الفساد القطري والرجل “الثالث”.. ماذا وراء فضيحة الخليفي؟
تعد القضية الأبرز على الساحة الرياضية الدولية حاليا هي محاكمة رجل الأعمال القطري والوجه الأبرز للرياضة القطرية، ناصر الخليفي، المتهم في قضية فساد متعلقة بالحصول على حقوق بث تلفزيوني نهائيات كأس العالم 2026 و2030، لكنها أعادت الجدل مجددا بشأن كأس العالم 2022 الذي فازت به قطر عبر دفع رشاوى، بحسب تحقيقات سابقة.
وتعزز قصة الخليفي صورة قطر الدولية الغارقة في الفساد والرشوى من أجل تحقيق مآربها بعيدا عن المنافسة الشريفة، فيما تتساءل الأوساط الرياضية عن الرجل الثالث الذي لم يجر ذكر اسمه في المحاكمات، رغم ضلوعه بالقضية.
ويقول صحفيون رياضيون تحدثوا إلى “سكاي نيوز عربية” إن قضية الخليفي وكأس العالم مرتبطتان ببعضهم البعض، من ناحية الفساد، مشيرين إلى أن الأمر سيمتد إلى مزيد من الفضائح التي تطال الدوحة.
ويواجه الخليفي، رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي ومجموعة “بي إن” الإعلامية، وفالك الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، عقوبات بالسجن في قضية منح حقوق البث التلفزيوني لنهائيات كأس عام 2026 و 2030.
ورفض القضاء السويسري الذي يتولى القضية دفع المتهمين باعتبار أن الاتهامات “مسمومة”، وأكد استكمال إجراءات المحاكمة.
وفي حال إدانته وهو أمر مرجح بعد اعتراف فالك، سيواجه الخليفي في تهمة التحريض على سوء الإدارة، عقوبة سجن تصل إلى 5 سنوات.
وتتهم النيابة العامة الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الفرنسي جيروم فالك بالحصول من الخليفي على الاستخدام الحصري لفيلا فاخرة في سردينيا، مقابل دعمه في حصول شبكة “بي إن” على حقوق البث التلفزيوني المونديالين.
التداعيات
ويقول الإعلامي الرياضي، صبحي القبلاوي، إن القضية ستترك تداعيات كبيرة على قطر ومجموعتها الإعلامية “بي إن”. وقال إن هناك حديث حاليا عن فتح ملفات فساد أخرى مثل التنس ومراجعة العقود التي حصلت عليها المجموعة.
وهذا الأمر إن تحقق، فإنه سيلحق مزيدا من الأضرار الجسيمة بسمعة قطر.
وتوقع القبلاوي أن تلجأ قطر إلى نفس سيناريو محمد بن همام، أي الاعتذار والاعتكاف ثم الاستقالة، وربط ذلك بالكلام الذي يتردد حاليا عن احتمال ترشيح نيكولاي ساركوزي خلفا لناصر الخليفي.
ويرى الصحفي الرياضي، سامي عبد الإمام، في حديث إلى موقع “سكاي نيوز عربية” أنه يمكن أن تظهر مستقبلا قضايا أخرى في المواضيع ذاتها رغم كل الجهود التي تبذلها قطر بشتى الوسائل لغلق الباب أمام أية اتهامات جديدة، خاصة أن التحقيقات في قضايا الاتهامات لقطر و “بي إن” لم تقف عند حدود سويسرا بل امتدت للولايات المتحدة وفرنسا أيضا.
وإذا كانت قطر قد دفعت أموالا من أجل الحصول على حقوق البث التلفزيوني، فهو دليل إضافي على اتهامات الفساد التي تلاحق الدوحة بشأن استضافة كأس العالم عام 2022، بحسب عبد الإمام.
وبهذا تبدو وصمة الفساد قد سيطرت على سمعة قطر، بوصفها دولة لا تتحرك في المجال الدولي والفوز في المنافسات إلا بالرشوى والفساد.
الرجل الثالث
ومنذ بداية القضية في عام 2017، كان هناك اسم شخص ثالث فيها، لكنه لم يظهر حتى الآن.
وفاجأ الخليفي الجميع، عندما تجاوب مع القضاء السويسري بشكل سريع، في خطوة فهمت على أنها محاولة لإبعاد شبهة الفساد عن الأمير، خاصة بعد أن تساءل الادعاء السويسري لماذا اصطحب الخليفي فالكه لمقابلة أمير قطر تميم بن حمد قبل سنوات.
ويقول القبلاوي إن اللقاء بين فالك وأمير قطر تم في الأول من سبتمبر عام 2013.
و”بي إن” لا تتعامل كمؤسسة إعلامية خاصة سواء بطريقة عملها أو برأس المال الكبير الذي تمتلكه، وحتى بالدور الذي تلعبه لنيل المكاسب التنظيمية لقطر، ومن الواضح أن أموالها حكومية وتدار من أعلى سلطة في قطر، وليس من الخليفي نفسه، بحسب عبد الإمام.
ويضيف الصحفي الرياضي:” ولذلك من الطبيعي أن يكون وراء الخليفي شخصيات أكبر منه توجهه باتخاذ القرارات وتوفر له الدعم المالي سواء لشبكة القنوات التلفزيونية أو حتى نادي باريس سان جيرمان، لكن الخليفي يظهر بمظهر المسؤول لوحده ويتعرض للمساءلة والتحقيقات لوحده.
فساد مونديال 2022
ويقود مكتب المدعي العام المالي الفرنسي، والمتخصص في التحقيق في الجرائم المالية والفساد، تحقيقا منذ 2016 في عملية منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022.
وينظر المحققون في مخالفات محتملة تشمل فساد شخصي والتآمر واستغلال نفوذ.
وكان القرار الذي اتخذ في ديسمبر 2010 بمنح قطر حق استضافة كأس العالم قد فاجأ الكثيرين بسبب الافتقار للقاعدة الجماهيرية الكبيرة، إضافة لدرجات الحرارة المرتفعة في الصيف.
وفي مارس 2018، كشفت وثائق مسربة حصلت عليها صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية أن قطر دفعت “سرا” رشاوى بملايين الدولارات للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من أجل الحصول على استضافة مونديال 2022.
ولم يستبعد قبلاوي أن يتم أخذ إجراءات وليس فقط فتح ملف كأس العالم 2022، خاصة أنه لم يعد هناك مبرر لكي يبقى هذا الملف مغلقا، مشيرا إلى أنه بين المونديال ونيل حقوق البث بدون وجه حق شبكة مترابطة وخيوط متصلة.
وشبهة الفساد الرياضي لقطر لاحقتها منذ سنوات، ويقول عبد الإمام: “حامت الشبهات مبكرا حول فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 وفي مقدمتها التصويت الذي تم عام 2010 لاختيار منظمي بطولتين في وقت واحد وهو إجراء تم للمرة الأولى والأخيرة في تاريخ الفيفا الذي كان يعتمد اختيار منظم بطولة واحدة في كل مرة”.
وتابع: “وكان مستغربا اختيار منظم بطولة قبل 12 سنة من موعد إقامة البطولة، والاتهامات التي حامت على العديد من الشخصيات التي شاركت في التصويت من أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا”.
تقرير غارسيا
وكشف تقرير للمحقق الأميركي السابق، مايكل غارسيا، الذي نشره الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” كاملا، أن عددا كبيرا من أعضاء المكتب التنفيذي للفيفا عقدوا اجتماعات سرية مع أمير قطر السابق، حمد بن خليفة، أثناء الفترة التي سبقت التصويت على استضافة قطر لمونديال 2022
وأورد التقرير أن قواعد الفيفا تحظر تسليم أي هدايا لأي شخص في فترة عرض الملفات التي تترشح لتنظيم كأس العالم، وهو الأمر الذي خالفته قطر.
بحسب التقرير، فإن العلاقة بين السلطات في الدوحة وبعض أعضاء المكتب التنفيذي، أثارت الجدل قبل إعلان نتائج التصويت 2022.
وأوضح غارسيا، أن قطر والمسؤولين عن ملفها في الترشح للمونديال، لم يستوفوا المعايير المنصوص عليها، لاستضافة الحدث الرياضي الضخم.