومة». وتابع «أما فيما يتصل بالأمن فهناك بعثة أممية معنية بحفظ الأمن في دارفور (يوناميد) ولديها موارد كثيرة مخصصة لهذا الشأن ولكن الحكومة السودانية تريد لها المغادرة، دون وجود تمويل آخر للسودان».
وأكد أن «تمويل بعثة يوناميد يمكن أن يساعد عملية السلام في مجالات التدريب والمراقبة مع توفر القدرة» مردفاً «السؤال هنا للحكومة والموقعين هل تريدون هذه المساعدة أم لا؟ ولكن الحكومة الآن تتحدث عن انسحاب كامل للبعثة وإنهاء انتدابها».

توصية بإنهاء «يوناميد»

وكان تقرير مشترك لمفوضية الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أوصى بإنهاء تفويض قوات حفظ السلام في دارفور «يوناميد» بنهاية الشهر المقبل، وأشار إلى أن إكمال عملية الانسحاب ربما قد تستغرق 6 أشهر. وحسب التقرير، الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى مجلس الأمن في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، فإن معدّيه أوصوا «بإنهاء ولاية العملية المختلطة بحلول 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020 وبلوغ كامل القدرة التشغيلية لوجود بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة خلال الفترة الانتقالية». وأشار التقرير الذي نشر موقع «سودان تربيون» مقتطفات منه، أن العملية المختلطة ستواصل دعمها لاتفاق السلام الموقع في جوبا والمساهمة في بناء القدرات.
وأضاف «تستغرق أعمال تنظيف البيئة وإزالة الآثار التي خلفتها البعثة المختلطة في دارفور وإعادة الموظفين والجنود وأفراد الشرطة إلى بلدانهم نحو 6 أشهر رهنا بتطورات جائحة كورونا وموسم الأمطار». وينتظر أن يصدر مجلس الأمن بناء على هذا التقرير قراره بسحب البعثة المشتركة من دارفور، برغم معارضة بعض الدول للخطوة في ظل استمرار المواجهات في جبل مرة بين الحكومة السودانية وحركة «تحرير السودان» بقيادة عبد الواحد نور.
وأشار التقرير الى أن عبد الواحد بدأ في حشد أصوات مناوئة لاتفاق السلام الموقع في جوبا داخل العديد من مخيمات النزوح، كما لفت إلى استمرار القتال الداخلي بين فصائل حركة عبد الواحد في العديد من مناطق جبل مرة ما أدى لمقل العشرات ونزوح آلاف المدنيين وحول تعيين رئيس البعثة الدولية الجديدة، كشف مصدر دبلوماسي في الخرطوم عن وجود صراع أوربي – روسي على من سيشغل المنصب. وقال المصدر لـ«لقدس العربي»: «روسيا رفضت المرشح الألماني لرئاسة البعثة السياسية الأممية يونيتاميس، تحت البند السادس في السودان».
وبين أن «رفضهم ترشيح الألماني فولكر بيرثيز، مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والألمانية ليكون رئيسا للبعثة، بالتنسيق من المكون العسكري في المجلس السيادي الانتقالي».

«يفتقر لدعم الجيش»

وسبق لروسيا والصين أن امتنعتا عن تأييد تعيين الدبلوماسي الفرنسي جان كريستوف بليارد، لرئاسة البعثة السياسية الأممية لدعم التحول الديمقراطي ومساندة عملية السلام في السودان، إلى جانب الدبلوماسي الجنوب أفريقي نيكولاس هاسيوم، المبعوث الخاص للأمم إلى السودان. وأوردت مجلة «فورين بوليسي» في 20 يوليو/ تموز الماضي أن روسيا والصين تقفان ضد تعيين بليارد على الرغم من الدعم الذي أبداه حمدوك للأخير ليتولى البعثة السياسية. وكتبت المجلة أن الدبلوماسي الفرنسي «اعترضت عليه الصين وروسيا لاحقا، على أساس أنه يفتقر إلى دعم الجيش السوداني». المصدر الدبلوماسي لفت إلى تنافس على هذه المهمة بين خمسة مرشحين حيث قدم أنطونيو غوتيريش خمسة مرشحين لرئاسة يونيتاميس، منهم ثلاثة أفارقة واثنان من أوروبا.
وقال «تضم القائمة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للقرن الأفريقي بارفيت أونانغا من الغابون، وكبير الموظفين في الاتحاد الأفريقي عبد الله ديوب من مالي، ومرشحا من النيجر هو إيشاتوا داودا، إلى جانب مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية فولكر بيرثيز، والدبلوماسي والسفير الإيطالي السابق في إثيوبيا غوسيبي مستريتا». وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر بالإجماع قرارين نصّ أحدهما على تشكيل بعثة سياسية في الخرطوم، تكون مهمتها دعم المرحلة الانتقالية في السودان، بينما القرار الثاني يمدد بعثة «يوناميد».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى