«الصحة العالمية»: النزاع قلّص الأطباء النفسيين في السودان إلى الثلث
بورتسودان – صقر الجديان
قالت منظمة الصحة العالمية، الخميس، إن النزاع المحتدم في السودان،تسبب في خفض عدد الأطباء النفسيين إلى الثلث، في وقت يعاني 22% من الأفراد في بيئات الصراع من مشاكل في الصحة العقلية.
ويعيش معظم السودانيين وسط ضغوط نفسية جراء النزوح واللجوء والعنف الذي يلاحقهم من أطراف الحرب، علاوة على نهب ممتلكاتهم، وتعطّل سبل العيش، وارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية، في بيان تلقته “شبكة صقر الجديان”، أن “المتخصصين في الصحة النفسية نادرون في السودان، حيث كان هناك 60 طبيبًا نفسيًا وفقًا لوزارة الصحة قبل اندلاع النزاع، ولم يتبقَّ الآن سوى 20 طبيبًا”.
وشددت المنظمة على صعوبة تأكيد عدد الأطباء ووظائف الخدمات في ظل تغيّر أرقام النزوح، كما أن البلدان المجاورة التي تستضيف اللاجئين، مثل تشاد، لا توجد فيها تقارير عن وجود أطباء نفسيين، فيما يوجد في جنوب السودان طبيبان فقط.
وأشارت إلى أن وجود 20 طبيبًا نفسيًا بما يعني طبيبًا لكل 2.5 مليون سوداني، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 25 طبيبًا لكل 100 ألف شخص.
ويُقدّر عدد النازحين داخليًا في السودان بـ11.3 مليون شخص، فيما عبر 3.2 مليون شخص الحدود إلى البلدان المجاورة بحثًا عن الأمان.
وذكر البيان أن تأثير النزاع على الصحة العقلية عميق وغير قابل للقياس، حيث يصعب وضع تقديرات واضحة لاحتياجات الصحة العقلية داخل السودان وبين اللاجئين، مشددًا على أن حجم الصدمة هائل.
وأضاف البيان: “شهد الناس عمليات قتل جماعي، وعانوا من العنف الجنسي، وفقدوا منازلهم وأراضيهم، وإحساسهم بالقدرة على التصرف”.
ونقلت منظمة الصحة العالمية قصص بعض من فروا إلى مدينة أدري شرقي تشاد، حيث تنتشر روايات عن الأسر المنقسمة.
وقالت المنظمة إن مسعديت، التي كانت تبلغ من العمر أربع سنوات، سارت مع والدتها وأشقائها السبعة إلى أدري، حيث مرّت فوق الجثث وشهدت إطلاق النار على شقيقها البالغ 11 عامًا وإصابته.
وأفادت والدتها، علياء نور، بأن الرحلة لم تفارق الأطفال حتى بعد مرور عام، موضحة: “يصابون بالرعب بسهولة. في كل مرة تمطر أو يسمعون صوتًا عاليًا، يشعر أطفالي الأصغر سنًا بالخوف الشديد ويبدأون في البكاء”.
وذكرت المنظمة أن الوافدين الجدد إلى مخيم اللجوء في أدري يصلون في حالة احتياج واضحة.
ومن بين الواصلين حديثًا امرأة تنادي بصوت غير متماسك، ويبدو وجهها وشعرها وكأنهما لم يغسلا منذ شهور، فيما يهمس الناس من حولها: “إنها تعاني من مشكلة عقلية”.
وأكد البيان أن احتياجات الصحة النفسية تُشكل جزءًا من استجابة منظمة الصحة العالمية، ويشمل ذلك تدريب العاملين الصحيين على الوعي النفسي ومهارات الاستماع المتعاطف، وتوفير الإمدادات النفسية.
وقال المدير الإقليمي لحالات الطوارئ الصحية في المنظمة، ريتشارد برينان، إن حوالي 22% من الأفراد في بيئات الصراع يعانون من مشاكل في الصحة العقلية.
ولا شك أن فقدان اليقين بالمستقبل يُفاقم وضع السودانيين النفسي، في ظل إصرار أطراف النزاع على إنهاءه بالقوة العسكرية، رغم أن إطالة أمده تعقّد الوضع وتُقوّض قدرة الدولة على البقاء.