أخبار الاقتصاد المحلية

السودان على حافة الانهيار المالي: الدولار يتجاوز 3040 جنيهاً والأزمة تعصف بالاقتصاد والمواطن

الخرطوم – صقر الجديان

في تطوّر خطير يعكس عمق الأزمة الاقتصادية في السودان، قفز سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى أكثر من 3040 جنيهاً سودانياً، في أعلى مستوى تشهده البلاد على الإطلاق، مما يهدد بموجة غلاء طاحنة وانهيار شبه كامل للنظام المالي، في ظل استمرار الحرب وتزايد الإنفاق العسكري، وغياب أي حلول واقعية من الحكومة.

السوق الموازية تلتهم الجنيه والبنوك خارج المعادلة

تداولت الأسواق الموازية الدولار بأسعار تراوحت بين 3040 و3060 جنيهاً، بينما سجلت باقي العملات الأجنبية قفزات مشابهة، حيث بلغ سعر الريال السعودي 800 جنيهاً، والدرهم الإماراتي 817 جنيهاً، والجنيه الإسترليني 4000 جنيهاً، واليورو 3485 جنيهاً، والجنيه المصري 62 جنيهاً.

في المقابل، بقيت البنوك التجارية في موقع المتفرج، حيث حافظت على أسعار صرف ثابتة عند حدود 2250 جنيهاً للدولار لدى بنك فيصل، وهو ما وسّع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي إلى أكثر من 790 جنيهاً، في إشارة واضحة إلى فقدان الحكومة السيطرة على سوق العملات.

وأفاد تجار عملة أن الطلب على الدولار في تزايد مستمر، نتيجة احتياجات جهات حكومية ومستوردين ورجال أعمال وحتى أفراد، في وقت تعاني فيه البنوك من شح شديد في النقد الأجنبي، ما يعمّق الأزمة ويزيد من حدة المضاربات.

الإنفاق العسكري والتهريب ينهكان الاقتصاد

يرى خبراء الاقتصاد أن الانفلات في سعر الصرف يعكس الأزمة الهيكلية العميقة التي يعيشها الاقتصاد السوداني منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث يتم توجيه معظم موارد الدولة نحو الإنفاق العسكري، في حين تتراجع عائدات التصدير، وتستنزف القطاعات الخدمية دون تمويل كافٍ.

ووفق مصدر مصرفي، فإن البنوك تعاني من نزيف مستمر في العملات الأجنبية، بسبب ضعف العائد من صادرات الذهب والصمغ العربي، والتهريب الواسع الذي يحرم البلاد من حصيلة التصدير الحقيقية. وأشار إلى خروج تحويلات ضخمة من الجهاز المصرفي خلال الأسابيع الماضية، ما زاد من حدة الأزمة.

وفي محاولة لتدارك بعض الأزمات، وجه الفريق أول عبد الفتاح البرهان البنك المركزي بتوفير موارد من النقد الأجنبي لتغطية احتياجات قطاعي الكهرباء والمياه، إلا أن هذه الخطوة لم تُحدث تغييراً ملموساً حتى الآن، بسبب غياب السيولة الحقيقية، وازدياد الضغط على الموارد المحدودة.

مخاوف من انفجار اجتماعي وتهديدات إنسانية

حذّرت منظمات دولية وخبراء محليون من أن استمرار انهيار الجنيه سيقود إلى كارثة إنسانية، إذ بات الغلاء فوق طاقة الغالبية العظمى من المواطنين، مع توقعات بارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات بشكل متسارع.

وتواجه البلاد شحاً حاداً في الواردات الأساسية مثل القمح والوقود والأدوية، نتيجة عدم قدرة الدولة على تمويلها بالنقد الأجنبي. ويترافق هذا الوضع مع تصاعد في معدلات الفقر والجوع وسوء التغذية، خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب.

ويرى مراقبون أن السودان يتجه نحو انهيار شامل في البنية الاقتصادية إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لكبح نزيف العملة، وتحقيق الاستقرار المالي، وإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي، ووقف التهريب، وتوجيه موارد الدولة نحو الإنتاج والخدمات الأساسية بدلاً من الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى