الظلام يجعل أدمغتنا تعمل بصورة مختلفة
يعتبر الخوف من العتمة (رهاب الظلام)، من أنواع الرهاب الواسعة الانتشار في العالم. ويعتقد الشخص الذي يعاني منه وجود شخص آخر معه في المنزل، والأشياء المحيطة به تتخذ أشكالا مخيفة.
فما هو هذا الرهاب، ومتى ظهر؟ قرر باحثون من أستراليا دراسة هذه المسألة بالتفصيل، واكتشفوا آلية في الدماغ، يمكن أن تفسر ردود الفعل غير العقلانية لدى الكثيرين في الظلام.
واتضح للباحثين من تحليل نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لـ 23 شخصا، التي جرت في ظروف إضاءة معتدلة (100 لوكس) ومنخفضة “10 لوكس) وأقل من لوكس. أن الإضاءة المعتدلة، سببت انخفاضا حادا في نشاط اللوزة الدماغية “الجسم اللوزي”، التي تلعب دورا أساسيا في تكوين المشاعر وخاصة الخوف. أما الإضاءة الضعيفةـ فسببت انخفاضا طفيفا في نشاط هذه المنطقة مقارنة بالإضاءة المعتدلة.
ومقارنة بفترة الظلام ، عندما كانت الإضاءة معتدلة أو ضعيفة، ارتفع “الاتصال الوظيفي” بين اللوزة وقشرة الفص الجبهي، المرتبط بمعالجة الاستجابة العاطفية للإنسان. أي أن الإضاءة الجيدة تساعد على معالجة العواطف بعقلانية. وحتى إذا كان الشخص في حالة هلع وعصبية، فإن دماغه يتفاعل مع هذه العواطف في وضح النهار أفضل مما في الظلام.
ويشير الباحثون، إلى أنه لا يمكن أن تمر ملايين السنين على تطور الفقاريات دون أن تترك أثرا، فربما ورثنا من أسلافنا القدامى الخوف من الحيوانات المفترسة التي تصطاد في الليل. لأن الخوف هو رد فعل دفاعي. كما أن مستوى الإضاءة وكذلك تداور الليل والنهار، يؤثر في نشاط الدماغ.
ويشير الباحثون، إلى أنه يمكن التغلب على رهاب الظلام بالتحكم بمستوى الإضاءة. وهذا أمر منطقي، حيث يمكن باستخدام مصباح ليلي لإضاءة الزوايا المظلمة في الغرف. ولكن المهم أن نتائج هذه الدراسة أعطت الباحثين تصورات أفضل عما يجري في الدماغ عندما تكون الإضاءة ضعيفة.
ويعتقد العلماء، أن الخلايا العقدية الحساسة للضوء في شبكية العين ipRGC تلعب دورا مهما في هذه العمليات. لأنها تتفاعل بصورة مباشرة مع الضوء وترسل الإشارات إلى مختلف مناطق الدماغ. لذلك يخطط الباحثون مستقبلا لدراسة ارتباط هذه الخلايا باللوزة الدماغية، ما قد يساعد على ابتكار طرق جديدة لمكافحة الخوف غير العقلاني.