العلاقات المغربية الفلسطينية على ضوء بيان الديوان الملكي.
الرباط – صقر الجديان
لقد جدد بلاغ الديوان الملكي الصادر يوم 13 مارس 2023 في رده على مغالطات وتجاوزات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بشأن القضية الفلسطينية على التزام المملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نصره، بجهوده ومساعيه الدبلوماسية الحثيثة لخدمة القضية الفلسطينية التي تعد قضية محورية لدى السياسة الخارجية المغربية حيث يعتبرها جلالته القضية الوطنية الثانية بعد الوحدة الترابية للمملكة المغربية ولا يدخر جهدا لتسخير كل الجهود الدبلوماسية والإنسانية والسياسية لخدمتها.
وستظل القضية الفلسطينية في صلب اهتمامات صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، نصره الله، الذي يتبنى نهجا دبلوماسيا يتميز بالحكمة والرزانة من أجل تقديم كل أشكال الدعم والنصرة للقضية الفلسطينية والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني وتمكينه من عيش حياة كريمة.
فالمملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة، حفظة الله، ما فتئت تجدد تضامنها المطلق مع الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطيني، في المحافل الدولية والإقليمية، المبنية على الشرعية الدولية والمستندة إلى حل الدولتين المتوافق عليه من طرف المنتظم الدولي، والمفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية وتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في جو من الأمن والطمأنينة والسلام.
هذا التضامن والدعم المستمر والجاد للمملكة المغربية، للقضية الفلسطينية لا تحكمه أية أجندة سياسية، إضافة إلى تأكيد جلالة الملك ثبات مواقفه التي تبقى محط تقدير وإشادة دوليين، حيث تظل المملكة متشبثة بقناعتها بضرورة إيجاد تسوية دبلوماسية نهائية للقضية الفلسطينية كمدخل أساسي ومحوري لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وفق ما نصت عليه القرارات الدولية في هذا الشأن، لكونها قضية محورية في سلم أولويات المنتظم الدولي.
ومن هذا المنطلق، يحرص صاحب الجلالة، على بذل جهود حثيثة على المستوى السياسي والدبلوماسي والميداني من أجل دعم ومساندة الشعب الفلسطيني، وكذا من أجل الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف.
هذا وقد شكل البلاغ تجديد التزام الدبلوماسية المغربية المبدئي والصادق تدعمه إجراءات ميدانية ملموسة تلقى كل التقدير والإشادة من لدن القيادة والشعب الفلسطينيين والنأي بهذه القضية العادلة عن المزايدات السياسية العقيمة والحسابات الضيقة التي لا تخدمها في شيء.
لذلك فالبلاغ جاء ليؤكد على ضرورة احترام الاختصاصات الدستورية الممنوحة للمؤسسة الملكية في مجال السياسة الخارجية، التي لا تزال تعتبر المجال المحفوظ لجلالة الملك، نصره الله، فعلى الرغم من أن المشرع الدستوري المغربي حاول تنويع وتوسيع مجال التدخل في ميدان السياسة الخارجية عن طريق إشراك فاعلين آخرين في عملية صنع القرار الخارجية للمملكة المغربية، كالحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وهيئات ومنظمات المجتمع المدني، إلا أن المؤسسة الملكية تبقى الفاعل الأول وصاحب القرار الاخير في مجال صنع السياسة الخارجية المغربية، ومرد ذلك إلى الإختصاصات الواسعة التي منحها دستور المملكة لسنة 2011.
وعلى جانب آخر، فقد جاء البلاغ الملكي ليشدد على أن التوجهات الاستراتيجية الكبرى في السياسة الخارجية للمملكة المغربية، لا يمكن للأحزاب السياسية أن توجهها وفق منطلقاتها الايديولوجية، وإنما تندرج في إطار استمرارية المملكة التفاعل مع مختلف المجالات الدولية سواء كانت ذات بعد جهوي أو دولي، وتكريسها على مستوى البناء الدستوري، ترسمها المؤسسة الملكية وفق ما ينص عليه الدستور المغربي لسنة 2011.
فالمملكة المغربية كانت لها دائماً علاقات مهمة ومتميزة مع شركائها من أجل خلق آليات دعم السلام والأمن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وهذه العلاقات ستنعكس بشكل إيجابي على تطورات القضية الفلسطينية باعتبار أنها ستدخل مرحلة براغماتية من أجل حل الدولتين ووضع أسس استراتيجية كبيرة من أجل خلق عملية سلام شاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ولذلك شدد الديوان الملكي في بلاغه الأخير على حصرية وسيادية السياسة الخارجية وكونها مجال حصري ومحفوظ للملك، فهذه أول مرة يتم الحديث عبر بلاغ للديوان الملكي على أن هذه الحصرية ليست مجرد تقليد وإنما هو اختصاص دستوري منظم بوثيقة دستورية.