الصومال يتنفس الصعداء.. انتقال سلمي طال انتظاره
مقديشو – صقر الجديان
طوى الصومال صفحة طويلة من كتاب أزمته السياسية، بانتخاب رئيس جديد للبلاد، في ظروف ديمقراطية غير مسبوقة، سبقتها عثرات كبيرة.
وأعادت نتائج الانتخابات الصومالية الرئيس السابق حسن شيخ محمود إلى سدة الرئاسة في الاقتراع الذي جرى أمس الأحد، حيث تغلب على الرئيس المنتهية ولايته، محمد عبدالله فرماجو؛ الذي جلب تمسكه بالسلطة هزات عنيفة للبلاد.
وفاز محمود البالغ من العمر 66 عاما والذي حكم الصومال من عام 2012 وحتى عام 2017 على فرماجو في جولة إعادة ثالثة، بأغلبية 214 صوتا مقابل 110 أصوات، كانت كافية لإسدال الستار على انتخابات طال انتظاره.
محطة انتخاب الرئيس كانت الأخيرة، في مسار انتخابات طويل ومعقد، طبعه التعثر على مدى عام كامل، تطلب فيه إكمال أعضاء غرفتي البرلمان الذين يصوتون على رئيس البلاد الكثير من الوقت.
عثرات فرماجو
واعترف الرئيس المنتهية ولايته منذ العام الماضي، بالهزيمة، في انتقال سلمي للسلطة يعزز المسار الديمقراطي المعقد في الصومال، وهنأ الرئيس الجديد حسن شيخ محمود، ووصف الانتخابات بالسلسة والسلمية.
لكن التهنئة التي غرد بها فرماجو على تويتر، تأتي بعد الكثير من الشد والجذب، والتدخل في الشأن الانتخابي، والصراع على تعيين القيادات الأمنية، وفق بيانات زعماء المعارضة بالصومال.
من جانبه قال الرئيس الجديد: “لا يمكننا أن ننسى الماضي المؤلم ولكن يمكننا أن نسامح… هنا في هذه القاعة سلمت الرئاسة إلى محمد (فرماجو) في عام 2017 وسلمها هو لي الليلة”.
احتفال حتى الصباح
واحتفل الصوماليون بعبور محطة انتخاب الرئيس، وأطلقوا العنان للأعيرة النارية، في أول رصاص لا يسقط ضحايا، في بلد تتعاوره الصراعات السياسية، وتسقط فيه حركة “الشباب” الإرهابية القتلى بشكل يكاد يكون شبه يومي.
وقال حساب باسم “بشير ابن الصومال” على تويتر، معلقا على مقطع فيديو: “أنصار الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود يتطاهرون فرحا وابتهاجا بفوزه في شوارع العاصمة مقديشو بعد منتصف الليلة الماضية، التي كانت ليلة لم تعرف العاصمة النوم”.
وأضاف في التغريدة نفسها: “فرماجو حاول كل الطرق لعرقلة الانتخابات، لكنه في الأخير انصاع لضغط الأحزاب السياسية والمجتمع الدولي”.
أما الطبيبة والناشطة الصومالية هبة شكري فكتبت: “من يعلم ما مرت به البلاد طوال 30 عاما وخصوصا في آخر سنة، يعرف قيمة هذه الصورة؛ (مصافحة فرماجو للرئيس المنتخب) حيث رئيس سابق يسلم لاحقا، وغرماء سياسيين ينتصرون على بعضهم عبر الصناديق.. وهذه لعمري لوحدها تكفي”.
وعلق عبدالله الخليفة، وهو محام وناشط صومالي، قائلا: “صمود الأمة الصومالية لا مثيل له. في مواجهة الانقسام وعدم الاستقرار ، اختار الصومال والصوماليون مرة أخرى السلام والديمقراطية. لم يخسر أحد ، لقد خرج كل الصوماليين منتصرين”.
مرحلة جديدة وتحديات
ويقع على عاتق الرئيس المنتخب حسن شيخ محمود، عبء كبير، لعل أبرزه تحدي الإرهاب، وخاصة مواجهة مليشيات حركة “الشباب” المرتبطة بتنظيم القاعدة، وضبط الساحة السياسية، بالتعامل المتوازن مع أصحاب النفوذ السياسي بالولايات الفيدرالية.
ويُنسب لحسن شيخ محمود الفضل في طرد حركة “الشباب”، الإرهابية من بعض البلدات حينمت كان رئيسا، لكنه فشل في توجيه ضربة قاصمة لعناصرها الذين يسيطرون الآن على مناطق من الصومال ويقومون بعمليات ابتزاز وقتل يومية.
كما ينتظر أن يركز الرئيس الجديد على الاستحقاقات الاقتصادية؛ وبالأخص ضمان استمرار برنامج صندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 400 مليون دولار، للرفع من مستوى الوضع المعيشي للسكان.
وعلى عاتق حسن شيخ محمود، إعادة ترتيب العلاقات الصومالية في المنطقة والعالم، خصوصا في المحيط العربي، والأفريقي، الذي شابته على عهد فرماجو، الكثير من الأخطاء، وفق محللين ومتابعين للشأن الصومالي.