السودان يترقب مكاسب تأسيس بورصة لتجارة المعادن
8.6 مليار دولار خسائر عدم الاستفادة من إنتاج الذهب بين 2014 و2018.
الخرطوم – صقر الجديان
اعتبرت أوساط اقتصادية سودانية أن تأسيس بورصة للذهب سيحقق مكاسب كبيرة تتجاوز عملية التسعير العادل للذهب إلى توفير أدوات مالية يتمكن عبرها بنك السودان من تنفيذ سياسته النقدية، وأيضا تنويع الاحتياطي من الأصول والعملات الأجنبية.
يترقب السودانيون بفارغ الصبر مكاسبة اعتماد بورصة محلية لتجارة الذهب كونها ستوفر فرصا للوقوف على أدوات مالية ذات قيمة وأمان وتسهل من جذب مدخرات السودانيين العاملين في الخارج.
وإلى جانب ذلك، ستساعد الخطوة على الاحتفاظ بالذهب داخل البلاد وتحارب التهريب بتطوير منظومة السوق عوضا عن التكلفة المرتفعة والجهد الكبير الذي يبذل في المعالجات الأمنية لمكافحة تهريب الذهب.
وكشفت الحكومة نهاية العام الماضي أن لديها خططا طموحة لتوطين صناعة الذهب والمجوهرات بالبلاد، في خطوة ترمي لدعم النقد الأجنبي في خزينة الدولة التي تعاني نقصا حادا في السيولة.
محمد الناير: الإسراع في تأسيس البورصة سيوقف استنزاف موارد البلاد
لكن خطوة تأسيس بورصة للذهب تسير بخطى بطيئة بالنظر إلى الظروف السياسية والاقتصادية المحيطة بهذا التمشي.
وكان مدير عام سلطة تنظيم أسواق المال شوقي عزمي قد قال في وقت سابق هذا العام إن “السودان شرع فعليا في تأسيس بورصة للذهب والمعادن الأخرى لأول مرة في تاريخه”.
ويأتي ذلك استجابة لقرار اتخذته الحكومة الانتقالية بإنشاء بورصة للذهب والمحصولات الزراعية ضمن مساع للسيطرة على الموارد الهامة والاستفادة من عائداتها.
ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى الخبير الاقتصادي حسين سليمان محمد أحمد قوله إن “إنشاء بورصة للمعادن في السودان يستفيد منه المنتجون والتجار والصاغة والوسطاء”.
ومن المتوقع أن يتم ضخ أموال ضخمة واستثمارات جديدة في مجال إنتاج الذهب وزيادة في حجم التمويل ودخول منتجين جدد في التعدين وإيجاد فرص للعمل من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص مع تحريك مفاصل الإنتاج الذي ينعكس على نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة دخل الأفراد.
ورهن سليمان ذلك بالتوظيف الأمثل لعائدات الذهب وربطها بالسياسات المالية والنقدية، مشيرا الى إمكانية دخول البنك المركزي كمشتر للذهب من خلال البورصة وذلك بهدف بناء احتياطي من الذهب.
ويؤكد سليمان أن الاقتصادات الناشئة والتي تضم البرازيل والهند وروسيا والصين وجنوب أفريقيا حققت نموا اقتصاديا ملحوظا وأن أكثر ما يميزه وجود احتياطي من الذهب.
ويؤثر تهريب الذهب في السودان الذي يحتل المرتبة الثانية في قارة أفريقيا على الاقتصاد العليل، خاصة وأن البلد لديه مشكلة في توفير العملات الأجنبية مما يعني أن ثمة ثغرة في هذا المورد الضخم.
ويربط خبراء تأسيس بورصة الذهب بتطوير قطاع الإنتاج التقليدي وتحويله إلى مجال منظم مع توفير الخدمات وتخفيض الرسوم المفروضة عليه.
كما أن تطوير “مصفاة الخرطوم للذهب” التي افتتحت في 2015 ورفع معايير التصفية، وتأسيس مخازن خاصة للاحتفاظ بالمنتجات الذهبية مسجلة، بعد معالجة المعدن في المصفاة وتحويله إلى سبائك أو نقود معدنية أو غيرها، ستساعد على تنمية القطاع.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن الإسراع في تنفيذ مشروع بورصة الذهب له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد السوداني وأن تأخر قيامه يؤدي إلى نزيف في موارد البلاد. ويعتقد أن الضرورة تقتضي بناء احتياطات من الذهب في المرحلة القادمة يكون بمثابة صمام أمان يتم من خلاله القضاء على السوق الموازي للنقد الأجنبي بصورة أساسية.
وقال الناير إن “الذهب هو صمام أمان للعملة الوطنية خاصة بعد التغييرات الإقليمية والعالمية والحرب الروسية – الأوكرانية حيث سيكون الذهب الملاذ الآمن وسيحقق استقرار قيمة العملات في دول العالم”.
ويقدر إنتاج السودان المعلن أكثر من مئة طن، لكنه تراجع ولا توجد إحصائيات دقيقة ولكن الأرقام تستند على الكميات المصدرة والتي تتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين طنا بينما يضيع ثلثي عائدات الذهب نتيجة للتهريب.
93
ألف طن متوسط حجم إنتاج الذهب خلال السنوات الخمس الأخيرة وهذا الرقم يجعل السودان ثالث أكبر منتج في أفريقيا
وكان السودان قد أنتج ما يقدر بنحو 93 ألف طن من الذهب في المتوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة وهذا الرقم يجعل السودان ثالث أكبر منتج في أفريقيا بعد جنوب أفريقيا وغانا، وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
ويؤكد الناير أن البورصة ستسمح لتداول الذهب عبر شركات وساطة مؤهلة تعمل في مجال التداول وإلى إمكانية دخول البنك المركزي في الشراء عبر شركة وساطة تابعه لها ليس بهدف المتاجرة بالمعدن الأصفر أو بيع وشراء الذهب ولكن من أجل الاحتفاظ باحتياطي من الذهب طبقا للقرارات الصادرة من المركزي.
وأشار إلى أن قيام بورصة الذهب وترغيب كل المعدنين بالتعامل معه وجذب ذهب دول الجوار، سيقفز بالعائد من الصادرات من 1.5 مليار دولار إلى 5 مليارات دولار سنويا. وتشير الأرقام الصادرة عن المركزي ووزارة المعادن إلى فاقد كبير في عائدات الذهب وهو الفرق بين الإنتاج والتصدير الرسمي خلال السنوات الماضية.
وعلى سبيل المثال ففي 2014 قام المركزي بتصدير 30.4 طن، بينما الإنتاج الإجمالي كان 73.4 طن، وفي 2015 بلغت الكمية التي تم تصديرها 19.4 طن، بينما كان الإنتاج الإجمالي 82.3 طن.
أما في العام 2016 فقد بلغت كمية الذهب الذي تم تصديرها 26.9 طن، بينما بلغ الإنتاج الإجمالي 93.4 طن، وفي 2017 بلغت الصادرات 37.5 طن، بينما الإنتاج الإجمالي كان 107.3 أطنان، وفي 2018 تم تصدير 20.2 طن، بينما الإنتاج الإجمالي بلغ 93.6 طن.
وفي ضوء ذلك بلغت كمية الذهب التي فقدها السودان ولم يستفد من عائدات تصديرها خلال الفترة بين الفاصلة 2014 و2018 نحو 312.6 طن، بما يعادل 8.6 مليار دولار حسب متوسط سعر الذهب كل عام.