أخبار السياسة المحلية

الفاشر.. مدينة «السلاطين» و«المعادن» تعيش أسوأ كوابيسها

الفاشر – صقر الجديان

كرة اللهب تتدحرج نحو الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، في ظل تطويق طرفي الصراع المدينة من كافة الجهات لحسم القتال.

ويتزامن القتال بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع حول مدينة الفاشر مع موجة نزوح كبيرة، وأزمة إنسانية بالغة التعقيد.

خارطة طريق إماراتية شاملة لإنهاء أزمة «الفاشر» شمال دارفور
والفاشر هي آخر مدينة كبرى بإقليم دارفور الشاسع بغرب السودان لا تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع.

واجتاحت قوات “الدعم السريع” 4 عواصم ولايات أخرى في منطقة دارفور العام الماضي، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية، في ظل شح الغذاء والدواء والماء.

وتسببت المواجهات العسكرية بالمنطقة في إطلاق تحذيرات من موجة عنف قبلي، وكارثة إنسانية تهدد نحو 1.6 مليون من السكان المتكدسين في عاصمة ولاية شمال دارفور.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

الوضع الميداني

وقالت مصادر عسكرية حسب ما نقلته ـ”العين الإخبارية” إن قوات “الدعم السريع” أحكمت حصارها على العاصمة الفاشر، من أجل اجتياحها.

وأضافت المصادر ذاتها أن قوات “الدعم السريع” حشدت قوات كبيرة وعتادا عسكريا ضخما من أجل السيطرة على الفاشر.

في الوقت نفسه، أبلغت مصادر عسكرية أخرى، “العين الإخبارية”، أن الجيش السوداني عزز الإمدادات العسكرية بما في ذلك الإنزال الجوي لقاعدته في المدينة.

وطبقا للمصادر ذاتها، فإن الجيش السوداني والحركات المسلحة الأخرى يحاولون السيطرة على الأوضاع وحماية الفاشر.

موقع استراتيجي

وتحتل مدينة الفاشر موقعا استراتيجيا في شمال دارفور، وتعتبر المدينة الكبيرة الوحيدة التي يمكن الوصول إليها من مدن شمال السودان إلى إقليم دارفور، لقربها الجغرافي من تلك المناطق.

وتعتبر الفاشر المدخل الوحيد لقوافل المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء بورتسودان على ساحل البحر الأحمر الذي يستقبل المساعدات الخارجية في الوقت الحالي.

موجة نزوح جماعي

وأعلن مسؤول بحكومة ولاية شمال دارفور نزوح 90 ألف مواطن إثر الاشتباكات التي اندلعت مؤخرا بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، في الفاشر والقرى المجاورة.

المسؤول ذاته أوضح لـ”العين الإخبارية” أن مجموعة النازحين هربت إلى مخيمات النزوح التي تعاني نقص المياه وتدهور أوضاع البيئة والغذاء ومواد الإيواء والحماية.

وقال المواطن السوداني أحمد عبدالله إن المعارك العنيفة بمدينة الفاشر تسببت في نزوح مجموعة كبيرة من المواطنين إلى خارج المدينة، هربا من العنف الجنوني.

وأوضح عبدالله لـ”العين الإخبارية” أن “الاشتباكات الحالية دمرت ما تبقى من الخدمات الضرورية في الكهرباء والمياه والمراكز الصحية”.

وأشار إلى أن الآلاف يعانون الجوع بسبب النقص الحاد في الغذاء، وعدم وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة بسبب الاشتباكات العسكرية المستمرة.

ونزح نحو نصف مليون شخص إلى الفاشر في أعقاب اندلاع الحرب بين طرفي النزاع في العاصمة الخرطوم في أبريل/نيسان 2023.

سوء التغذية

ومع تصاعد أعمال العنف في دارفور قالت المواطنة السودانية حليمة عبدالله إن الأطفال داخل مخيمات النزوح يعانون سوء التغذية الحاد والأوبئة بشكل يهدد حياتهم.

وأشارت حليمة، في حديثها لـ”العين الإخبارية”، إلى أن الأسر تعيش كارثة حقيقية بسبب الجوع والأمراض.

وأضافت أن “الأوضاع ستصبح كارثية حال استمرار المعارك في العاصمة الفاشر، باعتبار أن المدينة مكتظة بالنازحين الفارين من نيران الحرب في الولايات الأخرى غير الآمنة”.

ومنتصف الشهر الجاري توقعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أن يعاني نحو 4 ملايين طفل في السودان دون سن الخامسة سوء التغذية الحاد هذا العام، بمن في ذلك 730 ألف طفل سيعانون سوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدد حياتهم.

ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة توسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.

وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.

وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.

وبدأت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة، بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.

ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى