الغارديان: فيلم لـ”بي بي سي” عن ضرب وتقييد أطفال الخلاوي القرآنية في السودان ـ (فيديو)
الخرطوم – صقر الجديان
كشف تحقيق لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن انتهاكات للأطفال الذين يتعلمون القرآن في الخلاوي بالسودان.
وعلى مدى عامين سجل التحقيق صورا عن تقييد الأطفال وجلدهم بالسياط وسجنهم عقابا لهم على ارتكاب مخالفات في الخلاوي التي تعلم القرآن منذ مئات السنين.
وفي تقرير لفتح الرحمن الحمداني نشرته صحيفة “الغارديان” عن البرنامج المتوفر الآن على موقع “بي بي سي عربي” ونشرته صحيفة “الغارديان”، قال فيه إنه علم في نيسان/إبريل وبعد عمل استقصائي سري في طريقة عمل الخلاوي أن زياراته لها يجب أن تتزامن مع الصلاة.
في مرة دخل خلوة في ضواحي الخرطوم عندما كان الشيخ وتلامذته منشغلين بالصلاة إلى غرفة سمع فيها قعقعة القيود مربوطة على رجل طفل. وجلس خلفهم وأخذ يصور. وبدأ بالتحقيق في مزاعم انتهاكات داخل المدارس القرآنية ووجد أن الأطفال كانوا يقيدون بالسلاسل ويضربون وزعم بعضهم تعرضه للانتهاك الجنسي. والخلاوي معروفة بالسودان منذ قرون وهناك أكثر من 300.000 واحدة منها حول السودان ويتعلم فيها الأطفال طريقة حفظ القرآن. ويديرها شيوخ يقدمون الطعام والشراب والمسكن مجانا.
وعادة ما ترسل العائلات الفقيرة أبناءها إلى هذه الخلاوي بدلا من المدارس الحكومية. وبدأ في عام 2018 تحقيقا زار فيه 23 خلوة حول السودان.
وقبل وصول المعدات المناسبة للتصوير من بي بي سي استخدم هاتفه النقال الذي كان يخبئه في دفتر ملاحظاته لتصوير التجاوزات في الخلاوي. ومع أنه تعلم في الخلوة نفسه إلا أن شعر بالصدمة لما رآه من تعرض الأطفال للتعذيب والضرب والتقييد في السلاسل كالحيوانات. وأخبره طفل بدت الجراح المفتوحة حول كاحله أنهم يقيدون أحيانا “ستة أو سبعة مع بعضنا البعض. ويطلبون منا (المشايخ) الجري بشكل دائري وعندما يسقط منا واحد يجب أن نقوم ونواصل الجري لأن السوط يلاحقنا. ويقولون هذا جيد لنا”. ومن التجارب السيئة التي سجلها واحدة عندما زار في 2018 خلوة أحمد حنفي الشيخ المحترم في دارفور حيث ضرب أطفال في غرفة سقفها من التنك وتلقى كل واحد منهم 30 جلدة. وكان الصوت الوحيد في الغرفة الحارة هي صوت السوط والأطفال الباكين والخائفين. و”كنت أريد الإمساك بالسوط وضرب الشيخ، مع أنني أعرف أنني لا أستطيع. وعندما اتصلت مع المدرسة اعترف الشيخ بأنهم يضربون الأطفال ولكنه أنكر هذا الحادث”.
وسجل الحمداني حالة الولدين محمد نادر وإسماعيل، 14 عاما، حيث زارهما في المستشفى وكانا نائمين على بطنيهما وغائبين عن الوعي حيث تعرضا للضرب المبرح وقاربا على الموت. وقال والد محمد نادر: “تركوهما في الغرفة لمدة خمسة أيام بدون طعام أو شراب”، وأضاف أنهم “دهنوا جسدهما بالقطران وضرب محمد نادر بشكل مبرح لدرجة ظهر عظم ظهره”. ويقول الحمداني إنه صور في نفس الخلوة وهي “الخلفاء الراشدون” والتي يديرها الشيخ حسين. ولاحظ أن الظروف فيها سيئة جدا. ومعظم الأطفال كانوا في القيود ويحوم الأساتذة حولهم بالسياط استعدادا لأي خطأ.
وأشار طفل إلى غرفة بنوافذ محصنة قال إنها سجن وهي نفس الغرفة التي عذب فيها إسماعيل ومحمد نادر. وكان التعذيب والسجن عقابا لهما كما أخبرا الصحافي لاحقا على محاولتهما الهرب. وقال محمد نادر: “قيدونا ووضعوني على بطني وبدأوا بجلدي”. وقال إن الضرب استمر لأيام وشارك فيه الكثيرون و”بعد ذلك لا أتذكر ما حدث حيث استفقت في المستشفى”. ووجهت الشرطة لأستاذين في الخلوة اتهامات ولكن تم الإفراج عنهما لاحقا بكفالة. وزعم محمد نادر أن هناك حالات اغتصاب خاصة للضعاف والصغار من الأطفال. ولم يتعرض لا نادر أو إسماعيل للاغتصاب ولكن هناك حالات حدثت في ظل إدارة الشيخ حسين.
وعندما زار الخلوة اعترف الشيخ بخطأ ضرب الأطفال وأن تقييد الأطفال هو من أجل منفعتهم، مضيفا أن كل الخلاوي تستخدم التقييد. وأكد أنه وقف التقييد والضرب وتحول “السجن” إلى مخزن. وعندما سأله عن حالات اغتصاب نفى بشدة المزاعم واتهم الصحافي بالهجوم على القرآن. ومات الشيخ حسين هذا العام في حادث سيارة. وتقوم الحكومة الانتقالية بدراسة مسحية للخلاوي وأكد وزير الشؤون الدينية نصر الدين مفرح أنه سيتم إصلاحها وسيمنع الضرب والتقييد وأي انتهاكات لحقوق الإنسان. واتهم النظام السابق بأنه لم ينظم الخلاوي و”لا أستطيع حل مشكلة تسبب بها النظام القديم على مدى 30 عاما في ليلة وضحاها”. وقررت عائلة محمد نادر تقديم اتهامات ضد المدرسين، واستعانت بمحام للدفاع عنها. ولكن المحاكمة أجلت أكثر من مرة ولم يحضر أحد المتهمين فيما رفض متهم آخر الاعتراف بذنبه. وبعد وفاة الشيخ حسين يدير الخلوة شقيقه الذي قال إن الضرب لن يتم التسامح معه منذ الآن.