الكشف عن تفاصيل جديدة بشأن أحداث النيل الأزرق
الخرطوم – صقر الجديان
كشفت وثائق رسمية تحصل عليها «سودان تربيون» بشأن الصراع القبلي الدائر بإقليم النيل الأزرق، جنوب شرقيِّ السودان، عن نزوح وتأثر 85 ألف شخص من سكان محافظة ود الماحي البالغ تعدادهم 106 ألف نسمة، بوقتٍ بدأ الجيش عملية تقييم للأوضاع الأمنية، وأرسل لجنة عسكرية لتقصي الحقائق في أحداث العنف بالإقليم.
وتجدد النزاع بمناطق ود الماحي في 13 أكتوبر الجاري، ليتخذ طرقاً عنيفة بعد أقل من أسبوع من تجدده، ما أدى لمقتل نحو 200 شخص على الأقل؛ وسط مخاوف من توسع رقعة المواجهات القبلية.
وقالت مفوضية العون الإنساني بإقليم النيل الأزرق في وثائق أرسلتها إلى حاكم الإقليم، الأحد، إن “إعداد النازحين والمتأثرين بالأحداث الأخيرة في ود الماحي يبلغ 85.765 شخصاً”.
وأشارت الوثائق، إلى أن الأحداث بود الماحي بدأت في المدن السكنية «1 و2 و3 و4» لـ”خلافات في الجروف التي تتبع لفرد في قرية أبو شندي جرى التعدي عليه من قبل أحد أطراف الصراع بمزرعته، قبل أن يستشري العنف ويصل المدينة 4 والمدن الأخرى”.
وأكدت المفوضية، وفقاً للوثائق، تسجيل عديد الحالات لحرق الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل داخل منازلهم، من دون أن تتمكن السُّلطات من دفن الجثامين، خاصة في المدينة 4 التي شهدت تعرض المحافظ عبد العزيز الأمين لإطلاق نار من قبل أحد أطراف النزاع.
وقالت الوثائق إن عدد القتلى الذين جرى حصرهم في المدينة 4 بلغ 157 شخصاً، إضافة إلى 98 جريحاً، بوقتٍ لم يتم انتشال رفات من قضوا بفعل الحرائق المتعمدة.
وأبانت الوثائق بأنه لم يجرْ حصر لضحايا المدينة 3 بسبب تواجد وانتشار أحد أطراف الصراع بالمنطقة، ما حال دون دخول القوات الأمنية.
وتحدثت الوثائق عن أن المتأثرين بالأحداث السابقة في إقليم النيل الأزرق في الفترة من 17 يوليو إلى 1 سبتمبر بلغ 15 ألف، كما نزح 34 ألف آخرين إلى الولايات الوسطى «سنار والجزيرة والنيل الأبيض».
واندلع الصراع في الإقليم الذي شهد في السابق حربا لا تزال آثارها ماثلة، بسبب خلافات حول مساعي الهوسا لتكوين نظارة أهلية، وهو أمر ترفضه مكونات الأنقسنا بدعوى أنهم أصحاب الأرض التاريخيين.
وقاد هذا النزاع الذي استمر لعدة أيام بعد منتصف يوليو وتجدد في أوائل سبتمبر إلى مقتل العشرات وتشريد المئات.
وتثير ملكية الأرض في السودان نزاعات مميتة، تنامت في السنوات الأخيرة بصورة باعثة على القلق، نتيجة الفراغ الأمني، والأزمة الاقتصادية، وتغيير المناخ، حيث تساهم الزراعة والغابات والثروة الحيوانية والسمكية بنسبة 26.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
لجنة جديدة
أعلنت القيادة العسكرية، الاثنين، تكوين لجنة لتقصّي الحقائق وتقييم الأوضاع الأمنية بإقليم النيل الأزرق.
وكشف المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد الركن نبيل عبد الله، عن تحرك لجنة لتقصّي الحقائق وتقييم الأوضاع الأمنية، نواحي الإقليم الذي يضم أحد أهم الفرق العسكرية بالمنطقة الشرقية.
وأشار طبقاً لوكالة السودان للأنباء، إلى أنَّ القيادة العسكرية أسندت قيادة اللجنة إلى نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات، الفريق الركن خالد عابدين الشامي، وعضوية ممثلين لوزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة.
وأمّن المتحدث باسم الجيش، على ما أورده «سودان تربيون»، الأحد، عن تعيين اللواء الركن ربيع عبد الله ادم، في منصب قائد منطقة النيل الأزرق العسكرية، ضمن محاولات جارية لاستعادة زمام الأمن في الإقليم.
وتجئ التحركات العسكرية، بعد يومٍ من التصعيد الدامي، وصلت خلاله أعمال العنف إلى مدينة الدمازين، أحد أهم حواضر الإقليم.
واستطاع محتجون، الأحد، اقتحام قاعدة رئيسة للجيش وتمكنوا من نهب أسلحة وذخائر، فيما عمد آخرين إلى حرق مقر الحكومة المحلية.
وتتكتم السُّلطات على حقائق الوضع في الإقليم، مع ارتفاع المخاوف من خروج الأوضاع عن السيطرة، في ظل تنامي ملحوظ لخطاب الكراهية والجهويات.
دعوات للتحقيق الدولي
وطالب مك قبيلة “الهمج” عبيد أبوشوتال بإجراء تحقيق دولي لمعرفة المتورطين في المجازر الدموية التي وقعت بمناطق واسعة من الإقليم.
ووصف في كلمة وجهها لمواطني الإقليم، الاثنين، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يجري بأنه “صراع أجندة سياسية ومصالح اقتصادية بغرض السيطرة على الموارد التي يتمتع بها الإقليم عبر افتعال النزاعات القبلية”.
ووصف ما يجري بأنه حرب إبادة جماعية، وتهجير قسري لمن ينعتهم بـ”السكان الأصليين” بغرض الاستيلاء على أراضيهم.
وأردف بحسم بأنهم لن يسمحون بحدوث ذلك.
وفي السياق، حذّر أبو شوتال، من انتشار كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة داخل أحد أحياء مدينة الدمازين، وأعاب على الأجهزة الأمنية عدم تحركها لجمع السلاح المنتشر على الرغم من إبلاغها.
قبل أن يوجه انتقادات لاذعة للحكومة المركزية لما يصفه بـ”صمتها وعدم تدخلها بالشكل المطلوب منذ بداية الأحداث”.
وقال: “ثلاثة أشهر والأبرياء يموتون والمركز صامت.. هذا أمر مؤسف”.
وأرسل القيادي الأهلي، اتهامات لعضو مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، بالاستحواذ على كل مكاسب اتفاق جوبا للسلام، داعياً الحكومة المركزية لإعادة النظر في الاتفاق، وحثَّ حاكم الإقليم أحمد العمدة على تقديم استقالته حفاظاً على أرواح المواطنين.
وتلاحق أبو شوتال، دعاوي بأنه أحد الفاعلين الرئيسين في الصراع الجاري بالإقليم.
وسبق أن منح زعيم قبيلة “الهمج”، الحكومة العسكرية، مهلة 48 ساعة لإقالة الحاكم.
وتتحدث الأنباء الواردة من الدمازين، الاثنين، عن سيادة حالة من الهدوء الحذر، بعد وصول تعزيزات عسكرية بهدف فرض الأمن، ونزع فتيل التوتر في النيل الأزرق.
إقرأ المزيد